الحدث

الرئيس تبون: الحراك أنقذ الدولة الوطنية

قال بأنه ظاهرة صحية وحذر من بوادر اختراقه داخليا وخارجيا

 

تحدث رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون عن الحراك الشعبي الذي أتم الجمعة ذكراه الأولى مؤكدا أنه ظاهرة صحية، غير أنه استغل المناسبة للتحذير من محاولات اختراقه من الداخل والخارج، وجدد الرئيس التأكيد على أن ما تبقى من مطالب الحراك سيتم تجسيدها على أرض الواقع، وهي التزام شخصي منه، وبخصوص المواطنين الذين لا يزالون يشاركون في الحراك كل أسبوع، أكد أن ذلك من حقهم، لأن هذا الأمر هو أساس الديمقراطية.

 

أجاب رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، الخميس الماضي في لقائه الدوري مع وسائل الإعلام الوطنية، عن انشغالات المواطنين في عدّة مجالات سياسيا واقتصاديا واجتماعيا والملفات الدولية الراهنة، وقال في رده على سؤال حول النظام الأمثل لتسيير الدولة، أنه يفضل نظام يمزج بين النظامين الرئاسي والبرلماني بحيث يمنح صلاحيات قوية للمنتخبين ويكرس الرقابة، غير أنه شدد بالمقابل على أنه سيكون مع النظام الذي يختاره الشعب في إطار التعديل الدستوري المرتقب، وقال بهذا الخصوص "أنا مع نمط النظام الذي يختاره الجزائريون"، وأوضح الرئيس سلبيات تطبيق النظام البرلماني في الوقت الحالي في الجزائر واستدل في ذلك بصعود اليمين المتطرف إلى دواليب الحكم في العديد من الدول الديمقراطية أو تلك التي تدعي الديمقراطية، الأمر الذي جعلها في حالة غليان، أما بالنسبة للنظام الرئاسي، فقد أشار رئيس الجمهورية إلى أن مختلف التجارب أبانت عدم جدوى هذا النمط من الحكم الذي يكون فيه انفراد وتسلط في الرأي، ولهذا أقول من الأفضل المزج بين النظامين من أجل الخروج بنظام البعض يسميه شبه رئاسي والبعض شبه برلماني"، ليبقى الأهم بالنسبة له الخروج بـ"دستور توافقي بين كل الجزائريين".

 

مسودة التعديل الدستوري ستوزع على ما يقارب 700 هيئة لإثرائها

وبخصوص مسألة الفصل بين السلطات, أشار رئيس الجمهورية إلى أنها مكرسة في الدستور الحالي لكنها لا تحترم متوقفا عند المجلس الدستوري الحالي، الذي لا يمكنه العمل لكونه معينا، ما دفعه إلى التفكير في إنشاء محكمة دستورية منتخبة ووضع ميكانيزمات تضمن لها حرية القرار في فصلها في النزاعات التي قد تحدث بين السلطات الثلاث، وذكر بأن مسودة التعديل الدستوري ستوزع، حال انتهاء لجنة الخبراء من إعدادها، على ما يقارب 700 نقابة وحزب وجمعية, سيقومون على مدار شهر بتقديم مقترحاتهم لإثراء الوثيقة التي ستعود للجنة الصياغة قبل عرضها على البرلمان.

وفي إجابته عن سؤال بخصوص تزامن الذكرى الأولى للحراك الشعبي مع بروز حركات احتجاجية في بعض القطاعات، أكد الرئيس تبون أن تسلسل الإضرابات في قطاعات هامة وفي وقت معين ليست ظاهرة سليمة وليست ممارسة نقابية، وتحدث عن اضرابات قطاع التربية وقال عنها  لطالما عبرت عن تبجيلي للأساتذة والمعلمين، سيما خلال حملتي الانتخابية، كما طالبت بمراجعة كل ما يتعلق بالأساتذة لإعطائهم مكانتهم في المجتمع، معتبرا أن الإعلان عن إضراب وطني في الوقت الذي لم تكن فيه الحكومة منصبة ولم يعطها البرلمان الإشارة الخضراء أمر لا يحل المشكل الذي يتطلب وقتا وإمكانيات مادية ومالية وتنظيمية، خاصة أن الأساتذة لديهم الأولوية في الحلول للمشاكل المطروحة، مشددا على أن هذه الإضرابات غير بريئة.

كما تحدث رئيس الجمهورية عن إضرابات تمس بسمعة البلاد وتضر بالمواطنين وتعطل مشاغلهم في إشارة إلى إضراب مستخدمي الملاحة في الجوية الجزائرية، وأشار إلى أن القانون ينص على وجوب الإعلان عن الإضراب وذكر مبرراته، بما يمكن من مباشرة مفاوضات وإيجاد حلول..أما الإضراب العشوائي فهو ممنوع في بعض المرافق العمومية.

