الحدث

الأزمة الاقتصادية تبعد الجزائريين عن أضحية العيد

فيما يبقى "الكريدي" حلا للكثيرين

 

لن يتمكن أكثر من نصف الجزائريين من اقتناء أضاحي العيد هذه السنة بسبب الأزمة التي تعيشها أغلب الأسر، فالوضع الراهن وتداعيات الأزمة الصحية على الجزائريين دفعت بالقدرة الشرائية نحو الانهيار، حيث يقدر خبراء نسبة التراجع المسجل في هذه الأخيرة منذ بداية أزمة كورونا بحوالي 30 بالمائة، ومع التوقعات الموجودة بغلاء أسعار الأضاحي لهذه السنة بسبب عدة عوامل، منها غلق أسواق الماشية، فإن أغلب الجزائريين سيحرمون من الأضحية.

 

تزامنا مع اقتراب عيد الأضحى تعيش أغلب الأسر الجزائرية أزمة مالية خانقة، بسبب تداعيات الأزمة الصحية على الاقتصاد وعلى أصحاب المهن الحرة والتجار والعاملين اليوميين، الذين عانوا لأكثر من 4 أشهر متتالية من توقف نشاطهم جراء الحجر الصحي، الذي لا يزال مفروضا عبر 29 ولاية.

وبسبب ذلك فقد تراجعت القدرة الشرائية بشكل محسوس منذ بداية السنة الجارية، حيث يقدر خبراء نسبة التراجع بحدود الـ30 بالمائة، وهو ما سيحول دون تمكن أغلب الأسر من تغطية التزاماتها المالية خاصة في المناسبات، منها عيد الأضحى الذي هو على الأبواب، حيث يتوقع أن لا يتمكن أكثر من نصف الجزائريين من اقتناء الأضحية هذا العام بسبب الوضع المالي وتراجع القدرة الشرائية، وكذا بسبب التوقعات التي تشير إلى غلاء الأضاحي هذه السنة لعدة عوامل، منها غلاء الأعلاف وتكاليف تربية الأضاحي في العديد من الولايات، وكذا تداعيات الأزمة الصحية على سوق المواشي وغلق الأخيرة احترازيا لمدة 15 يوما، وهو ما فتح المجال أمام السماسرة ووسطاء الأضاحي للمضاربة.

أسعار الأضاحي لن تكون في متناول الجزائريين

وعن أسعار الأضاحي هذه السنة، تشير التوقعات، قبل حوالي أسبوعين عن حلول العيد، أن هذه الأخيرة لن تكون في متناول عموم الجزائريين، وقد تشكل هذه الأسعار عبئا كبيرا على أصحاب الدخل المحدود والمتوسط، وهو ما قد يدفع هؤلاء للتخلي عن اقتناء الأضحية. 

وقد سبق وأشار ممثلو الموالين أن أسبابا عديدة قد تجعل الأسعار هذه السنة مرتفعة، منها غلاء وندرة أعلاف الكباش، وهو ما رفع من تكلفة تربية المواشي عبر أغلب الولايات السهبية، تضاف لها الأزمة الصحية التي كبدت الموالين خسائر كبيرة، بالإضافة إلى غلق أسواق المواشي احترازيا بسبب مخاوف من تحول هذه الأخيرة إلى بؤر لانتشار الوباء، وهو ما قد يفتح المجال أمام المضاربة والسمسرة بالأضاحي ويرفع الأسعار، وهو ما بدأ فعلا، حيث بدأ العديد من الوسطاء وسماسرة الأضاحي في تسويق أعداد كبيرة من خرفان العيد عبر المستودعات المغلقة ومواقع الأنترنت المتخصصة وصفحات الفايسبوك. 

وحسب ما يتم تداوله من أسعار، فإن هذه الأخيرة تعد جد مرتفعة ولا تتحملها ميزانية الأسر المتدنية، حيث يتراوح سعر الخرفان الصغيرة التي يقتنيها عادة محدودو الدخل بين 3 ملايين و5 ملايين سنتيم، في حين تصل أسعار الخرفان متوسطة الحجم إلى 8 ملايين سنتيم، وتتعدى أسعار الخرفان من الحجم الكبير الـ 11 مليون سنتيم، بينما تبقى هذه الأسعار أولية في ظل استمرار غلق أسواق المواشي، مع وجود احتمال أن ترتفع أكثر مع اقتراب العيد تبعا للعرض والطلب الموجودين في الأسواق.

30 بالمائة نسبة التدهور في القدرة الشرائية وميزانية أغلب الأسر لا تتحمل مصاريف المناسبات

وعن مدى تحمل القدرة الشرائية للجزائريين لمناسبة مثل عيد الأضحى والتكاليف التي تحتاجها في ظل الأزمة التي تعيشها أغلب الأسر، قال رئيس فدرالية حماية المستهلك، زكي حريز، في تصريح لـ"الرائد"، إن أزيد من نصف الجزائريين لن تسمح لهم إمكانياتهم باقتناء أضحية العيد، في حين أن جزءا من النصف المتبقي قد يقتنون الأضحية بـ"الكريدي". 

وقال حريز إن الوضع المالي صعب لأغلب الأسر بسبب الأزمة الصحية المستمرة منذ حوالي 4 أشهر، مضيفا أن الحجر الصحي الذي فرض على العمال اليوميين التوقف عن نشاطهم وعلى التجار أيضا والعديد من الحرفيين وأصحاب المهن، أثر على شريحة واسعة من الجزائريين الذين يعانون من تراجع قدرتهم الشرائية بحوالي 30 بالمائة، وهو ما لا يسمح لهم بتغطية أي تكاليف إضافية، فما بالك بتكاليف عيد الأضحى التي تصل في العموم إلى حدود 10 ملايين سنتيم بين الأضحية وباقي المستلزمات الخاصة بهذه المناسبة الدينية. 

وقال حريز إن العديد من الأسر حاليا تعيش على مساعدات الجمعيات الخيرية والمحسنين، وبالتالي لن تتمكن من اقتناء الأضحية، خاصة أن أغلب التوقعات تشير إلى ارتفاع أسعار المواشي هذه السنة، ما يحرم أغلب الجزائريين من العيد.

اقتناء الأضحية بالتقسيط لن يكون الحل

وعن احتمالية أن يكون اقتناء أضحية العيد بالتقسيط حلا للكثير من الجزائريين، قال حريز إن هذا الخيار يبقى لفئة محدودة من الأسر، فحتى اقتناء أضحية بالتقسيط يحتاج لدفعة أولى قد تصل إلى مليوني سنتيم، بينما أغلب الأضاحي التي تسوق حاليا بالتقسيط من طرف الوسطاء والسماسرة تفوق أسعارها الـ5 ملايين سنتيم، مضيفا أن المواليين وحسب ما رصده لن يتجهوا إلى هذه الصيغة إلا في حال تم تسجيل طلب منخفض جدا، كون أغلب الموالين تكبدوا خسائر كبيرة بسبب الأزمة الصحية وكذا بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف، وهو ما رفع تكلفة تربية المواشي بأغلب الولايات، ويجعل البيع بالتقسيط هذه السنة صفقة غير رابحة بالنسبة لهم.

من نفس القسم الحدث