الحدث

جراد يفتح النار على الحكومات السابقة من قبة البرلمان

أكد أنه سيعمل على استرجاع الثقة التي كانت غائبة بين الشعب والحكومة

 

اعترف الوزير الأول عبد العزيز جراد بأن الوضع الاقتصادي والمالي في الجزائر يعتبر في وضعية الهشّ داعيا إلى عدم اليأس، بشعار أننا قادرون على إخراج البلاد من المرحلة السياسية والاقتصادية الصعبة نحو مرحلة جديدة، وحمل المتحدث الحكومات السابقة مسؤولية هذه الأوضاع إذ قال بأن الجزائر عرفت في السنوات الأخيرة تسييرا كارثيا للدولة ونهبا شاملا لثروات البلاد والقيام بعمليات هدم ممنهج لمؤسساتها الاقتصادية، مشيرا أن ذلك أدى لزعزعتها وهو ما دفع الجزائريين للخروج في 22 فيفري للمطالبة بالتغيير الشامل للمنظومة السياسية.

 

أوضح عبد العزيز جراد، أمس، في كلمته التي ألقاها بالمجلس الشعبي الوطني أثناء عرضه مخطط عمل الحكومة أنه "سيعمل على استرجاع الثقة التي كانت غائبة بين الشعب والحكومة التي يكون أساسها التداول على السلطة"، كاشفا انه "سيتم بناء مجتمع لا مكان فيه للفوارق يكفل للجميع تكافئ الفرص بين جميع الجزائريين"، وأضاف جراد أن "الحكومة التي أتشرف بتسييرها تحت قيادة رئيس الجمهورية تنوي المساهمة الفعالة في بناء عقد جديد يشمل كل جوانب الحكامة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بهدف استرجاع ثقة شعبنا في حكّامه وفي مؤسساته، و رسم القطيعة التي يتطلع إليها شعبنا".

وذكر أن "الشعب الجزائري يطالبنا اليوم بالتغيير الشامل للمنظومة المؤسساتية التي تجاوزها الزمن فهو يرغب في بروز ممارسات سياسية سليمة وديمقراطية حقيقية، كما يطمح إلى حكامة اقتصادية عصرية وشفافة تكون في منأى عن ممارسات الفساد والمحسوبية والتضليل".

وقال ان "استرجاع وتعزيز الثقة بين الشعب وحكامه، ستتم عبر قيام ديمقراطية أساسها التداول على السلطة واحترام الحريات الفردية والجماعية، والعدالة الاجتماعية وترسيخ دولة الحق والقانون، وكذا بناء مجتمع لا مكان فيه للفوارق بين الجزائريين مهما كان مستواهم الاجتماعي مجتمع يكفل للجميع تكافؤ الفرص في كنف نظام ديمقراطي يكرس استقلال العدالة ويضمن شرعية المؤسسات".

 

الحكومة ستعكف على تطهير الإرث الكارثي بممارسات جديدة

على صعيد آخر قال المتحدث أن "الحكومة ستعكف على الانطلاق في تطهير ذلك الإرث الكارثي من خلال بعث ممارسات جديدة تهيئ الطريق السلس لبلوغ التغيير السياسي والاقتصادي المنشود الذي يتطلع اليه شعبنا الأبي"، مؤكدا ان "هذه الحركية الشاملة تتبلور في "العقد الجديد" الذي تجسده ثلاثية التنمية البشرية، والانتقال الطاقوي واقتصاد المعرفة والرقمنة"، قائلا ان "هذا العقد الجديد يصبو إلى تحرير المبادرات في جميع ميادين الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ويطمح إلى بعث نهضة حقيقية وإحياء الأمل لدى شعبنا".

وفي نفس السياق استعرض جراد الوضع الصعب والدقيق الذي تعرفه البلاد على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، قائلا ان "الحكومة ستواجهه بكل مسؤولية وثبات للقضاء على الانحرافات التي طبعت تسيير الشؤون العامة للدولة وعلى التأثيرات السلبية للقوى غير الدستورية على القرار السياسي والاقتصادي للبلاد".

وكشف جراد إن "واجب المسؤولية وحساسية الظرف يحتمان عليَ أن أطلعكم بصفة مختصرة على حقيقة الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد، لكي تكونوا على أتم دراية بالصعوبات والتحديات التي علينا أن نتجند جميعا من أجل رفعها"، مؤكدا أن "الوضع المالي الحالي للبلاد يبقى هشا ومرتبطا بشكل كبير بتقلبات السوق العالمية للمحروقات".

