الحدث

توتر يطبع الجبهة الاجتماعية طيلة 2019 وحراك نقابي مواز للحراك الشعبي

فيما تعاملت الحكومة بمبدأ التهدئة وكسب الوقت مع المطالب المهنية والاجتماعية التي رفعت

شهدت سنة 2019 الكثير من التوتر على صعيد الجبهة الاجتماعية، حيث نظمت النقابات المستقلة مئات الاحتجاجات، جاء بعضها دعما للحراك الشعبي ومطالبه، وأخرى لرفع مطالب اجتماعية ومهنية عالقة مع الحكومة التي كان تعاملها مع هذا الحراك النقابي مبنيا على مبدأ التهدئة وكسب الوقت.

 

  • النقابات المستقلة أول المنخرطين في الحراك الشعبي والداعمين لمطالبه

لم تكن سنة 2019 سنة هدوء على مستوى الجبهة الاجتماعية، حيث شهدنا طيلة السنة مئات الاحتجاجات والإضرابات لتنظيمات عمالية ونقابات مستقلة تبنت خيار التصعيد من أجل افتكاك مطالب مهنية واجتماعية، وانصبت احتجاجات أغلب النقابات مع البداية على دعم الحراك الشعبي ومطالبه، حيث شهدنا منذ 22 فيفري انخراط عشرات النقابات في مسعى تغيير النظام، وضمت هذه الأخيرة صوتها للمطالب الشعبية وخرجت العديد منها في مسيرات واحتجاجات أعطت زخما إضافيا للحراك الشعبي، كما سجلت النقابات المستقلة موقفا يحسب لها خلال 2019 عندما قاطعت جلسات الحوار التي بدأها الوزير الأول نور الدين بدوي لدى تعيينه على رأس الحكومة من طرف بوتفليقة، حيث رفضت النقابات آنذاك أن تعطي شرعية للحكومة المرفوضة شعبيا واختارت أن تقف في صف الشعب، كما شهدنا تنظيم إضرابات عامة رفضا لحكومة بدوي ووقف حملة اعتقالات الناشطين، وإنهاء التضييق على القوى المدنية ووسائل الإعلام.

 

  • رحيل سيدي السعيد أبرز ما طبع العمل النقابي في 2019

هذا ولم تكن سنة 2019 عادية بالنسبة للمركزية النقابية، حيث شهدت مئات الاحتجاجات ليس لرفع مطالب مهنية واجتماعية وإنما لإسقاط الرئيس السابق عبد المجيد سيدي السعيد الذي خرج من الباب الضيق، ليكون رحيله عن أكبر نقابة في الجزائر بمثابة الحدث في الوسط النقابي خلال سنة 2019، ليتم تعيين خلفا له سليم لباطشة، غير أن الوضع لم يستقر رغم ذلك، حيث لا تزال المركزية النقابية تعرف الاحتجاجات والتوتر في أوساط المناضلين الذين يطالبون بتطهيرها من الفاسدين والموالين لسيدي السعيد. وعلى صعيد العمل النقابي، فيلاحظ تغيير في موقف المركزية النقابية وتعاملها مع قضايا العمال والقضايا الوطنية التي تهم الجزائريين 180 درجة، حيث لم نر هذه السنة دعما من طرف هذه النقابة لقانون المالية ولا لإجراءات الحكومة التي اتخذتها مع اقتراب نهاية السنة من أجل تهدئة الجبهة الاجتماعية قبيل الرئاسيات، حيث اتخذت هذه النقابة ومسؤولوها الجدد موقف الحياد في العديد من المسائل الوطنية المهمة، على غرار قانون المحروقات الذي يهم العمال بطريقة مباشرة، وهو ما جعلها تتلقى العديد من الانتقادات.

