الحدث

بروتوكولات الوقاية من كورونا قلّلت من التسممات الغذائية

بعد فرض إجراءات رقابة صارمة على المحلات وتأجيل الأعراس والولائم هذه الصائفة

 

عاد الحديث، مؤخرا تزامنا مع إعادة فتح الشواطئ وعودة المطاعم ومحلات الأكل السريع إلى النشاط، عن التسممات الغذائية، حيث تصنف هذه الأخيرة في خانة مشاكل الصحة العمومية التي تفتك سنويا بحوالي 6000 جزائري، استنادا لأرقام وزارة الصحة، حيث تحولت هذه الظاهرة إلى مثابة شبح يهدد صحة الجزائريين في فصل الصيف، بينما هذه السنة يتوقع المختصون انخفاضا في مستويات الظاهرة بسبب تأجيل الأعراس والولائم، وكذا بفعل الإجراءات الوقائية التي يتخذها الجزائريون للحماية من فيروس كورونا، والتي فرضت أيضا على أصحاب محلات الأكل السريع والمطاعم، وهو ما حسن من شروط عمل هذه الأخيرة، ما قد يكون له تأثيرات مباشرة على ظاهرة التسممات الغذائية.

محلات الفاست فود والمطاعم المتهم رقم واحد في التسممات الغذائية بالجزائر

وتعتبر محلات الإطعام السريع "الفاست فود" والمطاعم التي عادت إلى النشاط مؤخرا بعد حوالي ثلاثة أشهر من الغلق، بؤرة للإصابة بالتسممات الغذائية خلال فصل الصيف، إذ ومع كل العوامل الموجودة بهذه المحلات، قد يتعرض الأفراد للتسمم الغذائي في فصل الصيف نتيجة عرض بعض المنتجات الغذائية لأشعة الشمس الحارقة في أماكن البيع، أو عدم حفظها في شروط مناسبة للتبريد في مطاعم الأكل السريع، إذ كثيرا ما نصادف أصحاب المحلات يتركون منتجاتهم عرضة لأشعة الشمس والتلوث، على غرار الشاورما أو اللحوم التي يحضّرون بها الساندويتشات، إضافة إلى المشروبات التي تبقى في الكثير من الأحيان لأيام تحت أشعة الشمس قبل أن توضع في المبرد، وهو الوقت الذي يكفيها لأن تصاب بالتلف، ليقدم كل هذا بعد ذلك للزبائن والذين بدورهم لا يكترثون بهذه التفاصيل التي من شأنها إصابتهم بالتسمم الغذائي لا محالة. وإضافة إلى كل هذا، فإن المرطبات والعصائر، وكذا الأسماك والمصبرات والمايونيز والهريسة، من بين أكثر المواد عرضة للتلف السريع وأكثر المواد خطرا في فصل الصيف، بسبب تلفها السريع والتقاطها الجراثيم والميكروبات، خاصة مع غياب الثقافة الغذائية حول كيفية حفظ المواد الغذائية وتخزينها مثلا كطريقة تجميد وإذابة اللحوم، وكذا طريقة طهي اللحوم والدواجن والأسماك في المطاعم والمحلات، والتي تؤدي إلى أخطار كبيرة على صحة الأفراد.

ومن جهة أخرى، فإن الكثير من المطاعم ومحلات الأكل السريع في الجزائر لا تستجيب لأدنى المواصفات القانونية والصحية بشكل سليم وكما يقتضي الأمر، إذ يتهدد يوميا التسمم الغذائي صحة المستهلكين. 

وبعيدا عن أعين الرقابة، يلجأ أصحاب المطاعم ومحلات الوجبات السريعة إلى استغلال الوضع والعمل بهذه الطريقة الفوضوية دون أدنى اعتبار لصحة المستهلكين، فالعديد منها يستخدم أصحابها أدوات غير صحية في الطهي مع عدم الاهتمام بنظافة الأواني والمعدات، خصوصا السكاكين وألواح التقطيع والأسطح الملامسة للأغذية مباشرة والشوايات التي لا تنظف، ما يؤدي إلى انتشار وتكاثر الجراثيم والبكتيريا، كما يستعمل آخرون مواد غذائية قد تكون في الغالب فاسدة أو منتهية الصلاحية، وسط إقبال منقطع النظير للمواطنين الذين ساهموا في إنعاش بؤر التسممات الغذائية المنتشرة كالطفيليات عبر المطاعم ومحلات الفاست فود على وجه الخصوص.

