الحدث

الجزائريون يدخلون مرحلة التعايش مع الوباء؟!

تراجع حالة الهلع وعودة تدريجية للحياة الطبيعية في انتظار رفع الحجر الصحي

يبدو أن العديد من الجزائريين قد بدأوا يتأقلمون ويتعايشون مع وباء كورونا، فرغم بقاء إجراءات الحجر الصحي مفروضة وارتفاع عدد الإصابات بالفيروس التاجي، إلا أن حالة الهلع والخوف تراجعت عند الكثير من المواطنين الذين استرجعوا حياتهم اليومية بشكل طبيعي. وفي وقت يعتبر مراقبون الأمر إيجابيا، هناك من يرى أن هذا التعايش يحمل من ورائه تهاونا ولا مبالاة من طرف البعض وعدم التقيد بالتدابير الوقائية، وهو ما سيجعل التخلص من أزمة كورونا يطول أمده.

 

تراجع حالة الهلع ومواطنون يعودون لممارسة حياتهم اليومية مع بعض القيود فقط

ورغم ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا منذ أكثر من أسبوعين متتاليين، إلا أنه يلاحظ على الجزائريين تراجع حالة القلق والهلع التي كان عدد كبير منهم يعيشها في بداية ظهور أول الحالات في الجزائر، كما أبان معظم الجزائريين هذه الأيام على تأقلم واضح مع الحجر الصحي الذي مازال مفروضا عبر ولايات الوطن بدرجات متفاوتة، في حين كسر كثيرون هذا الحجر وباتوا يخرجون في ساعات حظر التجوال ويصطحبون حتى أبناءهم الصغار في خرجات وسهرات ليلية، بينما تراجع تقيد البعض بالتدابير الوقائية على غرار لبس الكمامات واستعمال المطهرات والمعقمات. ومن الواضح أنهم بدأوا يتعودون على الوضع إلى درجة أن أحاديث الوباء وآخر التطورات وعدد الإصابات تراجعت في مجالس الجزائريين، وكأن كورونا بات غير موجود. 

من جانب آخر فقد استطاع أصحاب النشاطات التجارية المتوقفة أن يكيفوا نشاطهم وفق المعطيات الحالية، حيث لجأ بعضهم لممارسة نشاطهم سرا في حين وجد آخرون حيلا أخرى من أجل الاستمرار في النشاط.

 

عودة السخرية من الوباء عبر مواقع التواصل الاجتماعي

بالمقابل، تعرف مواقع التواصل الاجتماعي هي الأخرى تأقلما واضحا مع الوباء، حيث تراجعت بشكل كبير منشورات الجزائريين التي كانت ترصد أولا بأول آخر التطورات فيما يتعلق بعدد الإصابات ونسب الوفيات وأيضا آخر التطورات عالميا، وأخبار البحوث والدراسات الجديدة فيما يتعلق باللقاح، حيث عاد النشطاء مرة أخرى ليتداولوا مواضيع عامة واجتماعية وحتى أخبارا سياسية وأخرى فنية وترفيهية، فيما عادت السخرية من الوباء مرة أخرى، حيث يتم تداول عشرات الفيديوهات التي تسخر من تعاطي الجزائريين مع الوباء القاتل وصورا لطرائف الحجر الصحي لدى البعض.

 

خياطي: انخفاض نسبة الوفيات جعل الجزائريين يشعرون بنوع من الطمأنينة لكن احذروا

ويعتبر مختصون أن تراجع حدة الهلع والخوف عند الجزائريين من وباء كورونا يحمل شقين، شق إيجابي وشق سلبي. وفي هذا الصدد أكد البروفيسور مصطفي خياطي في تصريح لـ"الرائد"، أن انخفاض نسبة الوفيات منذ بداية رمضان جعل الجزائريين يشعرون بنوع من الطمأنينة، مضيفا أن ارتفاع عدد الإصابات لا يمثل خطرا بالنسبة لبعض المواطنين الذين أصابتهم حالة من الهلع في الفترة الماضية من عدد الوفيات التي كانت تحتل فيها الجزائر المرتبة الأولى في الوطن العربي. وقال خياطي إن التعايش مع الوضع الحالي الذي يظهر من خلال تراجع الهلع والخوف اللذين هما عاملان سلبيان يؤثران حتى على مناعة الأفراد هو أمر إيجابي، غير أن الأمر السلبي هو أن تفسر اللامبالاة والتهاون في تطبيق الحجر الصحي وتدابير الوقاية على أنها تعايش، مضيفا أن هذه الحالة من شأنها أن تعيد الجزائر إلى نقطة الصفر في مجال محاربة الداء. وقال خياطي إنه صحيح أن الوضع في الجزائر ولغاية الآن لا يدعو للقلق والهلع، إلا أن الحذر لا يزال مطلوبا وعلى الجزائريين التعايش إيجابيا مع الوباء وليس العكس، مشيرا أن تدابير الوقاية يجب أن تتحول إلى جزء من الممارسات اليومية للمواطن حتى يقي نفسه وعائلته من الفيروس.

 

سعدي: تعايش الجزائريين مع الوباء الآن سيسهل العودة للحياة الطبيعية بعد انتهاء الجائحة

من جهته، أكد الأستاذ في علم الاجتماع، الهادي سعدي، في تصريح لـ"الرائد"، أن تراجع حالة الخوف والهلع عند الجزائريين من وباء كورونا هو أمر إيجابي، معتبرا أن اتسام المناخ العام بحالة من الخوف والهلع له تأثيرات جد سلبية على الصحة النفسية والعقلية للأفراد، والتي لها علاقة مباشرة بالمناعة والصحة العضوية. وقال سعدى إن هناك بعض المواطنين دخلوا في مراحل متقدمة من الوسواس القهري بسبب الخوف المبالغ فيه من الإصابة بالفيروس، وهو ما أثر على صحتهم. وأضاف سعدي أن الجزائريين بدأوا يتأقلمون مع الوضع ويتعايشون مع الإجراءات المفروضة، مضيفا أن هذا الأمر يمكن أن يسهل عودة الحياة الطبيعية بعد انتهاء وباء كورونا.

من جانب آخر، لم ينكر سعدي أن هناك فئة من الجزائريين ليسوا متعايشين مع الوضع وإنما يعيشون حالة من اللامبالاة وعدم الوعي، مشيرا أن هذه الفئة هي نفسها التي لم تصدق في البداية أن فيروس كورونا وصل إلى الجزائر، معتبرا أن هذه الفئة هي حالة استثنائية.

من نفس القسم الحدث