الحدث

بين ثورة التحرر من الاستعمار وثورة التحرر من أذناب العصابة.. الجزائريون يبحثون عن استقلال جديد

الجمعة 37 من الحراك الشعبي بنكهة احتفالية ومطالب ثورية

مشاهد السلمية تصنع الحدث وتخيب آمال الحاقدين

 

لم يكن حراك الجزائريين، أمس، عاديا حيث تقاطعت مظاهر المسيرات والاحتجاجات التي تصر على نفس المطالب المتمثلة في إحداث القطيعة مع نظام العصابة وضمان شفافية ونزاهة الانتخابات الرئاسية، مع مظاهر الاحتفال بالذكرى 65 لاندلاع الثورة التحريرية تحت شعار "الثورة درناها والاستقلال قادم".

في مسيرة شعبية مميزة عرفتها الجزائر منذ 22 فيفري، لم يخلف الجزائريون موعدهم مع التاريخ في الجمعة السابعة والثلاثين للحراك الشعبي، التي تزامنت مع الاحتفال بالذكرى 65 لعيد الثورة المجيدة، فخرجوا بأعداد حاشدة في شوارع العاصمة وجميع ولايات الوطن، لمواصلة حراكهم الرامي إلى رحيل كل رموز النظام السياسي السابق واجتثاث العصابة والمفسدين، مؤكدين على وعي سياسي منقطع النظير. وقد كانت مسيرات أمس تأكيدا من الجزائريين أن ثورتهم سلمية ومستمرة حتى الحصول على استقلال جديد من نظام عصابة أنهك مفاصل الدولة منذ عقدين من الزمن. فبين ثورة التحرير من الاستعمار وثورة التحرير من أذناب العصابة، لا يزال الجزائريون يضربون مثالا في الوطنية ويعطون دروسا في السلمية والوعي السياسي.

 

    • تعزيزات أمنية كبيرة ومصالح الأمن تمنع أي محاولات للفوضى

 

وقد عرفت الجزائر العاصمة تعزيزات أمنية كبيرة، بعدما شهدت ليلة أمس الأول تجمع عدد كبير من المتظاهرين قادمين من مختلف ولايات الوطن، في حين تحدثت مصادر عن تسجيل اعتقالات في وسط المتظاهرين في فترة ما قبل صلاة الجمعة بسبب خروقات تتعلق برفع رايات غير الراية الوطنية، وهو ما سرعان تم تجاوزه، حيث أبانت مصالح الأمن عن وعي وتحكم في الوضع، في حين أصر الجزائريون على سلميتهم من خلال تجنب أي مظاهر فوضى، فيما شهدت جميع المداخل الشرقية والغربية للجزائر العاصمة إنزالا لمصالح الدرك وقوات مكافحة الشغب، وهو الأمر الذي سبب ازدحاما مروريا كبيرا.

 

    • جيل الاستقلال يخرج جنبا إلى جنب مع جيل الثورة طلبا لاستقلال جديد

 

وبالعاصمة وفي قلب المظاهرات ووسط جو امتزجت فيه الدموع والزغاريد وديكور صنعته الأعلام الوطنية، عاش الجزائريون أمس يوما استثنائيا في مسيرة الحراك الشعبي، حيث عرفت مظاهرات أمس مشاركة قياسية من مختلف أطياف المجتمع، كبارا وصغارا وشبابا وشيوخا خاصة من المجاهدين، حيث خرج جيل الثورة وجيل الاستقلال جنبا إلى جنب طلبا لاستقلال آخر وبناء جزائر جديدة قوامها العدل والمواساة، وقد جاءت أغلب الشعارات مواكبة للحدث، حيث نادى الجزائريون بالاستقلال مؤكدين "الثورة درناها والاستقلال في الطريق"، معتبرين أن ما عاشوه خلال العشرية الماضية كان بمثابة استعمار من نوع آخر. ولم يختلف إصرار المتظاهرين على الانتقال الديمقراطي الحقيقي من أجل "جزائر جديدة"، مرددين بصوت واحد "ليبيري لالجيري" و"جزائر حرة ديمقراطية".

 

    • مشاهد السلمية تصنع الحدث وتخيب آمال الحاقدين

 

وقد صنعت أمس مشاهد السلمية والتنظيم المحكم للمظاهرات الحدث، حيث خيب الجزائريون آمال بعض الحاقدين على الجزائر الذين راهنوا على مسيرات أمس من أجل الإخلال بالنظام العام ودفع المواطنين إلى الفوضى، إلى درجة إصدار تحذيرات من بعض الدول لرعاياها بعدم السفر إلى الجزائر والتواجد في محيط المظاهرات، على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، غير أن العكس هو الذي حدث. فمسيرات أمس كانت مثالا آخر ضربه الجزائريون في الوعي السياسي والسلمية، حيث نظم المواطنون العديد من المبادرات ووزعوا "أكلات تقليدية" وقارورات المياه وعملوا على تنظيم أنفسهم وتحركاتهم التي كانت محسوبة، واستطاعوا فعلا إعادة زخم الحراك الشعبي من خلال مسيرات كانت بمثابة مهرجان احتفالي ويوم تاريخي آخر في تاريخ الجزائر الجديدة وتاريخ الحراك الشعبي الاستثنائي.

 

    • الجزائريون يراهنون على إعادة بناء جمهورية يكون الشعب فيها هو السيد

 

هذا وقد ردد الجزائريون، أمس، نفس المطالب المعهودة بداية بإطلاق سراح الموقوفين، وعلى رأسهم المجاهد لخضر بورڤعة، مرددين بصوت واحد "من العيب أن يقضي المجاهد بورڤعة يوم اندلاع الثورة التحريرية في السجن"، وكذا "يا للعار يا للعار المجاهد في الدمار"، كما طالب المتظاهرون بالإسراع في تحقيق مطالب الشعب بعيدا عن كل المزايدات والشروط المسبقة التي لا تخدم إلا مصالح المفسدين الذين يجب محاسبتهم علنا واسترجاع كل أموال الشعب المنهوبة، داعين مرة أخرى لتطبيق المادتين 7 و8، حيث أكدوا أن الشعب هو مصدر السلطة وحاميها طبقا للمواد 7 ـ 8 من الدستور، ينتخب من يشاء ويعزل من يشاء، مؤكدين أن الشعب الجزائري مازال في منتصف الطريق ويجب أن يشمر على سواعده وينظم نفسه لتحقيق مكاسب أخرى، والذهاب إلى مرحلة أخرى تكون مبنية على المطالب الشعبية التي تجمع الجزائريين، مرددين هتاف "التتويج الحقيقي للشعب الجزائري" مع الحرص على إعادة بناء جمهورية يكون الشعب فيها هو السيد وصاحب القرار في اختيار رئيسه.

س. زموش

 

من نفس القسم الحدث