الحدث

أطراف تتهم الحكومة بتوظيف ملف السكن لصالح الانتخابات الرئاسية؟!

حركية مفاجئة بالقطاع، إطلاق صيغ جديدة والحكومة تبادر لحل المشاكل العالقة

    • جمال شرفي: التوظيف المناسباتي للملف هو الذي جعل أزمة السكن تستمر

    • سعدي: السكن سيبقى ورقة رابحة في الانتخابات ما دام المواطن يعتبره "مزية" من الدولة

 

يعرف قطاع السكن، هذه الأيام، حركية كبيرة. فبعد فترة من الجمود أخرت إنجاز المشاريع وتوزيع البرامج السكنية ضمن العديد من الصيغ، تحركت الحكومة أخيرا من أجل حل عدد من الملفات العالقة، منها ملف نقص الأوعية العقارية بالنسبة لبرنامج عدل 1 و2 بالعاصمة تحديدا، في حين بادرت وزارة السكن لإطلاق صيغ سكنية جديدة، بينما يتم الترويج حاليا لعملية إسكان كبير خاصة بالسكن الاجتماعي في 1 نوفمبر المقبل، وهو ما ربطه مراقبون باقتراب موعد الرئاسيات، معتبرين أن ملف السكن يجري توظيفه لصالح الانتخابات الرئاسية مرة أخرى.

المتابع لقطاع السكن هذه الأيام يلاحظ الحركية المفاجئة التي يعرفها هذا الأخير، بعد فترة جمود شهدناه منذ تعيين حكومة تصريف الأعمال، وحالة من الانسداد انجر عنها تأخر إنجاز أغلب المشاريع السكنية، وكذا تأخر توزيع السكنات بمختلف الصيغ، لتتحرك مع اقتراب موعد الرئاسيات وتعطي جرعة أمل جديدة للجزائريين في الحصول على سقف منزل، حيث تم في الأسابيع الأخيرة فتح الاكتتاب في صيغة الترقوي المدعم "آل. بي. يا"، وهي العملية التي عرفت نسبة قياسية من الراغبين في الاستفادة من الصيغة، لتقدم وزارة السكن وعودا برفع الكوطة واستفادة عدد من الولايات من حصة إضافية.

من جانب آخر، أعلنت وزارة السكن، منذ أيام أيضا، عن إطلاق صيغة جديدة نهاية السنة الجارية، تتعلق بالسكن الإيجاري الترقوي والتي ستكون موجهة لأصحاب الدخل المتوسط، كما خصصت الحكومة اجتماعا، نهاية الأسبوع، لدراسة ملف السكن، خرج بقرارات مهمة حلت مشاكل كانت عالقة منذ أشهر، حيث تم توفير كامل الوعاء العقاري المطلوب لاستكمال الشطر المتبقي من برنامج سكنات عدل لولاية الجزائر، المقدر بـ 44.323 وحدة سكنية، حيث أعطى الوزير الأول موافقته المبدئية على تخصيص القطع الأرضية المسترجعة عقب إزالة الأحياء القصديرية المتبقية لإنجاز برنامج "عدل"، على أن تخصص بصفة أولوية للمكتتبين من سكان البلديات المعنية.

كما أمر بتبني أنماط بناء تضمن الاستغلال الأمثل للأوعية العقارية المتوفرة، باللجوء إلى نمط العمارات ذات الطوابق المتعددة، وكلف بدوي والي العاصمة بإنشاء لجنة متعددة القطاعات تتولى معاينة القطع الأرضية المعنية وإعداد النصوص التنظيمية المتعلقة بها، على أن تستكمل كل الإجراءات في أقرب الآجال.

