الحدث

أسراب من الناموس تغزو بيوت الجزائريين

في ظل التقصير الموجود في مصالح البلديات لتنظيم حملات للقضاء عليها

 

يتكرر مع حلول كل فصل صيف مشكل البعوض في أغلب ولايات الوطن، حيث عادت هذه الحشرة الصغيرة لتنغص حياة الجزائريين عبر العديد من الولايات، مع تجدد المخاوف بعودة البعوض النمر الذي يتسبب في مضاعفات خطيرة على صحة الإنسان، في وقت عجزت الجماعات المحلية في التقليل من حدة انتشار هذه الحشرة عبر غالبية الأحياء والتجمعات العمرانية، إذ لم تنجح حملات التنظيف وتطهير الفراغات الصحية، فضلا عن تجفيف منابع المياه الراكدة ورش المبيدات، في القضاء عليها، لتكون النتيجة ظهور نوع غريب عما ألفه المواطنون، حيث بات البعوض في 2020 مقاوما لكل أنواع المبيدات الحشرية.

 

عادت مختلف المدن والأحياء لتعرف هذه الأيام مع حلول فصل الصيف انتشارا كبيرا للبعوض أو "الناموس"، كما يسميه الجزائريون، إذ لم تفلح عمليات رش المبيدات في القضاء عليه، على خلاف السنوات السابقة حيث كانت السلطات تساهم في التقليل من حدة انتشاره، رغم تأخرها في كل مرة عن القيام بحملات القضاء على هذه الحشرة الناقلة للفيروسات. وأحدثت لسعات أنواع غريبة من "الناموس" لم يعهدها المواطنون هلعا في أوساطهم، في حين تجددت المخاوف بعودة ظهور البعوض النمر والذي عرفت الجزائر موجات منه في السنوات الماضية.

 

مواطنون يشتكون من ناموس مقاوم لكل المبيدات الحشرية

ورغم الشكاوى العديدة للمواطنين وتحذيراتهم من هذا الخطر، إلا أنهم يؤكدون أنهم لم يجدوا أية استجابة من السلطات، فلم تنظم حملات رش واسعة للمبيدات، ولم تفتح تحقيقات في نوعية البعوض المنتشر هذه الأيام والذي بات مقاوما للمبيدات الحشرية المنزلية، حيث باتت أغلب الأسر تصرف ميزانية هائلة على مختلف أنواع مبيدات البعوض لكن دون جدوى. 

وحسب ما أكده عدد من المواطنين لـ"الرائد"، فإن مشكلة الناموس في تزايد مستمر رغم أن العديد من الأحياء تعرف وضعية مقبولة في مجال النظافة، وهو ما يعني أن انتشار هذه الحشرة بات غير مرتبط بالنفايات، فيما تحدث آخرون عن مشكلة الفراغات الصحية التي تعرف تراكما للمياه، وانتشار الأعشاب الضارة، فيما يعتقد الكثير من سكان مختلف الأحياء بالعاصمة أن عدم قيام مصالح البلدية بمحاربة هذه الحشرات في وقت مبكر من السنة قبل تكاثرها وخروجها من يرقاتها، يعد من بين الأسباب أيضا، موضحين أن رش المبيدات خلال فصل الصيف أمر غير مفيد، وهو مضر للأطفال وكبار السن وكذا المصابين بأمراض تنفسية، حيث طالبوا بالقيام بهذه العملية خلال فصل الربيع وبطرق أقل ضررا على الصحة، مع ضرورة تنظيف أقبية العمارات.

 

مخاوف من موجة خطيرة من البعوض النمر خلال هذه الصائفة

وموازاة مع الانتشار الكبير للبعوض هذه الأيام بأغلب الأحياء والبلديات، تجددت المخاوف من موجة جديدة من بعوض النمر الخطير، حيث اشتكى المواطنون في عدة ولايات، منها العاصمة وبجاية، في الفترة الأخيرة، من عودة هذه الحشرة الخطيرة، ما جعل وزارة الصحة تطلق تحذيرا من موجة انتشار كبيرة لبعوضة النمر في بعض الولايات، وطالبت المسؤولين في قطاع الصحة بأخذ الاحتياطات والتدابير اللازمة والمعمول بها في هذا السياق منذ عام 2016.

