الحدث

مأساة إنسانية بالوادي والرأي العام تحت الصدمة

شرارة كهربائية بمستشفى الأمومة تتسبب في تفحم 8 رضع واختناق 70 شخصا

    • صور مأساوية لعائلات الضحايا والشارع المحلي يحتج

    • ميراوي يرجع الحادث إلى الإهمال ويقيل هؤلاء المسؤولين

    • وكيل الجمهورية يأمر بتشريح جثث الرضع وتحقيق أولي يرجع سبب الحريق إلى شرارة كهربائية

 

عرفت ولاية الوادي، كارثة إنسانية حقيقية، حيث تسبب حريق نشب بمستشفى الولادة "بشير بن ناصر" في وفاة 8 رضع واختناق أكثر من 70 شخصا، وهي المأساة التي خلقت غضبا واحتقانا كبيرين في الولاية وهزت الرأي العام ككل، والذي ندد بتكرار مثل هذه الفضائح، ليسارع المسؤول الأول عن القطاع إلى إقالة مدير المستشفى والطاقم الطبي، في خطوة لامتصاص غضب أهالي الضحايا، وهو ما لم يكن كافيا لتعويض العائلات عن فلذات أكبادهم الذين تفحموا حتى الموت بسبب الإهمال والتسيب.

أفاق الجزائريون، أمس، على وقع كارثة إنسانية ومأساة حقيقية وقعت بولاية الوادي، حيث تسبب حريق اندلع فجرا بمستشفى الولادة "بشير بن ناصر"، في وفاة ثمانية رضع، فيما اختنق ما يزيد عن 70 شخصا. وحسبما أكدته مصالح الحماية المدنية، فإن أسباب الحريق الذي وقع في حدود الساعة الرابعة صباحا ترجع إلى شرارة كهربائية. وتمكنت ذات المصالح من إخماد الحريق في حدود الرابعة صباحا، وقد تم إنقاذ 11 رضيعا و4 عاملين على مستوى مصلحة الولادة. في حين خلفت الكارثة وفاة 8 مواليد جدد، حسب الحصيلة الأولية للوفيات، منهم رضيع احترق كليا و5 جراء الحروق ورضيعين اختناقا بالدخان.

هذا وأشارت مصالح الحماية المدنية أن عملية إطفاء الحريق استغرقت 10 دقائق، مشيرة أنه تم تخصيص وسائل ومعدات تتمثل في 8 سيارات إسعاف و6 شاحنات إطفاء، بالإضافة إلى تعداد بشري يقدر بـ 40 عونا للحماية المدنية و3 ضباط من نفس الهيئة.

 

    • ميراوي يرجع الحادث إلى الإهمال ويقيل هؤلاء المسؤولين

 

وبمجرد انتشار خبر الحريق، سارع وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، محمد ميراوي، إلى موقع الحادث من أجل متابعة تطورات الوضع والوقوف على حجم الخسائر. وصرح الوزير من ولاية الوادي أنه تم اتخاذ جملة من التدابير على رأسها توقيف مدير الصحة، ومدير المستشفى، ومدير المناوبة وكل الطاقم العامل معه تلك الليلة. وقدم ميراوي تعازيه لعائلات الضحايا، مشيرا أنه تم إسداء تعليمات بضرورة اتباع الطرق السليمة للوقاية بالمستشفيات شهري أوت وسبتمبر، مبديا تأسفه من تصرفات بعض المسؤولين واعتبرهم غير أهل لتولي المسؤولية بسبب عدم تطبيق التعليمات. كما أشار إلى أن قرار إنهاء مدير الصحة ومدير المستشفى جاء على خلفية معايشتهم السنة الفارطة حريقا في نفس المستشفى، غير أن المسؤولين لم يأخذا العبرة من الحادث السابق وتكرر السيناريو هذه السنة وتم فقدان 8 رضع حديثي الولادة. وأكد الوزير أن الوزارة ستعمل بعد اكتمال التحقيق على محاسبة كل المتسببين في الحادث ومعاقبتهم. مشيرا أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الجهاز الكهربائي الطارد للبعوض سبب أولي لنشوب الحريق في مصلحة الرضع الجدد، في انتظار استكمال التحقيقات لتحديد المسؤوليات.

