الفريق أول شنقريحة يعبر عن ارتياحه لمستوى التعاون العسكري "الجزائري – الإيطالي"
- نشر في 02 أكتوبر 2024
بات العديد من مرضى كوفيد 19 يخفون إصابتهم بالوباء في الجزائر، خاصة من الأشخاص الذين لا تظهر عليهم الأعراض، والدافع عند البعض منهم خشيتهم من نظرة الناس والمحيطين بهم وتعرضهم للتنمر، بينما يفضل آخرون أن يتلقوا علاجهم خارج المستشفيات دون أن يخضعوا للحجر الصحي وتقييد حركتهم، وهو ما كان سببا مباشرا، حسب المختصين، في تزايد عدد الإصابات في الفترة الأخيرة.
يشير عدد من ممارسي الصحة العمومية أن هناك حالات عديدة لمرضى كوفيد 19 لا تظهر عليهم أعراض المرض يتم تسريحهم من المستشفيات التي تعرف، في الفترة الأخيرة، تشبعا كبيرا، على أن يمضوا تعهدا ببقائهم في المنزل والخضوع للحجر الصحي إلى غاية ظهور نتائج تحاليلهم سلبية، غير أن العديد من هؤلاء المرضى لا يطبقون هذه الشروط والتعليمات وباتوا يتجولون بين الناس بشكل عادي، معرضين حياة الآخرين للخطر، في حين هناك من المصابين بالوباء من يخفون أصلا حملهم للفيروس بسبب خوفهم من نظرة المحطين بهم، بعدما تحول الوباء إلى وصمة عار عند الكثيرين، وبات المصابون به يتعرضون للتنمر والسخرية والنبذ الاجتماعي، في حين يخفي آخرون إصابتهم بالمرض، ورغم ظهور الأعراض عليهم إلا أنهم يفضلون الاستشفاء الذاتي خوفا من المكوث في المستشفيات والخضوع للحجر الصحي هم وعائلاتهم.
وبلغ الأمر في حالات أخرى حد رفض الذهاب إلى المستشفيات أو العيادات للخضوع للفحوصات أو لإجراء التحاليل أو الأشعة عند ظهور بعض أعراض الإصابة، تجنبا لتبعات ذلك عليهم وعلى عائلاتهم، وهي كلها حالات وعوامل ساهمت في ارتفاع أعداد الإصابات، في الفترة الأخيرة، بينما تكشف عن تدني وتراجع الوعي عند الجزائريين الذين يبدو أنهم لم يفهموا معنى التعايش مع الوباء.
وعما يتعرض له مصابو فيروس كورونا من سخرية ونبذ اجتماعي، أكد الأستاذ في علم الاجتماع بجامعة الجزائر، الهادي سعدي، أن العديد من الجزائريين لم يتمكنوا من وضع حد فاصل بين الوقاية والتجريح والتنمر، فباتوا يتسببون في ضرر نفسي بليغ للمصابين بكورونا، إلى درجة أن من يصاب حاليا بالفيروس يخفي إصابته حتى على أقاربه والمحيطين به كي لا يتعرض للسخرية والتنمر والنبذ الاجتماعي، مؤكدا أن مرضى كوفيد 19 أصبحوا يعانون معاناة مرضى السيدا.
واعتبر سعدي أن هذه السلوكيات خطيرة وقد تتسبب في اضطرابات نفسية للمصابين بالفيروس تصل حد الاكتئاب الحاد، الذي يؤثر على مناعتهم بشكل خطير. وأكد سعدي أن سوء تعاطي المجتمع مع المرض وتحويله إلى تهمة تلاحق صاحبها حتى بعد الشفاء، ناجم عن غياب الوعي بين الجزائريين، مضيفا أن مثل هذه المعاملة لمرضى كورونا ستكون لها تأثيرات على العلاقات داخل المجتمع تمتد إلى ما بعد كورونا، وعداوة لن تزول بسهولة، ونحن الآن مطالبون بالتضامن والتلاحم أكثر ومساندة المريض بدل الابتعاد عنه، من خلال التطبيع النفسي لتقبل هذا الوباء داخل المجتمع والتعايش معه.
من جانب آخر، شدد سعدي على أهمية المرافقة النفسية للمرضى وأهمية التوعية الدينية حفاظا على العلاقات والصحة النفسية للمصابين، معتبرا أن الجانب النفسي مهم جدا في التكفل بالمرضى. كما أوضح أن إخفاء مرضى كورونا إصابتهم بالوباء خوفا من السخرية هو أمر خطير قد يتسبب في ارتفاع أكبر لعدد الإصابات، قائلا إنه على المرضى أنفسهم التحلي بالوعي وعدم الاكتراث بنظرة المحيطين بهم، مساهمة منهم في حصر الوباء والتخلص منه بالجزائر.
من جهته، لم ينف البروفيسور مصطفى خياطي وجود مصابين بفيروس كورونا خارج المستشفيات، مضيفا أن عددا من مصالح كوفيد 19 في عدد من المؤسسات الاستشفائية تعرف حالة تشبع كبيرة، وهو ما دفع بالقائمين عليها إلى عدم استقبال حالات جديدة، خاصة من الأشخاص المصابين بالمرض دون تعقيدات خطيرة، غير أنه تم إلزام هؤلاء بإمضاء تعهدات على أنفسهم بأن يلتزموا بالحجر الصحي ولا يغادروا منازلهم ويلتزموا بكل الشروط الوقائية حتى لا يكونوا مصدر عدوى لغيرهم.
وقال خياطي إن هناك مرضى التزموا من منطلق وعيهم بخطورة الأمر، غير أن هناك حالات أخفت إصابتها بالمرض حتى على أقرب الناس إليها، ويتجولون بين الناس بطريقة عادية، وهو ما قد يكون سببا في ارتفاع حالات الإصابة مؤخرا.
بالمقابل، قال خياطي إن هناك مصابون بأعراض المرض لا يقصدون المستشفيات أصلا للتشخيص، بل يتكتمون على إصابتهم أو يقصدون العيادات الخاصة خوفا من تداعيات إصابتهم عليهم وعلى عائلاتهم، وخوفا من الحجر الصحي والمكوث في المستشفيات طويلا، وهو الأمر الخطير الذي قد يتسبب في ارتفاع أكبر للإصابات بسبب غياب الوعي، مشيرا أن كل شخص قد يكون حاملا للفيروس بسبب وجود نسبة كبيرة من المصابين به لا تظهر عليهم الأعراض.
وبسبب غياب الوعي هناك من يعرفون إصابتهم بالوباء ويخفون ذلك، وهو الأخطر بكثير. وعن السخرية والتنمر التي يتعرض لها المصابون بالفيروس، قال خياطي إن الجانب النفسي لمريض كورونا هش ويتأثر بمختلف العوامل الخارجية، في مقدمتها العزلة الاجتماعية المفروضة عليه، مضيفا أن الإصابة بفيروس كورونا ليست عيبا ولا يجب التعامل مع المرضى بهذه الدونية وتحميلهم المسؤولية، كون الكثير من المرضى أكدوا التزامهم بكل التدابير الوقائية المعروفة ورغم ذلك أصيبوا بالعدوى، وبالتالي فإن المصاب ليس مسؤولا عن إصابته.