 

الوضع المالي "هش" ومرتبط بالسوق العالمي

وأشار المسؤول عن الجهاز التنفيذي إلى إن "التراجع المتزامن لأسعار النفط ولحجم صادرات البلاد من المحروقات زاد في تفاقم عجز الميزانية العمومية، كما أدى هذا الوضع إلى تفاقم عجز الميزان التجاري الذي بلغ 10 مليار دولار نهاية 2019 وتراجع احتياطات الصرف بأكثر من 17 مليار دولار في نفس السنة"، كاشفا أن "الدين العمومي الداخلي بلغ نسبة 45 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في سنة 2019 بعد أن كانت تقدر بـ 26 بالمائة في 2017 "، وقال انه "الرغم من صعوبة وتعقد الأوضاع لا يمكننا أن نستسلم لليأس، فكما حقق أسلافنا من جيل نوفمبر ما كان يظنه الكثير مستحيلا في التحرر والاستقلال لا أشك في أن جيل اليوم قادر أن ينهض بالجزائر من كبوتها ويعيدها إلى سبيل الازدهار والرقي"، مبرزا إن "أحد أهم تحديات الفريق الحكومي هو المساهمة مع كل القوى السياسية والاجتماعية والنخب الوطنية في داخل وخارج البلاد في إخراج بلادنا من مرحلة سياسية واقتصادية حرجة إلى عهد جديد تستعاد فيه الثقة في مؤسسات البلاد عبر إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية عميقة تمكن بلادنا من تجاوز الأزمة التي عرفتها".

 

إرساء ثقافة سياسية جديدة في تسيير الشأن العام رافضة للإقصاء

ودعا جراد إلى "ضرورة تنفيذ التدابير والإجراءات التي جاء بها البرنامج الرئاسي، لا سيما التي تتعلق باستعادة مصداقية الحياة السياسية وأخلقتها وفعالية النشاط الاقتصادي وتصحيح الفوارق الاجتماعية"، معتبرا ان "الحكومة ستعمل جاهدة على إرساء ثقافة سياسية جديدة في تسيير الشأن العام رافضة للإقصاء، تقوم على الاحترام والوفاء بالالتزامات والعهود واعتماد الحوار والمقاربات التشاركية".

وشدد ان "الاحترام هو ما سندين به للشعب الجزائري الذي عبر بكل سيادة وشفافية عن خياراته في الانتخابات الفارطة، وكذا الوفاء والامتثال للالتزامات التي تعهد بها رئيس الجمهورية والتي سنكون مسؤولين عن تنفيذها احتراما للثقة التي منحها إياه أغلبية الناخبين"، معلنا أن "الحوار هو ما ستتبناه الحكومة في تعاملها مع كل من لا يشاطرها أفكارها وتوجهاتها لأن تاريخنا علمنا أن الجزائر تبنى بسواعد كل أبناءها على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم".

وقال أن "هذا المسعى سيسمح بالارتقاء ببلدنا نحو الحداثة كبلد ناشئ، وسوف تسجل العديد من الأعمال المهيكلة قيام الجمهورية الجديدة، جمهورية المساواة أمام القانون وجمهورية الصدق في القول، وجمهورية لا يكون فيها الجهد والعمل المتقن مجرد شعار، جمهورية يكون فيها الشعب هو السيد".

 

قانون مالية تكميلي قصد معالجة الاختلالات الناجمة عن قانون 2020

من جانبه قال عبد العزيز جراد أنه "اقترح على رئيس الجمهورية تحضير مشروع قانون مالية تكميلي قصد معالجة الاختلالات الناجمة عن قانون المالية لسنة 2020، لا سيما إلغاء الأحكام الجبائية المجحفة في حق الأجراء العاملين بالجنوب وبعض أصحاب المهن الحرة، والتي كان الغرض منها إثارة البلبلة".

وأضاف أن "الوضع المالي الحالي للبلاد يبقى هشا ومرتبطا بشكل كبير بتقلبات السوق العالمية للمحروقات"، قائلا إن "التراجع المتزامن لأسعار النفط و لحجم صادرات البلاد من المحروقات زاد في تفاقم عجز الميزانية العمومية، كما أدى هذا الوضع إلى تفاقم عجز الميزان التجاري الذي بلغ 10 مليار دولار نهاية 2019 و تراجع احتياطات الصرف بأكثر من 17 مليار دولار في نفس السنة."

 

تحسين القدرة الشرائية للمواطن وتدعيمها 

وشدد جراد انه "سيتم تحسين القدرة الشرائية للمواطن وتدعيمها حيث تعتزم الحكومة رفع الأجر الوطني الأدنى الـمضمون بعد إجراء تشاور واسع مع مختلف الفاعلين والشركاء الاجتماعيين، وكذا حماية وترقية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة وإدماجهم في الحياة العملية انشغالا دائما بالنسبة للسلطات العمومية التي ستعمل أيضا على ترقية الطفولة والـمراهقين وكذا حماية الأشخاص الـمسنين".

