الحدث

فيروس كورونا يقضي على ما تبقى من القدرة الشرائية للجزائريين

أسر الطبقة المتوسطة والفقيرة تعاني وضعا ماليا صعبا بسب غلاء الأسعار والندرة والمضاربة

 

قضى فيروس كورونا المستجد، الذي خلق أزمات عديدة على أكثر من صعيد، على ما تبقى من القدرة الشرائية للجزائريين، حيث تعاني أغلب أسر الطبقة المتوسطة والفقيرة، في هذه الفترة، وضعا ماليا صعبا بسب غلاء الأسعار والندرة والمضاربة التي فرضها عدد من التجار الانتهازيين في الأسواق، ما يجعل هذه الأسر تستقبل شهر رمضان بميزانية منهكة.

وفي وقت كان ينتظر الجزائريون تحسين قدرتهم الشرائية وأوضاعهم الاجتماعية وفق البرنامج الذي سطره رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، وحكومة جراد، جاء فيروس كورونا لينسف كل الوعود التي قدمت في إطار تحسين القدرة الشرائية، حيث فرض هذا الوباء، الذي ضرب العالم، وضعا استثنائيا على أغلب الجزائريين خاصة من الطبقة الفقيرة والمتوسطة والذين تعقدت وضعيتهم المالية أكثر في ظل الإجراءات المتخذة للحد من تفشي الفيروس.

 

المضاربة وارتفاع الأسعار يشكلان ضغطا إضافيا على ميزانية الجزائريين

وبالأسواق استغل عدد من التجار الانتهازيين الفرصة وحالة الذعر التي انتابت المواطنين ودفعتهم للتهافت على تخزين المواد واسعة الاستهلاك، من أجل المضاربة والاحتكار ورفع الأسعار، حيث وصلت نسبة الارتفاع في أسعار عدد من المنتجات الـ 100 بالمائة، وهو ما مثل ثقلا إضافيا على كاهل الأسر.

من جانب آخر، فإن التدابير الوقائية المنصوح باتباعها من أجل الوقاية من فيروس كورونا هي الأخرى زادت من مصاريف الجزائريين، فاستهلاك أغلب الأسر لمنتجات التنظيف والتعقيم تضاعف أربع أو خمس مرات، كما ارتفع معدل الاستهلاك في هذه الفترة بسبب الحجر المنزلي وبقاء جميع أفراد الأسرة في المنزل وانحصار التنقلات ووقف الدراسة وحتى تسريح العمال، وهو ما لم تتحمله القدرة الشرائية لعموم الجزائريين.

 

العمال باليوم والتجار أكثر المتضررين من الحجر المنزلي

هذا وتعد فئة العمال اليوميين ممن يعيلون عائلات كبيرة، على غرار الكهربائيين والبنائين والرصاصين وغيرهم، من أكثر المتضررين من الوضعية الحالية. فالحجر المنزلي الذي طال عددا من الولايات وغلق ولاية البليدة بصفة كلية، جعل هؤلاء العمال يحالون على بطالة إجبارية، وهو ما رهن قدرتهم المالية وجعلهم غير قادرين على توفير قوت يومهم، كما يعتبر التجار الذين شملهم قرار غلق محلاتهم، على غرار أصحاب المقاهي ومحلات الفاست فود وباقي المحلات أيضا، ضحايا للوضع الراهن، خاصة أولئك التجار الذين كانوا يعانون أصلا تراجع زبائنهم وخسائر بالجملة بسبب الأزمة السياسية، منهم تجار الألبسة وتجار الهواتف النقالة والأجهزة الكهرومنزلية، لتأتي جائحة كورونا وتزيد من متاعبهم وخسائرهم.

 

العائلات بالولايات المعنية بالحجر تستغيث والمساعدات الإنسانية تبقى غير كافية

هذا وتعيش آلاف العائلات بالولايات التي تخضع للحجر الجزئي، وبولاية البليدة التي تخضع لحجر كلي، وضعا صعبا، ما جعلها ترسل نداءات استغاثة من أجل مساعدتها. وقد بادرت العديد من الجمعيات وكذا الخيرون من المجتمع لإرسال مساعدات وقوافل مواد غذائية من أجل نجدة هذه العائلات، كما نظمت العديد من المبادرات لمساعدة السكان في المناطق النائية والمعزولة أو ما بات يعرف بمناطق الظل، غير أن هذه المبادرات ورغم إيجابيتها تبقى غير كافية في ظل الوضع الراهن، خاصة أن الأمور لم تتضح بعد، وهناك توقعات وسيناريوهات مطروحة تشير إلى إمكانية اتخاذ إجراءات أكثر صرامة من أجل محاصرة تفشي الوباء. ومع اقتراب شهر رمضان، فإن الأمور لن تكون سهلة بالنسبة لهذه الأسر التي تعاني عادة خلال هذا الشهر من وضع مالي صعب، فما بالك إن أضيف إليه وضع استثنائي أصعب.

 

حريز: التخوف الأكبر حاليا هو بقاء الوضع على ما هو عليه إلى غاية رمضان

وعن الموضوع، أكد رئيس فدرالية حماية المستهلك، زكي حريز، أمس، أن وضعا صعبا تعيشه أغلب أسر الطبقة الفقيرة والمتوسطة في الجزائر، مشيرا أن جائحة كورونا خلقت أزمة صحية واقتصادية في الجزائر وهوت بالقدرة الشرائية. وقال حريز، في تصريح لـ"الرائد"، إن الجزائريين أصلا كانوا يعانون من تدهور قدرتهم الشرائية التي لم تعد تتحمل مزيدا من الصدمات، ما جعل تأثير فيروس كورونا وما خلقه من وضع استثنائي على أكثر من صعيد يظهر سريعا على القدرة الشرائية للمواطنين التي انهارت بحدود 30 بالمائة منذ بدء اتخاذ الإجراءات لمحاصرة الوباء من قبل الحكومة. وأشار حريز أن واقع الأسواق وارتفاع الأسعار والمضاربة التي انتهجها عدد من أشباه التجار زاد من تعقيد الوضع أكثر، ليبقى التخوف الأكبر حاليا هو شهر رمضان وإلى أي مدى ستصمد القدرة المالية للجزائريين إن حل علينا رمضان في هذه الظروف الاستثنائية والعصيبة.

من نفس القسم الحدث