الحدث

التضليل وعثرات الحكومة يحركان الجزائريين للتصدي لقانون المحروقات

تلبية لدعوات تم تداولها في اليومين الأخيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي

توسّع الرفض الشعبي لقانون المحروقات. فبعد أن تحول التنديد بما جاء به هذا القانون إلى أهم محاور الحراك الشعبي خلال الجمعة 34 من الاحتجاجات، خرج أمس مئات الجزائريين في وقفة احتجاجية أمام قبة البرلمان وعبر عدد من الولايات، لرفض ما جاء به هذا القانون من تعديلات في النظام الجبائي والامتيازات الجديدة الممنوحة لصالح الشركات الأجنبية المستثمرة في القطاع، معتبرين أن حكومة بدوي لا تملك أصلا الصلاحيات لتمرير قانون حساس كهذا في هذا التوقيت، وهو ما سيجعل هذه الأخيرة في ورطة حقيقية قد تدفع بها لتأجيل النظر في القانون حتى لا تفتح جبهة توتر جديدة ونحن على أبواب الانتخابات الرئاسية.

 

    • الجزائريون يحتجون بشعار "لا لقانون المحروقات لا للمساس بسيادة الوطن"

 

لبى أمس مئات المواطنين بالعاصمة وعبر عدد من الولايات الدعوات التي تم تداولها، في اليومين الأخيرين، بخصوص رفض مشروع قانون المحروقات الجديد، حيث شارك مئات المواطنين بالعاصمة في وقفة احتجاجية أمام قبة البرلمان، في حين خرج عدد من العمال والمواطنين في ولاية بجاية في وقفة احتجاجية أمام مقر مؤسسة سوناطراك، تعبيرا عن رفضهم لمشروع القانون المثير للجدل.

واعتبر المتظاهرون أمس أن إعداد وصياغة مشروع قانون المحروقات من قبل حكومة بدوي غير الشرعية، على حد تعبيرهم، هو أمر غير مقبول، مؤكدين أن مشروع قانون المحروقات يعد مشروعا سياديا لا يحق لحكومة الوزير الأول نور الدين بدوي التدخل في إنجازه على اعتبار أنها حكومة مؤقتة، كما اعتبروا أن مشروع القانون يحمل العديد من التنازلات لصالح الشركات الأجنبية وهو ما يرهن خيرات البلاد وحق الأجيال المقبلة من أهم مورد وهو البترول، ورفع المحتجون أمس العديد من اللافتات مدون عليها "لا لقانون المحروقات"، "لا للمساس بسيادة الوطن". وقد شهد محيط المجلس الشعبي الوطني تعزيزات أمنية كبيرة حيث تم غلق كل الطرق المؤدية إليه.

 

    • هل تم تسييس الانتقادات الموجهة للحكومة؟

 

بالعودة إلى الدعوات التي أطلقت مؤخرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي بخصوص رفض قانون المحروقات، فإن هذه الأخيرة روجت أنه ستتم اليوم المصادقة على هذا القانون على مستوى المجلس الشعبي الوطني، وهو ما أخرج الجزائريين إلى الشارع، رغم أن هذا الأخير لم يتم عرضه ومناقشته بعد على مستوى المجلس ويوجد على مستوى مجلس الوزراء، وهو ما جعل البعض يعتبر أن الملف تم تسييسه أكثر من اللازم، خاصة وأن أغلب الجزائريين الذين خرجوا للاحتجاج أمس لم يطلعوا على مشروع القانون كاملا وإنما مجرد محاور روجت لها وسائل الإعلام في الفترة الأخيرة، وصنعت الجدل بين الخبراء الاقتصاديين الذين هم أنفسهم منقسمون بين مؤيد للمشروع ورافض له.

وحسب ما يؤكده مراقبون، فإن رافضي المشروع استغلوا الرفض الشعبي لحكومة بدوي المؤقتة وحاولوا توظيف الحراك الشعبي لصالح رفض هذا القانون، رغم أن الجميع يتفق أن التوقيت الحالي حساس وليس مناسبا لتمرير مشروع مصيري كهذا.

 

    • حكومة بدوي في ورطة والقانون الجديد مصيره التعطيل

 

وبسبب هذا الرفض الشعبي لمشروع قانون المحروقات الجديد، ستكون الحكومة في ورطة حقيقية قد تدفعها إلى تأجيل النظر فيه إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، خاصة أن الرفض لهذا القانون لم يأت فقط من طرف الاقتصاديين وعموم المواطنين فحسب، بل أغلب السياسيين ونواب البرلمان عبروا الفترة الأخيرة عن رفضهم لتمرير قانون المحروقات في هذا التوقيت بالذات، وطالبوا بتأجيله، في حين هدد سيناتورات بمجلس الأمة بتوقيف مناقشات المشروع إن تم تمريره، معتبرين أن هذا الأخير هو قانون هام ومصيري ويتوجب مناقشته في هدوء وتأن، بعيدا عن مناخ الانتخابات والحملة الانتخابية، ما يعني أن التعطيل سيكون مصير مشروع القانون لا محال.

 

    • سراي: التعجيل بالمشروع خطأ ولا يمكن الرضوخ للضغوطات الدولية على حساب السيادة الوطنية

 

وحول ما جاء به قانون المحروقات، أكد الخبير الاقتصادي الدولي، مبارك عبد المالك سراي، في تصريح لـ"الرائد"، أمس، أن التعجيل بمشروع القانون جاء بسبب ضغوطات دولية قوية على الجزائر، خاصة من الطرف الأمريكي، مشيرا أن الحكومة الحالية استغلت الفرصة من أجل تمرير هذا القانون في هذا التوقيت وتقديم تسهيلات وامتيازات استثنائية للمستثمرين الأجانب.

وأضاف سراي أنه قام باستشارة حوالي ألف خبير اقتصادي ينشطون بالجزائر وخارج الوطن، وأغلبهم يرفضون هذا القانون، مضيفا أن حكومة بدوي هي حكومة بنظر الجزائريين غير شرعية، لذلك فإن إقدامها على تمرير القانون سيكون له عواقب وخيمة.

وأكد سراي أن القانون تم اعتماده دون الأخذ بعين الاعتبار آراء الخبراء والمختصين، مشيرا أنه وحسب ما وصله من أصداء فإن الطاقم الذي أشرف على مناقشة القانون تنقصه الخبرة، مضيفا أن هذا القانون هو قضية سيادة وطنية ورفض الجزائريين له مبرر ومن حقهم، ليضيف أنه من واجب الحكومة تحرير الاقتصاد وخصوصا قطاع المحروقات، ولا يجب أن ننغلق على أنفسنا، لكن دون المساس بحق الأجيال القادمة من خيرات البلاد ودون المساس بالسيادة الوطنية، مؤكدا أنه من الضروري تأجيل النظر في هذا القانون خاصة أن الجزائر تمر بظرف صعب لا يحتمل مزيدا من جبهات التوتر.

س. زموش

 

من نفس القسم الحدث