التدابير الوقائية من فيروس كورونا فعالة أيضا في الوقاية من التسممات الغذائية

وفي الموضوع، أكد الأخصائي في أمراض الجهاز الهضمي، نور الدين بوديسة، أن ظاهرة التسممات الغذائية في الجزائر هي مشكلة صحة عمومية، مشيرا أن معظم حالات الإصابة بالتسمم الغذائي ناجمة عن انعدام شروط النظافة وعدم الحفاظ على المواد الغذائية بالطرق السليمة، وعدم احترام المعايير الصحية والقانونية لسلامة الأغذية، مشيرا أن للتسمم الغذائي مدلولا واسعا يستدل عليه ببعض الاضطرابات المعوية مع التقيؤ والإسهال أو كليهما، وارتفاع درجة الحرارة في بعض الأحيان، وقد تصاحبه اضطرابات عصبية أو فيزيولوجية. وقال بوديسة إن التسمم تختلف درجته بطبيعة المادة الغذائية التي تسببت في التسمم، مؤكدا أنه عادة التسمم الناتج عن تناول الخضر أو الفواكه غير المنظفة جيدا يتراوح بين المعتدل والمتوسط، غير أن التسمم الناتج عن تناول لحوم أو مشتقات حليب تكون تالفة يكون عادة خطيرا جدا، وقد تصل درجة خطورته إلى حد الموت، خاصة إن لم يتم التدخل طبيا بصفة سريعة، داعيا كل من يشعر بأعراض تسمم للإسراع إلى مصالح الاستعجالات التي قد تقوم بالإسعافات اللازمة، ليضيف ذات المتحدث أن التسمم الغذائي أصبح مقترنا بفصل الصيف، لذلك من الواجب على الأفراد اتخاذ تدابير الوقاية، وتجنب الأكل خارج البيت، وتوخي الحذر عند اقتناء المواد الغذائية، من خلال تفقد تاريخ انتهاء الصلاحية، لأن هناك الكثير من المواد الاستهلاكية الفاسدة التي يتم تسويقها عبر بعض الموزعين وشبكات السوق السوداء، مشيرا أن نفس التدابير الوقائية من فيروس كورونا منها غسل اليدين وتعقيم الأسطح بشكل دوري وغسل اليدين تعتبر فعالة أيضا للوقاية من التسممات، بالإضافة إلى قراءة صلاحية المنتجات الغذائية وعدم استهلاك أي منتج مشكوك في سلامته.

حريز: لهذه الأسباب قد نشهد صيفا بتسممات أقل هذه السنة

من جهته، وعن موضوع التسممات الغذائية في فصل الصيف، قال رئيس فدرالية حماية المستهلك إن غلق المطاعم ومحلات الفاست فود بسبب كورونا في الأسابيع الأولى من حلول فصل الصيف أخرت ظهور حالات التسمم، متوقعا تراجعا في نسبتها هذه السنة بسبب تأجيل أغلب الجزائريين للأعراس والحفلات بسبب فيروس كورونا، باعتبار أن الولائم هي الأخرى كانت سببا في إصابة الجزائريين بالتسممات.

من جانب آخر، قال حريز إن التدابير الوقائية التي بات يتبعها الجزائريون في إطار الحماية من فيروس كورونا وحتى أصحاب محلات الأكل السريع، قد تساهم أيضا في تقليل ظاهرة التسممات الغذائية هذا الصيف، زيادة على التأخر الطي سجل في إطلاق موسم الاصطياف الذي تم خلال الشهر الحالي فقط، ورغم ذلك يقول حريز يبقى الأمر مطروحا ووجب على المستهلك أخذ الحيطة والحذر، مؤكدا أن جمعيته تبادر، في كل مرة، بالتحذير عندما يتعلق الأمر بوجود منتج غير مطابق يهدد صحة المستهلك، أو التبليغ، معتبرا أن الحد من التسممات مرتبط أيضا بتكثيف الحملات التحسيسية التي ينبغي أن تتم وفق مخطط وطني وبتكاثف جهود أكثر من قطاع.

من نفس القسم الحدث