الحدث

وضع هش للتجارة الخارجية والحل في خلق مؤسسات تصدير خاصة

الحكومة تبقى عاجزة عن رفع الصادرات وتقليل الواردات رغم الإجراءات المتخذة

خبراء: المرحلة المقبلة تتطلب شكلا اقتصاديا جديدا يعالج اختلالات الميزان التجاري

تظهر الأرقام التي توردها الجمارك وضعا هشا للتجارة الخارجية، حيث دائما ما تكشف مختلف حصائل هذا الجهاز فيما يتعلق بالاستيراد والتصدير عن عجز الحكومة في خفض الواردات وإنعاش الصادرات خارج المحروقات، وهو ما يعتبره الخبراء أمرا مرتبطا بضعف الاستراتيجية المتبعة وغياب خطة واضحة وإطار مسير لهذه التجارة الدولية، ما يستدعي، حسبهم، خلق مؤسسات خاصة في مجال التصدير ومتخصصة حسب القطاعات، تساهم في تطوير نشاط التصدير في الجزائر وضبط الواردات وتقليص التهريب وحماية المنتوج الوطني.

وتكشف أرقام الجمارك التي ترد كل مرة أن الحكومة قد عجزت بالفعل أمام ملف الواردات، التي لم تقف أمامها لا رخص الاستيراد ولا قائمة 1000 منتج المنوع من دخول البلاد، وواصلت التهام ملايير الدولارات، وهو ما جعل وضع التجارة الخارجية بالجزائر يتسم بالهشاشة، الأمر الذي حال دون دعم المنتوج المحلي وتعزيز القدرات الوطنية.

وفي هذا الصدد يلح الخبراء الاقتصاديون، بدل إقرار المنع على الاستيراد، على مساعدة الناشطين في هذا القطاع في التحول من الاستيراد إلى الاستثمار، معتبرين أن أغلبية هؤلاء تمكنوا من جمع ثروة ولديهم احتكاك ودراية بالسوق الخارجية وخبرة في التعامل مع التجارة الدولية، لذلك من الضروري تشجيعهم على اقتحام ميدان الاستثمار والإنتاج وترقية الصادرات خارج المحروقات، بما يمتلكونه من خبرة وعلاقات في السوق الدولية، مؤكدين أن إزاحة العراقيل التي دائما ما يتحدث عنها المصدرون مرتبطة بعراقيل إدارية، ما يجعل الأكثر إلحاحا في الفترة المقبلة هو بناء إدارة تلبي حاجيات الاقتصاد وليس حاجيات السياسة، فمن غير الممكن الاستمرار في تسيير مجال التصدير بنفس الإدارة التي كانت تسير الاقتصاد الموجه.

لالماس: المرحلة المقبلة تتطلب شكلا اقتصاديا جديدا يعالج اختلالات الميزان التجاري

وفي السياق، أكد الخبير في التجارة الدولية، إسماعيل لالماس، أن مشكل التصدير في الجزائر يتعلق بضعف الاستراتيجية المتبعة وغياب خطة واضحة وإطار مسير لهذه التجارة الدولية المبنية على تشجيع الصادرات خارج المحروقات، وضبط الواردات وجلب الاستثمار الأجنبي، مضيفا أن التجارة الخارجية تعاني هشاشة كبيرة خاصة في الفترة الأخيرة، حيث لم تنفع الإجراءات التي اتخذتها الحكومة والتي انصبت على منع الاستيراد وتقليل الواردات، وأهملت ملف الصادرات الذي يبقى يراوح مكانه رغم الإمكانيات الوطنية الكبيرة.

واعتبر لالماس أن المرحلة المقبلة تتطلب استراتيجية وطنية قوية وشكلا اقتصاديا جديدا على أساس معطيات مدروسة حول وضعية وإمكانيات كافة القطاعات، وتسخير كافة وسائل الدولة، مضيفا أن عملية التصدير تتطلب مؤسسات مختصة تعمل على تسطير خطط وبرامج على المدى المتوسط والطويل، حتى لا تصبح عملية التصدير مناسباتية، مضيفا أن انعدام التنسيق ما بين القطاعات أدى إلى المشكل الحاصل في مجال التصدير. وألح لالماس في ذات السياق على أهمية الذهاب إلى تنويع المنتوج الوطني، أي أن نجعل من القطاعات التي تتميز بقدرات تنافسية مع المتعاملين الأجانب، وبوفرة المنتوج ووفرة في اليد العاملة المؤهلة، ووفرة في المواد الأولية، في مقدمة الاهتمام، وهذا يتطلب القيام بعمل دقيق وبتشخيص عميق لكل القطاعات، لمعرفة نقاط قوتها ومدى الاعتماد على فروع إنتاجها في عملية التصدير، حيث قال لالماس إن هذا التشخيص كفيل بأن يحدد لنا قدرات أي قطاع ومدى قدرته على ديمومة تغطية حاجة أي سوق خارجية نريد دخولها، لأن الأمر لا يمكن أن يبنى على الظرفية، وهو ما يستدعي أن تنكب كل ورشة من ورشات ضبط الاستراتيجية الوطنية لتطوير الصادرات على محور معين، مضيفا أن خلق مؤسسات خاصة في مجال التصدير ومتخصصة حسب القطاعات سيساهم في تطوير نشاط التصدير في الجزائر وضبط الواردات وتقليص التهريب وحماية المنتوج الوطني.

 

من نفس القسم الحدث