الفريق أول شنقريحة يعبر عن ارتياحه لمستوى التعاون العسكري "الجزائري – الإيطالي"
- نشر في 02 أكتوبر 2024
ترتبط مظاهر اللهفة والتبذير عادة بشهر رمضان، غير أنه هذه السنة وبسبب فيروس كورونا، فإن هذه السلوكيات السلبية بدأت مبكرا، حيث يعيش الجزائريون مفارقة عجيبة، ففي الوقت الذي نسجل طوابير على مختلف المواد الاستهلاكية وفي مقدمتها السميد والفرنية، نرى أيضا أكوام القمامة ممتلئة بأطنان من النفايات وفي مقدمتها مادة الخبز، وهو ما يعتبر كارثة استهلاكية وأخلاقية.
وعرفت الأسواق، هذه الأيام، وخوفا من تسجيل ندرة في المواد الغذائية بسبب فيروس كورونا، موجة لهفة منقطعة النظير. فرغم إجراءات الحجر المنزلي التي شملت 48 ولاية بالوطن، إلا أن الجزائريين تحدوا كورونا من أجل بطونهم، حيث استمروا في تشكيل الطوابير على مادتي السميد والفرنية وكذا الحليب، وعرفت الأسواق اكتظاظا كبيرا رغم الأسعار المرتفعة، غير أن المفارقة الحقيقية لا تكمن في تحدي الجزائريين للفيروس القاتل، وإنما في حجم الاستهلاك الذي ارتفع هذه الأيام رغم الظروف الصعبة التي تعيشها أغلب الأسر وتدهور قدرتهم الشرائية بشكل كبير، وكذا حجم التبذير.
ففي جولة قادتنا عبر عدد من بلديات العاصمة، وقفنا على "مزابل" ممتلئة عن آخرها وعن أطنان من الخبز، منه خبز محضر منزليا أو ما يعرف بـ"المطلوع"، وخبز الدار مرمي في النفايات، وهو ما يعني أن الجزائريين يخاطرون بحياتهم وحياة غيرهم ويقفون في طوابير نقاط بيع السميد والفرينة التي اعتمدتها الدولة وسخرت لها الإمكانيات من أجل عدم تسجيل أي ندرة، لتستقر في الأخير ملايير الدولارات في المزابل.
وعن الموضوع، كشف رئيس فدرالية حماية المستهلك، زكي حريز، في تصريح لـ"الرائد"، أمس، أنه ومنذ بداية الحجر الصحي ارتفع حجم الاستهلاك عند الأسر بحوالي 30 بالمائة، وهنا الحديث عن عموم الجزائريين، مؤكدا أن ارتفاع الاستهلاك يعني أيضا ارتفاعا في حجم التبذير.
وقال حريز إن منظمته وقفت، هذه الأيام، على رمي كميات كبيرة من مادة الخبز المدعم وحتى الخبز الذي يحضر منزليا بالدقيق والفرينة التي قامت من أجلها الدينا ولم تقعد، على حد تعبير حريز الذي أبدى استغرابه كيف لمواطن أن يقف في طابور طويل عريض ليقتني مادة في الأخيرة يقوم برميها في القمامة؟ معتبرا أنه في الجزائر ليس هناك أزمة غذائية كما سبق للوزير الأول أن أوضح ولا حتى نقص في التموين، وإنما هناك أزمة ومشكلة استهلاكية وحتى أزمة أخلاقية، لأن الوضع الحالي من المفروض أنه يحتم على الجزائريين التضامن والتكاتف وليس اللهفة والتبذير.
من جهته، اعتبر إمام الجامع الكبير، علي عية، ما يحدث هذه الأيام من تبذير لا يجوز شرعا، حيث قال في تصريح لـ"الرائد" إن التبذير حرام شرعا فما بالك في هذه الظروف العصيبة التي تحتاج من الجزائريين حرصا أكثر من أي وقت مضى. وأضاف عية أن الإسراف ورمي كميات معتبرة من الخبز في القمامة في وقت لا يجد الكثيرون ممن هم في الحجر الصحي الكلي قوت يومهم، يعد سلوكا بعيدا عن أخلاق الإسلام وضوابط الإنسانية وسلوك التحضر.
وقال عية إنه وفي ظل هذا الظرف العصيب وجب على الجزائريين التكاثف فيما بينهم والتضامن وإخراج الصدقات للمحتاجين مهما كانت بسيطة، مضيفا أنه ونحن على أبواب رمضان وجب أيضا على أفراد المجتمع إعادة النظر في حجم استهلاكهم، كون التبذير يعد ذنبا يتغاضى عنه الكثيرون دون وعي منهم، بالرغم من إدراكهم المسبق بموقف الدين الإسلامي من الإسراف ورمي النعم، فالإنسان المسلم لا يكون عبدا صالحا إلا إذا تخلق بخلق كريم وابتعد عن السلوكيات غير المستحبة وغير الحضارية، لأن الجزاء، كما يقال، من جنس العمل، ونعم الله علينا ما هي إلا اختبار لمدى امتثالنا لأوامره في التعامل معها.