كما كلف وزير السكن، بمعية وزير المالية، باتخاذ الإجراءات الكفيلة بإقامة مختلف الهياكل والمرافق العمومية المرافقة لهذه البرامج السكنية بصفة استباقية (المؤسسات التربوية والصحية ومرافق التسلية والرياضة)، وتم تكليف وزير المالية باتخاذ كل الإجراءات الضرورية لمرافقة تجسيد هذا البرنامج عبر تجنيد الموارد المالية اللازمة.

 

    • جمال شرفي: التوظيف المناسباتي للملف هو الذي جعل أزمة السكن تستمر

 

ويرى متبعون لقطاع السكن في الجزائر أن الحكومة من خلال هذه الإجراءات تحاول مرة أخرى اللعب على ورقة أزمة السكن لاستمالة الناخبين وضمان ولاء المواطن، حيث أكد الخبير الاقتصادي ورئيس المجلس الأعلى للمهندسين المعماريين، جمال شرفي، في تصريح لـ"الرائد"، أن التحرك لحل العديد من الملفات العالقة بقطاع السكن وإطلاق صيغ سكنية جديدة كانت مجمدة بسبب الوضعية المالية للجزائر وضعف مداخيل خزينة الدولة في هذا التوقيت بالذات، هو محاولة لاسترجاع ثقة المواطن تحسبا لموعد الرئاسيات القادمة، مشيرا أن الحكومة تعي جيدا أن السكن بالنسبة للجزائري هو حلم يقدم أي تنازلات من أجل تحقيقه، وهو ما جعل توظيف ملف أزمة السكن خلال كل الانتخابات بمثابة تقليد في الجزائر.

وأشار شرفي في السياق ذاته أن الحركية المناسباتية التي يعرفها قطاع السكن هي التي جعلت الأزمة تستمر، مشيرا أنه من المفروض معالجة المشاكل التي تتعلق بنقص العقار في ولاية الجزائر العاصمة بالنسبة لمشاريع عدل على سبيل المثال منذ سنتين وليس أن نترك الأمور تصل إلى مرحلة الانسداد، لنخرج بقرارات كان يمكن أن تتخذ قبل هذا الوقت، فقط من أجل التسويق لجدية السلطة وتفاعلها مع المشاكل التي يعيشها المواطن قبل الانتخابات بأشهر.

من جانب آخر، توقع شرفي أن يأخذ ملف السكن حيزا كبيرا من برامج المرشحين للانتخابات الرئاسية، مضيفا أن هؤلاء أيضا يعلمون جيدا أن السكن يمثل أولوية للجزائريين، لذلك سنرى في الأيام المقبلة "العجب" من الوعود والبرامج لحل أزمة السكن، يضيف شرفي.

 

    • سعدي: السكن سيبقى ورقة رابحة في الانتخابات ما دام المواطن يعتبره "مزية" من الدولة

 

من جهته، اعتبر المختص في علم الاجتماع، الهادي سعدي، أن توظيف السكن لصالح الانتخابات الرئاسية كل مرة سببه الانطباع الذي أعطاه المواطن للمسؤولين في الجزائر، وهو أن السكن أقصى ما يتمناه الجزائري، مشيرا أن أغلب المواطنين يحلمون بامتلاك سكن خاص بهم، وهو الذي عزز إشكالية السكن وجعلها ورقة في أيدي الانتهازيين، معتبرا أن السكن كان وسيبقى ورقة رابحة في الانتخابات ما دام المواطن يعتبره "مزية" من الدولة وليس حقا، ليضيف أن الجزائريين الذين خرجوا في حراك شعبي كان حديث العالم طيلة الأشهر الماضية، من المفروض أن يرفعوا سقف طموحاتهم إلى تحقيق التنمية والتحرر من التبعية الاقتصادية للخارج، والتبعية للمحروقات، والوصول بالبلاد، تكنولوجيًا وصناعيًا واقتصاديًا وعسكريًا، إلى مصاف الدول المتطورة، وليس أن يبقى تفكيرنا منحصرا في أدنى الحقوق الطبيعية.

س. زموش

 

من نفس القسم الحدث