الفريق أول شنقريحة يعبر عن ارتياحه لمستوى التعاون العسكري "الجزائري – الإيطالي"
- نشر في 02 أكتوبر 2024
اكتست مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر خلال سنة 2019 حلة سياسية بامتياز، حيث ارتفع معدل النقاش السياسي عبر السوشيال ميديا هذه السنة ليبلغ أوجه تزامنا والحراك الشعبي الذي بدأ في 22 فيفري، والذي كان فايسبوك وتويتر ويوتوب أهم محركاته، وانتقلت مواقع التواصل الاجتماعي من مجرد فضاءات للترفيه والسخرية إلى أهم محرك لصناعة الرأي العام، خاصة في بداية الحراك الشعبي. غير أن الجزائريين أبدوا وعيا كبيرا في التعامل مع كل ما ينشر عبر هذه المنصات، خاصة مع تداول كم كبير من الإشاعات والدعوات التحريضية ونشاط ما يعرف بالذباب الإلكتروني.
وموازاة مع الحراك الشعبي الذي عاشته الجزائر بداية 2019، عرفت مواقع التواصل الاجتماعي حراكا من نوع آخر، فبعد أن كانت السوشيال ميديا التي تعد أكسجين الشباب في الجزائر على غرار معظم دول العالم مجرد فضاء للترفيه، تحولت هذه الأخيرة إلى محرك لصناعة الرأي العام ومنصات للنقاش السياسي الذي تصالح معه الجزائريون في عهد الحراك الشعبي بعد قطيعة سنوات في عهد النظام السابق.
وعكس السنوات الماضية فإن أكثر القضايا والأحداث إثارة للجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي في 2019 لم تكن أخبار فنانين أو خرجات استعراضية من مدونين أو ما يعرف بالفقاعات الإعلامية أو أحداث ساخرة وتصريحات مثيرة من طرف بعض المشاهير في العديد من المجالات، والتي كانت تأخذ حيزا كبيرا وجدلا أكبر عبر منشورات وتعليقات الجزائريين، وإنما مثلت الأحداث السياسية أكثر ما صنع الحدث عبر السوشيال ميديا بدءا بالتعبئة التي عرفتها هذه المواقع للخروج إلى الشارع ضد العهدة الخامسة، وصولا إلى حراك شعبي أذهل العالم وتداولته مختلف صفحات الفايسبوك مرحلة بمرحلة عبر العديد من الزوايا، وهو ما دشن له النشطاء عبر الفايسبوك مئات الصفحات لتغطية جمعات الحراك الشعبي وصور التظاهرات والشعارات والمطالب. هذا وشكلت العديد من التفاصيل التي ارتبطت بحراك الجزائريين مادة دسمة للتداول عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة ما تعلق بحملة القضاء على الفساد وإحالة كبار مسؤولين في النظام السابق على السجون، إضافة إلى إقالة عدد من المسؤولين والتحول 180 درجة في طريقة تسيير مسؤولين آخرين في قطاعاتهم، ليتعرف الجزائريون لأول مرة على وزراء ومسؤولين يستقيلون بسبب أخطاء ارتكبوها وآخرين استمروا في ارتكاب الفضائح وفضحتهم الكاميرات وصفحات الفايسبوك.
هذا ورغم أن مواقع التواصل الاجتماعي اكتست حلة سياسية خلال 2019 إلا أن ذلك لا يعني غياب السخرية التي تعودها الجزائريون عبر هذه المنصات، حيث كيف نشطاء هذه المواقع الكثير من الأحداث السياسية والتطورات في الساحة الوطنية وكل ما له علاقة بالحراك الشعبي في طابع هزلي فكاهي، هو ميزة سوشيال ميديا الجزائريين. وفي بداية الحراك الشعبي عرفت منصات التواصل تهكما على تغير مواقف بعض الأحزاب السياسية من العهدة الخامسة التي كانت موضوع عشرات الفيديوهات التي تم تداولها لمسؤولين حزبيين وسياسيين قبل وبعد سقوط نظام بوتفليقة، في حين شكلت أخبار انتقال مسؤولين سابقين في الحكومات المتعاقبة في عهد النظام السابق إلى سجن الحراش على مدار أسابيع الشغل الشاغل والحدث الأبرز عبر السوشيال ميديا، لتنتقل السخرية مع نهاية السنة واقتراب الرئاسيات إلى المرشحين الذين كانوا يطمعون في الوصول إلى كرسي المرادية، من بينهم أسماء وشخصيات تفننت في التصريحات المثيرة للجدل والتي جذبت اهتمام الفايسبوكيين.
بالمقابل، لم يكن كل ما ينشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي في صالح الحراك الشعبي والجزائريين، حيث لم تخل هذه المنصات طيلة السنة من الإشاعات التي ارتبطت بالحراك الشعبي، حيث تم تداول مئات الأخبار الزائفة والدعوات التحريضية، فيما تعرف الجزائريون خلال 2019 على مصطلح جديد في عالم التكنولوجيا والتواصل الرقمي يتمثل في الذباب الإلكتروني والذي حاول توجيه الحراك الشعبي عبر استغلال السوشيال ميديا لغير أهدافه، غير ان الجزائريين أبدوا وعيا كبيرا في التعامل مع الشائعات خاصة إذا تعلق الأمر بكل ما يمس أمن ووحدة الوطن، وهو ما خلق حربا خفية بين الإشاعة والإشاعة المضادة عبر فايسبوك وتويتر وحتى يوتيوب.
ويجمع المتابعون لشبكات التواصل الاجتماعي في الجزائر أن الصفحات السياسية في 2019 هي أكثر الصفحات التي استقطبت رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أصبح دور الفايسبوك مثلا في خلق الحوار السياسي بين الشباب أكثر عمقا مما كان في السنوات الماضية، ويعود الفضل في ذلك إلى الحراك الشعبي وما أفرزه من اهتمام متزايد للشباب الجزائري بالسياسة وتطورات الوضع في البلاد، مؤكدين أن عزوف الشباب عن التعاطي مع الأحداث والقضايا السياسية الوطنية عبر منصات التواصل في السابق راجع لإدراك خاطئ لدى الشباب الجزائري بأن آراءهم لن تغير الواقع السياسي في شيء، غير أن الحراك الشعبي غير العديد من المفاهيم، ما جعل الجزائريين ينخرطون مجددا في السياسة ويمارسونها عبر مختلف الفضاءات المسموحة، منها مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت من بين أهم أدوات الحراك الشعبي وضمنت خلال المسيرات الشعبية التعبئة والتغطية الإعلامية ونقل الأحداث، وهو ما خصص له المدونون مئات الصفحات التي تضم ملايين المشتركين.