 

  • احتجاجات ربع الساعة الأخير يخلط الأوراق ويشوش على المشهد

هذا وقد اعتمدت العديد من النقابات سياسة خاصة في التعامل مع الحكومة وطرح مطالبها، حيث اختارت هذه الأخيرة توقيتا كان للكثير من المراقبين محل استفهام من أجل الدخول في سلسلة من الاحتجاجات والإضرابات. ففي توقيت حرج ومع العد التنازلي نحو رئاسيات 12 ديسمبر، تصاعد منحنى الاحتجاجات المهنية والاجتماعية بشكل متسارع، ما شكل حالة غليان غير مسبوقة في قطاعات تمثل شريان الحياة العامة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد، وهو ما جعل الكثيرين يعتبرون أن توجه بعض النقابات نحو خيار الاحتجاج قبيل الرئاسيات هو محاولة للضغط على الحكومة التي اتخذت كافة السبل لإنجاح هذا الموعد الانتخابي. ومن بين النقابات التي اختارت احتجاجات وإضرابات ربع الساعة الأخير، نقابة القضاة التي استمر إضرابها لأكثر من أسبوعين ونقابة أساتذة التعليم الابتدائي ونقابة سونلغاز وكذا نقابة عمال البنوك وكنفيدرالية النقابات المستقلة التي تضم أكثر من 15 تنظيما نقابيا مستقلا، وسائقو الأجرة ونقابة عمال ميناء أرزيو، وهو ما أثر على الجبهة الاجتماعية التي عاشت خلال هذه الفترة تحديدا توترا كبيرا، خاصة أن الحكومة لم تتجاوب مع مطالب هذه النقابة، مؤجلة كل شيء إلى ما بعد الرئاسيات.

 

  • زوبير روينة: طرحنا مطالبنا على الهامش حتى نعطي نفسا قويا للحراك الشعبي

وفي تقييمه للعمل النقابي خلال سنة 2019، أكد الأمين العام لمجلس أساتذة الثانويات الجزائرية، زوبير روينة، في تصريح لـ "الرائد"، أمس، أن النقابات هذه السنة أرجأت مطالبها المهنية والاجتماعية لدعم الحراك الشعبي، مشيرا أن أغلب النقابات المستقلة قررت منذ البداية الانصهار في الحراك الشعبي من خلال تغليب المصالح العليا للوطن، وطرحت مشاكلها ومطالبها الفئوية على الجانب حتى تعطي نفسا قويا لهذا الحراك، خاصة أن نجاح هذا الأخير في تغيير النظام السياسي في الجزائر سيساهم في حل جميع المشاكل المطروحة. أما فيما يتعلق بالمطالب الاجتماعية والمهنية التي طرحت خلال سنة 2019، فقد أكد روينة أن مطالب النقابات قديمة ومشتركة، مضيفا أن القدرة الشرائية للمواطنين تدهورت بشكل كبير في السنين الأخيرة بسبب السياسات العرجاء للحكومات، وأيضا بسبب تواطؤ العديد من المؤسسات الرسمية مع خيارات الحكومة، وهو ما يجعل تحسين هذه القدرة الشرائية على رأس المطالب، مع رفض أغلب النقابات الجزائرية لقانون العمل الجديد ونفس الأمر بالنسبة لقانون التقاعد.

 

  • إلياس مرابط: عمل النقابات في 2019 كان واجبا وطنيا

من جهته، أكد رئيس نقابة ممارسي الصحة العمومية، إلياس مرابط، في تصريح لـ "الرائد"، أن النقابات المستقلة سجلت موقفا مشرفا هذه السنة. فرغم عدم تمكنها من افتكاك مطالب اجتماعية ومهنية، يكفي أنها وقفت إلى جانب الحراك الشعبي ورفضت حوار الحكومة المغضوب عليها، مشيرا أن رؤية أغلب النقابات كانت تصب في أن نجاح الحراك الشعبي وتغيير النظام يعني الذهاب نحو حل العديد من المشاكل، منها المشاكل المهنية والاجتماعية للنقابات. وأشار مرابط أن العمل النقابي خلال 2019 كان واجبا وطنيا، مشيرا أن المرحلة المقبلة ستكون مرحلة حصد الثمار، حيث تعول أغلب النقابات على الحكومة الجديدة من أجل طرح مطالبها العالقة منذ سنوات.

 

من نفس القسم الحدث