الحدث

هذه معالم التعديل الذي ستخضع له وثيقة البلاد الأولى

رئيس الجمهورية قرر أن تكون الكلمة الأخيرة حوله للشعب

حدد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، في رسالة تكليف لأحمد لعرابة الذي أوكل إليه رئاسة لجنة خبراء ستقوم بصياغة مقترحات لمراجعة الدستور، المحاور الكبرى لهذا التعديل الذي سيطرح لاستفتاء شعبي بعد مصادقة البرلمان على نصه، وتسبق العملية، قيام مجموعة الخبراء الذين يعملون تحت إدارة لعرابة بتلخيص المقترحات محل إجماع، لجعلها أساس التعديل المرتقب، وركزت معالم التعديل الذي ستخضع له وثيقة البلاد الأولى على سبع محاور رئيسية تعزز الحريات، المساواة والحقوق وكذا أخلقة الحياة العامة ومكافحة الفساد واستقلالية القضاء إضافة إلى تكريس الفصل بين السلطات.

 

وجاء في نص التوضيح الذي قدمه عبد المجيد تبون " احمد لعرابة، إنني، كما تعلمون، وضعت على رأس أولويات عهدتي في رئاسة الجمهورية تعديل الدستور كحجر زاوية في تشييد الجمهورية الجديدة التي تصبو إلى تحقيق مطالب شعبنا كما عبرت عنها الحركة الشعبية، مشيرا إلى أنه "وفي هذا الصدد، أصبحت مراجعة الدستور بصفة معمقة أمرا مستحسنا بل وضروريا".

واعتبر الرئيس تبون بأن "مراجعة الدستور مستحسنة" لكونها "ستتيح تكريس الإرادة السيدة لشعبنا وطموحاته المشروعة, من خلال تنظيم الاستفتاء الذي كنت قد تعهدت به للمصادقة على الدستور الجديد"، كما وصفها بالضرورية انطلاقا من أن "مراجعة معمقة للدستور هي السبيل الأوحد الذي من شأنه أن يمكن تجديد أنماط الحوكمة على كافة مستويات المسؤولية, لاسيما على مستوى المؤسسات العليا للجمهورية", ليذكر بالقول: "في هذا الإطار, تعهدت بوضوح أن أضع دستور جديدا يصون البلاد من كل أشكال الانفراد بالسلطة ويضمن الفصل بين السلطات وتوازنها ويدعم أخلقة الحياة العامة ويحفظ حقوق وحريات المواطن".

ولهذا الغرض, "قررت تنصيب لجنة خبراء مكلفة بصياغة مقترحات وتوصيات الغاية منها تدعيم النظام الديمقراطية القائم على التعددية السياسية والتداول على السلطة و الفصل الفعلي بين السلطات وإقامة توازن أفضل بينها", و هذا من خلال "إضفاء المزيد من الانسجام على سير السلطة التنفيذية وبإعادة الاعتبار للبرلمان خاصة في وظيفته الرقابية لنشاط الحكومة, وتحسين الضمانات التي تكفل استقلالية القضاة, فضلا عن ضمان الممارسة الفعلية لحقوق المواطنين وتعزيزها, وكذا إعادة الاعتبار للمؤسسات الرقابية والاستشارية", يتابع رئيس الجمهورية.

كما أردف مخاطبا لعرابة: "قبل كل شيء، أود أن أشكركم على تفضلكم بقبول تنشيط أعمال هذه اللجنة المشكلة من كفاءات وطنية مشهود لها. والشكر هنا موصول أيضا للشخصيات التي ترافقكم ضمن هذه اللجنة"، داعيا إياهم إلى الإسهام بأفكارهم واقتراحاتهم وتوصياتهم حول جملة من المحاور، وذلك "بموجب الالتزامات التي قطعتها والمنوه بها أعلاه".

و يتصل المحور الأول بحقوق وحريات المواطنين، حيث أكد الرئيس تبون في هذا الصدد على أنه "يجب أن ينصب التفكير على توسيع وإثراء مجالات حرية المواطن من خلال تكريس حريات فردية وجماعية جديدة، عند الاقتضاء، وتدعيم الحقوق الدستورية المكفولة".

و"يتعلق الأمر هنا، بإعطاء مضمون ومعنى للحقوق والحريات المكرسة، وبشكل أخص حماية حرية التظاهر السلمي وحرية التعبير وحرية الصحافة المكتوبة والسمعية-البصرية وعلى الشبكات المعلوماتية، على أن تمارس بكل حرية ولكن دون المساس بكرامة وحريات وحقوق الغير"، يوضح الرئيس تبون.

أما المحور الثاني فيدور حول أخلقة الحياة العامة ومكافحة الفساد، حيث أشار رئيس الجمهورية إلى أنه "يتعين على اللجنة أن تقوم بدراسة واقتراح آليات من شأنها تفادي تضارب المصالح بين ممارسة المسؤوليات العمومية وتسيير الأعمال وذلك من أجل إبعاد نفوذ المال عن تسيير الشؤون العامة".

كما "يجب أن تشمل الدراسة أيضا إيجاد الوسائل الكفيلة بتعزيز آليات الوقاية من الفساد ومكافحته، بما في ذلك إشراك المجتمع المدني في عمل التطهير العمومي هذا"، فضلا عن أنه "يتعين أن يوسع التفكير إلى إعادة الاعتبار لمؤسسات الرقابة وتقويتها، بما يضفي على نشاطها أكثر فعالية في حماية المملكات والأموال العامة".