وفي هذا الشأن، انتقد رئيس الجمهورية دفع هذه الوضعية بالمواطنين وخاصة المرضى منهم إلى افتراش أرضيات المطارات بسبب إلغاء رحلاتهم، وبشأن أصحاب عقود الإدماج، فأكد الرئيس تبون أن هذا الملف ورثناه ويجب الوفاء بالعهد، وسيتم حله قبل نهاية السنة الحالية، لأن هذا التزام للدولة.

وعاد رئيس الجمهورية الى المشاكل التي يعاني منها المواطنون في مناطق الظل وأكد أنه لا بد من تنمية هذه المناطق حتى لا نشهد نزوح هؤلاء المواطنين نحو المدن هذه الاخيرة هي أيا تعاني بما فيه الكفاية، واعتبر أن هذه الوضعية تنجر عنها إيجابيات والكثير من السلبيات التي تتعلق بالتصرفات، فتوسع المدن يتطلب الاستثمار اليوم وغدا وبعد غد ويتطلب إمكانيات مالية كبيرة، مستدلا بالعاصمة التي كان يقطنها غداة الاستقلال 455 ألف نسمة, فيما تضاعف العدد بأكثر من عشر مرات وهو ما يعني وجوب مضاعفة بعشر مرات عدد قنوات الصرف والطرق والمدارس والسكن.., وحينما لا يتوقف العدد عن الازدياد تكون هناك كارثة أخرى كظهور المدن الموازية على غرار ما يحدث في البرازيل.

واستطرد تبون بالقول، أن الأحسن في هذه الحالة هو تنمية كل مناطق الوطن حتى يسترجع المواطن كرامته في الريف ولا يغره السكن في المدن لأنه يتمتع في الريف بميزات لا توجد في المدينة، ولأجل ذلك أكد الرئيس أنه “ينبغي تجسيد اللامركزية..التي من شأنها حل عدة مشاكل, متحدثا عن المداولات التي تتم على مستوى بعض البلديات وتتعلق بمشكل محلي غير أنها ترفع إلى الدائرة والولاية وحتى إلى وزارة الداخلية، وأشار إلى أن هناك 1541 بلدية، في انتظار تقسيم آخر، وهي تتسبب في اكتظاظ كبير، وتابع بالقول أنه قد آن الأوان لاتخاذ قرارات لإعادة تنظيم البلديات الفقيرة, فمن بين 1541 بلدية هناك 850 بلدية فقيرة جدا وليس لها إمكانيات حتى لتوظيف ساعي بريد, في مقابل بلديات كحاسي مسعود أو باب الزوار أو أرزيو التي تتمتع بإمكانيات مالية كبيرة بفضل النشاط الصناعي وعائدات الضرائب، مشيرا إلى أن صندوق التضامن بين الجماعات المحلية لم يعد يكفي.

 

الرشوة سرطان يصيب جسد الدولة

ولدى رده على سؤال يخص تقليص فاتورة الاستيراد، وظاهرة تضخيم الفواتير والرشوة، قال رئيس الجمهورية أن ظاهرة الرشوة هي سرطان ..الرشوة الصغيرة أكثر إضرارا بالمواطن من الرشوة الكبيرة التي تضر بخزينة الدولة، لأن الرشوة الأولى تصيب مباشرة جيب المواطن الذي يعاني أصلا من انخفاض قدرته الشرائية ويدفعها طلبا لحقه.

أما بالنسبة لتضخيم الفواتير، فاعتبر أنها ظاهرة موجودة في الدول التي فتحت اقتصادها لكن ليس بالشكل الذي هي عليه حاليا في الجزائر، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة دامت أكثر من 10 سنوات وهناك وسائل رقابة لم تستعمل.

وبشأن ترقية الاستثمار، أكد رئيس الجمهورية أنه اقترح سنة 2001 مشروع الشباك الموحد الذي يشمل كل ما يحتاجه المستثمر في مكان واحد، مشددا على إلزامية توفير وسائل الطعن والتظلم..لأن المستثمر لا يغامر بمليارات الدولارات أمام إدارة متسلطة، وقال الرئيس تبون أنه لا بد أن يمر الاستثمار إلى مرحلة جديدة، مستطردا بالقول لا نستطيع القبول بأي استثمار كان، فالاستثمار الذي يربطنا بالخارج مدى الحياة ينبغي اجتنابه لأن مصائبه أكثر من فوائده، وربما سيأتي وقت لن تملك الدولة إمكانيات مالية بالعملة الصعبة لاستيراد المادة الأولية ولن يفيد هذا الاستثمار لأن هدفه التصدير.

من نفس القسم الحدث