وأرسلت وزارة الصحة والسكان تعليمة إلى عدد من الولايات، حذرت فيها من موجة كبيرة لبعوضة النمر الخطيرة، من الممكن أن تجتاح، خلال الأيام المقبلة، عددا من الولايات، بينها الطارف وعنابة وسكيكدة وجيجل، شرقي البلاد، والعاصمة الجزائرية وبومرداس وتيبازة والبليدة، وسط البلاد، وبجاية وتيزي وزو في منطقة القبائل. وهي نفس الولايات التي عرفت في السنوات الماضية انتشارا كبيرا لهذه البعوضة الخطير والتي تتسبب في مضاعفات خطيرة على جسم الإنسان خاصة الأطفال.

 

الناموس وكورونا... أي علاقة؟

من جانب آخر، فإن الانتشار الكبير للبعوض هذه السنة يأتي في ظل انتشار فيروس كورونا عالميا، وهو ما جعل الكثير من الجزائريين يطرحون تساؤلات عما إذا كان البعوض قادرا على نقل فيروس كورونا من شخص لآخر. وهو التساؤل الذي أجاب عنه الخبراء ومنظمة الصحة العالمية منذ أيام، حيث أكدت هذه الأخيرة أن فيروس كورونا "لا يمكن أن ينتقل عن طريق لدغات البعوض والحشرات"، مضيفة أنه "لا تتوفر حتى الآن أي معلومات أو دلائل توحي بأن فيروس كورونا يمكن أن ينتقل عبر البعوض". وجددت المنظمة الدولية التأكيد على أن أبرز طرق انتقال فيروس كورونا تكون من خلال الرذاذ التنفسي الذي يفرزه المصاب أثناء السعال أو العطس، أو عن طريق قطرات اللعاب أو إفرازات الأنف، مشيرة إلى أن الفيروسات التاجية، ومنها فيروس كورونا، لا تنتقل عبر الحشرات، بل من خلال إفرازات الجهاز التنفسي، ولا يوجد حتى الآن ما يثبت في علم الأوبئة أن الحشرات تنقل فيروس كورونا، سواء عبر اللدغ أو الوقوف على الأسطح.

 

خياطي: "الناموس" بات مشكل صحة عمومية

من جهتهم، لا ينكر الأخصائيون في الصحة العمومية الخطر الكبير الذي بات يشكله الانتشار الكبير للبعوض، ليس فقط في فصل الصيف وإنما في كل فصول السنة، حيث أكد البروفيسور مصطفى خياطي، في هذا الصدد، أن خطر البعوض يكمن في نقله لداء الملاريا الخطير، مشيرا إلى أن لعاب هذه الحشرة يتسبب في حساسية أحيانا تكون مفرطة.

وأبرز خياطي، في اتصال هاتفي مع "الرائد"، أن الناموس ليس هو المتسبب في حد ذاته في الأمراض ولا يشكل تهديدا للصحة العمومية، إنما هو ناقل لأنواع من الأمراض ومنها الخطيرة المسجلة في دول إفريقية حدودية كمالي والنيجر. ويرى المتحدث أن انتشار البعوض في الجزائر يعود إلى توفر البيئة المناسبة له، بأماكن تجمع النفايات والمياه الراكدة بالعمارات والأقبية، وحدائق المنازل وغيرها من البؤر التي يتكاثر فيها، مشيرا إلى أن الوقت المناسب لمحاربته يبدأ من شهر مارس وليس مع بداية فصل الصيف مثلما تقوم به بعض البلديات في الجزائر. وفيما يخص بعوض النمر، الذي يتحدث الكثير من سكان عدد من البلديات عن وجوده، فقد ذكر خياطي أنه سجلت بعض الأعراض المختلفة لاسيما عند الأطفال، لكن لم تجر هذه السنة أي دراسة أو تقارير علمية تثبت وجود هذه الحشرات لغاية الآن، مضيفا أن الحذر يبقى واجبا في حين أن الوقاية، يضيف خياطي، تعتبر الحلقة الأهم، حيث أن استعمال المواد الكيمياوية ليس أمرا جيدا بالنسبة للأطفال على وجه الخصوص ولابد من استخدام "الناموسيات" والاعتناء بالنظافة والقيام بحملات تنظيف ورش دورية، كما على الجماعات المحلية أن تقوم بمهامها قبل تكاثر البعوض باعتبار أنها تملك الإمكانيات اللازمة لذلك، يضيف ذات المتحدث.

من نفس القسم الحدث