ويتصل المحور الثالث بتعزيز فصل السلطات وتوازنها، حيث شدد رئيس الجمهورية في هذا الإطار، على أن الأمر يتعلق، خاصة، بـ"ترقية العمل السياسي في وظيفته الأساسية المتمثلة في دفع وتنشيط الحياة السياسية في إطار احترام القواعد الديمقراطية المبنية على مبادئ التداول على السلطة وترقية التعددية السياسية".

لذا، "ينبغي على وجه الخصوص ضمان أداء منسجم للسلطات عبر إعادة توزيعها داخل السلطة التنفيذية وإقامة سلطات مقابلة فعالة تهدف إلى تفادي أي انحراف استبدادي", يؤكد رئيس الجمهورية الذي أشار أيضا إلى أنه "من المهم, بشكل خاص, أن يصبح تحديد العهدة الرئاسية بعهدة واحدة, قابلة للتجديد مرة واحدة, أمرا ثابتا لا يمكن المساس به. كما يتوجب كذلك إعادة الاعتبار لدور الأحزاب السياسية كفاعلين لا غنى عنهم في تنشيط الحياة السياسية للأمة".

أما المحور الرابع، فيدور حول تعزيز سلطة الرقابة البرلمانية، وعلى هذا المستوى "يتعلق الأمر بوضع آليات فعالة تسمح للبرلمان بممارسة مهامه كاملة في مراقبة وتقييم عمل الحكومة من خلال: (1) تعزيز سلطة المنتخبين، لا سيما المعارضة البرلمانية، في وضع جدول أعمال جلسات غرفتي البرلمان، (2) تكريس جلسة كل شهر على الأقل لمراقبة عمل الحكومة وتقييم السياسات العمومية بحضور الوزير الأول أو رئيس الحكومة، وفقا للصيغة المختارة، وأخيرا (3) تمكين المنتخبين من تشكيل لجان تحقيق برلمانية حول وقائع محل تحقيقات قضائية".

وفي أعقاب هذه الإجراءات، "يتعين أيضا مراجعة تشكيلة مجلس الأمة بما في ذلك آلية تعيين الثلث الرئاسي، من أجل إعطاء الأولوية للكفاءات العلمية مع مراعاة التمثيل الوطني"، كما سيتعلق الأمر، في الختام، بـ"تقييم موضوعي لإمكانية توسيع سلطة مجلس الأمة في تعديل القوانين"، يتابع تبون.

أما المحور الخامس فيتعلق بتعزيز استقلالية السلطة القضائية، حيث أكد رئيس الجمهورية على كون العدالة "إحدى ركائز دولة الحق والقانون"، كما أنها "يجب أن تمارس بكل استقلالية مع احترام القانون، بعيدا عن كل ضغط أو تأثير" وهو الهدف الذي "لا يمكن تحقيقه دون توفير حماية حقيقة للقاضي".

وفيما يخص المحور السابع المتصل بالتكريس الدستوري لآليات تنظيم الانتخابات، أوضح الرئيس تبون أن الأمر يتعلق أولا بـ"إعطاء سند دستوري للسلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، ثم القيام بإلغاء الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات التي لم يعد لمهمتها أي مغزى، بما أن تنظيم الانتخابات أضحى الآن من اختصاص سلطة مستقلة، منبثقة حصريا عن المجتمع المدني".

وخلص رئيس الجمهورية, في رسالته, إلى الإشارة إلى أن هذه هي محاور التفكير الكبرى -على سبيل الإرشاد- و التي "يتعين أن تحرص عليها لجنتكم", مضيفا أنه "سيتاح لها بالطبع, إن اعتبرت ذلك ضروريا, توسيع مجال التفكير إلى مواضيع أخرى متعلقة بسير مؤسساتنا وبالحياة السياسية, وصياغة أي اقتراح مفيد يرمي إلى تعميق دولة الحق والقانون في ظل احترام التناسق العام للمنظومة الدستورية, حتى تستجيب بشكل ملائم لانشغالات المواطنين, لاسيما تلك التي عبرت عنها الحركة الشعبية"، كما أضاف أيضا "هذا, وأطلب منكم إبلاغي بنتائج أعمالكم مجسدة في تقرير ومشروع قانون دستوري, وذلك خلال فترة لا تتعدى الشهرين, مرفقة قدر الإمكان بمشروع أو مشاريع النصوص اللازمة لتطبيقها".

وختم رسالته بالقول: "لا شك أن المهمة التي أوكلت إليكم هي عظيمة بقدر ما هي ملهمة. ولكم اليوم شرف المساهمة في إعادة تأسيس مؤسساتنا وأنظمة الحكامة. وأنا على يقين أنكم ستؤدون مهمتكم بكل وعي وحزم وروح مسؤولية عليا. إنها لفرصة أتيحت لكم من أجل تجسيد تطلعات شعبنا في بناء دولة الحق والقانون، دولة قائمة على مبادئ لا يمكن المساس بها ونجتمع كلنا عليها، ترمي إلى تشييد ركائز الجزائر الجديدة''.

 

من نفس القسم الحدث