الحدث

مرشحون يستغلون غياب مراكز سبر الآراء لتقوية حظوظهم في الرئاسيات

البعض يتحدث عن تلقيه دعما من الملايين وآخرون يبالغون في الشو الإعلامي

    • رزاقي: البرامج هي التي تؤثر في توجه الرأي العام وليس التصريحات

    • سعدي: غياب عمليات سبر الآراء بالجزائر سببه طبيعة المجتمع الجزائري

 

بالغ العديد من المرشحين المحتملين لرئاسيات الـ 12 ديسمبر المقبل، ممن سحبوا استثمارات الترشح الخاصة بهذا الاستحقاق، في نفخ عضلاتهم والحديث عن حظوظ قوية لهم للوصول إلى قصر المرادية، إلى درجة أن هناك مترشحا أكد أنه سيكون الرئيس المقبل للجزائر، ومن الواضح أن هؤلاء المرشحين، سواء كانوا أحرارا أو ممثلين لأحزاب سياسية، قد استغلوا غياب مراز سبر آراء في الجزائر من أجل محاولة التأثير وتوجيه الرأي العام ورفع سقف حظوظهم، رغم أنهم قد لا يتمكنون حتى من جمع توقيعات الترشح.

مع كل عملية انتخابية تطرح مجددا إشكالية غياب مراكز لسبر الآراء في الجزائر، والتي من المفروض أن تكون قائمة على قياس توجهات الجزائريين وحظوظ كل مترشح خلال الانتخابات، غير أنه في الجزائر فإن التكهنات باتت صعبة، خاصة في ظل التصريحات التي تصدر من طرف بعض المترشحين الذين بالغوا في نفخ عضلاتهم هذه الأيام، حتى قبل تقديم ملفات ترشحهم، حيث رفع أغلبهم من حظوظهم.

وأكد مرشحون أنهم يتلقون دعما من طرف ملايين الجزائريين، بينما بدأت التصنيفات للمرشحين للرئاسيات بين مرشح الشعب ومرشح السلطة والمرشح التوافقي، في حين قال مشرح آخر إنه سيكون الرئيس المقبل للجزائر بكل ثقة، وهو ما لقي ردود فعل غاضبة من طرف الجزائريين وحتى الطبقة السياسة من مثل هذه التصريحات الاستفزازية.

ويمثل غياب مراكز لقياس توجهات الجزائريين وسبر آرائهم دائما نقطة مظلمة خلال العمليات الانتخابية التي مرت بها الجزائر، حيث دائما ما تكون التكهنات والتوقعات غير مؤسسة على قواعد واضحة وثابتة، وإنما تستند لمجرد تصريحات و"شو إعلامي" يمارسه المترشحون والأحزاب السياسية، وهو ما يمثل إشكالية كبيرة من المفروض أن يتم تداركها نظرا لأهمية هذه المراكز، ليس فقط فيما يتعلق بالعملية الانتخابية، فمراكز سبر الآراء تعد مهمة أيضا لرسم السياسات العمومية، بغية القيام بإصلاحات مثلا أو سن قوانين جديدة، حيث وجب معرفة توجهات وآراء المواطنين، كما أن هذه الأخيرة تدعم بالمجمل المنهج الديمقراطي على أسس صحيحة.

 

    • رزاقي: البرامج هي التي تؤثر في توجه الرأي العام وليس التصريحات

 

وفي هذا الصدد، أكد الأستاذ بجامعة الاتصال، عبد العالي رزاقي، أن انعدام مراكز سبر الآراء في الجزائر مسؤولية تتحملها الحكومة التي لم تؤسس لمثل هكذا هياكل، رغم أن الجامعة الجزائرية تكون الطلبة في هذا المجال.

واعتبر رزاقي، في تصريح لـ"الرائد"، أن "ما يتم تسويقه حاليا من تصريحات المترشحين المحتملين لم يمكن تصنيفه في خانة التأثير على الرأي العام أو توجيهه، وإنما هي مجرد تصريحات إعلامية الهدف منها إعطاء الحجم قبيل الرئاسيات، خاصة أن هذه التصريحات تتم حتى قبل إيداع المترشحين لملفاتهم ودون الكشف عن أي برامج".

واعتبر المتحدث أن الجزائري لا يمكن توجيهه للذهاب إلى صناديق الاقتراع، فكيف بالتأثير عليه للتصويت لصالح مترشح معين، مشيرا أن غياب مراكز سبر الآراء هو إشكالية كبيرة ليس فقط في عالم السياسة، فهذا الفراغ يؤثر حتى على رسم السياسات العمومية، بغية القيام بإصلاحات مثلا أو سن قوانين جديدة حيث وجب معرفة توجهات وآراء المواطنين، كما أن وجود مراكز سبر آراء تعرف توجهات الجزائريين أمر يدعم أكثر المنهج الديمقراطي على أسس صحيحة.

 

    • سعدي: غياب عمليات سبر الآراء بالجزائر سببه طبيعة المجتمع الجزائري

 

من جهته، اعتبر الأستاذ المختص في علم الاجتماع بجامعة الجزائر، الهادي سعدي، أن غياب عمليات سبر الآراء بالجزائر سببه طبيعة المجتمع الجزائري الذي يتفادى الإدلاء بحقيقة رأيه وتوجهه الفعلي، معتبرا أنه حتى وإن كانت هناك مؤسسات خاصة لسبر الآراء في الجزائر، فإن الحصول على نتائج ذات مصداقية سيستغرق سنوات أخرى، حيث تحتاج هذه المؤسسات إلى خبرة وآليات عمل مستقلة.

وقال سعدي إن المجتمع الجزائري عموما عندما يدلي بآرائه فإنه لا يقدمها صحيحة، وهذا بناء على تجارب سابقة لشركات أجنبية، وتبين أن الجزائري غالبا لا يفصح عن آرائه بسبب أن المجتمع الجزائري لم يعرف الديمقراطية الا حديثا، وهو ما يحتاج إلى سنوات من الانفتاح حتى نصل إلى مستويات مشجعة في عمليات رصد التوجهات وسبر الآراء.

س. زموش

 

من نفس القسم الحدث