 

الحفاظ على نظام الضمان الاجتماعي والتقاعد وتعزيزه

وأشار الوزير الأول إن "الحفاظ على نظام الضمان الاجتماعي والتقاعد وتعزيزه يندرج ضمن أولويات عمل الحكومة التي ستعمل على الشروع في عملية التعاقد في العلاج وتوسيع وعاء الاشتراك والإدماج التدريجي للأشخاص العاملين في القطاع الـموازي، وكذا إنشاء فرع التقاعد التكميلي على مستوى الصندوق الوطني للتقاعد والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لغير الأجراء".

 

سنقضي على البيوت القصديرية... ومليون سكن بمختلف الصيغ

وفي مجال السكن قال جراد ان "الحكومة تبقى عازمة على حل مشكل السكن وضمان تمكين المواطن من سكن لائق وفق صيغ مكيفة من خلال استهداف الأسر ذات الدخل الضعيف بصفة أولوية"، مشيرا ان "الحكومة ملتزمة بالقضاء كليا على البيوت القصديرية مع وضع نظام مراقبة ضد محاولات انتشار هذه الظاهرة وتسوية إشكالية الـمباني القديمة وإنجاز برنامج جديد قوامه مليون مسكن بمختلف الصيغ مع مضاعفة الجهود من أجل إتمام إنجاز البرامج الجارية".

 

الإعفاء الضريبي للمداخيل الشهرية التي تقل عن 30 ألف دينار

وقال الوزير الأول أن "السياسة الجبائية الجديدة ستوجه نحو مكافحة التهرب الضريبي وتحسين معدلات التحصيل الجبائي، والتصدي لظاهرة تضخيم الفواتير وتهريب رؤوس الأموال وتجسيدا للتعهدات الرئاسية في مجال الانصاف والعدالة الاجتماعية سيتم العمل خصوصا على الإعفاء الضريبي للمداخيل الشهرية التي تقل عن مبلغ 30 ألف دينار".

وأكد جراد أن "تبسيط النظام الجبائي الذي سيكون في صلب الإصلاح المرتقب، على الـمدى الـقصير يتجسد في إلغاء الرسوم ذات الـمردودية الضعيفة من جهة، ومراجعة نظام الـمزايا الجبائية وشبه الجبائية الذي ترتبت عليه في الـماضي انحرافات خطيرة من جهة أخرى".

وأشار جراد انه "سيتسم تنفيذ الميزانية بانضباط وصرامة أكبر مع ترشيد الإنفاق العمومي وضمان توجهيه نحو تحفيز النشاط الاقتصادي، بوضع آلية للمتابعة والتقييم لبرامج التجهيز والاستثمار العمومي والقيام بإصلاح تدريجي وشامل لمنظومة الدعم الاجتماعي كي تتأكد استفادة الفئات المحرومة حقا منها".

 

إصلاح عميق للقطاع الـمصرفي والمالي وتطوير البورصة

من جهة أخرى، قال الوزير الأول أن "الحكومة ستباشر إصلاحا عميقا للقطاع الـمصرفـي والـمالي من خلال تحرير وعصرنة تسيير المؤسسات المصرفية وتعميم أدوات الدفع الإلكتروني، وكذا استحداث بنوك متخصصة وصناديق للاستثمار بالإضافة إلى تنويع عروض التمويل وتطوير البورصة، كما سيتم التشجيع على الادخار من أجل استقطاب السيولة الـمتداولة خارج الدوائر البنكية".

 

تقليص نسبة البطالة إلى أقل من 10 بالمائة 

وذكر جراد ان "الحكومة تطمح إلى تقليص نسبة البطالة إلى أقل من 10% وزيادة حصة العمل الـمأجور الدائم خلال الفترة 2020- 2024 من خلال تحسين أداء الـمنظومة التربوية الوطنية، والتعليم التقني والتكوين الـمهني، على نحو يساهم في تكييفها مع احتياجات الاقتصاد ويجعل تأهيل اليد العاملة متماشيا مع احتياجات سوق العمل"، مضيفا انه "سيتم وضع آليات جديدة للإدماج المهني ستوجه حصريا نحو القطاع الاقتصادي، مع تشجيع إنشاء مناصب العمل عن طريق إعفاءات جبائية وتخفيف أعباء أرباب العمل، موازاة مع تعزيز أجهزة إنشاء النشاطات بما يسمح بدعم الـمرقين ومرافقة حاملي الـمشاريع".

من نفس القسم الحدث