 

    • وكيل الجمهورية يأمر بتشريح جثث الرضع وتحقيق أولي يرجع سبب الحريق إلى شرارة كهربائية

 

من جهته، أمر وكيل الجمهورية لمجلس قضاء الوادي بإجراء التشريح على جثث الرضع الثمانية الذين هلكوا في حريق بمستشفى الأم والطفل. وحسب بيان للنائب العام لمجلس قضاء الوادي، فقد تنقل وكيل الجمهورية إلى المستشفى وأمر بتشريح جثث الأطفال للتأكد من سبب الوفاة، وقصد تحديد المسؤوليات. وجاء في ذات البيان أن كلا من الضبطية القضائية والطبيب الشرعي والشرطة التقنية تنقلوا رفقة وكيل الجمهورية إلى مستشفى الأم والطفل، قصد القيام بالمعاينات اللازمة. وأضاف النائب العام أن المعلومات الأولية تؤكد أن الحريق نشب بسبب شرارة كهربائية وأن الوفاة حصلت بسبب الاختناق، جراء استنشاق غاز أول أوكسيد الكربون والدخان الناتج عن الحريق، يضيف ذات البيان، وهذا حسب ما تؤكده المعاينات الطبية الأولية. كما أكد النائب العام أن الأطفال الرضع ضحايا الحريق كانوا في الغرفة المخصصة للعناية المركزة وهي مخصصة للأطفال غير مكتملي النمو والذين يولدون قبل 9 أشهر من الحمل.

 

    • بن صالح يجتمع ببدوي بصفة عاجلة ويأمر تحديد المسؤوليات

 

هذا وقد أمر رئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، الوزير الأول، نور الدين بدوي، بمتابعة التحقيق حول حادثة مصرع ثمانية أطفال رضع بمستشفى في الوادي. وكان الرئيس بن صالح قد استقبل بدوي، صبيحة أمس، مباشرة بعد الحادثة، وأسدى له تعليمات بضرورة متابعة التحقيق حول ما جرى، وتحديد المسؤوليات. كما شدد بن صالح على وجوب مرافقة العائلات ضحايا هذا الحادث الأليم، التي قدم لها خالص تعازيه.

 

    • أحزاب وجمعيات تقدم التعازي وتطالب بمحاسبة المتسببين في الكارثة

 

من جهة أخرى، فقد سارع العديد من المسؤولين وجمعيات المجتمع المدني وكذا أحزاب سياسية ونقابات صحة وحتى فنانين، أمس، لتقديم تعازيهم لعائلات الضحايا، مطالبين الحكومة بمحاسبة المسؤولين عن هذه الفاجعة والكارثة الإنسانية. وربطت العديد من النقابات وجمعيات المجتمع المدني ما حدث بالوادي بتدهور المنظومة الصحية بولايات الجنوب، معتبرين أن المأساة هذه هي نتيجة حتمية لحالة التسيب والإهمال التي تعرفها العديد من المستشفيات وعلى رأسها مصالح الأمومة والطفولة.

 

    • صور مأساوية لعائلات الضحايا والشارع المحلي يحتج

 

وعلى المستوى المحلي، فقد صنع حريق مستشفى الأمومة بالوادي صورا مأساوية لعائلات الضحايا الذين تجمعوا أمام بوابة المستشفى، مطالبين بتوضيح ما جرى. ومن بين عائلات الضحايا، أزواج لم يرزقوا بأبناء منذ سنوات، لتأتي هذه الحادثة وتتسبب في وفاة فلذات أكبادهم. وقد عرف محيط مستشفى الأمومة، أمس، حالة احتقان كبير، حيث توافد مئات المواطنين من العديد من بلديات الولاية للاحتجاج على ما حدث، معتبرين أن حريق أمس ما هو إلا مثال ونتيجة لفساد المنظومة الصحية بالولاية وأغلب ولايات الجنوب. وطالب المواطنون القائمين على الصحة بفتح تحقيق مستعجل حول أسباب الحريق، والعمل بشكل جدي على تغيير واقع الصحة بالوادي، فيما حاولت مصالح الأمن السيطرة على الأوضاع من أجل أن لا تتحول هذه التجمعات إلى احتجاجات عارمة.

 

    • الرأي العام تحت الصدمة ومطالب بإقالة ميراوي

 

من جانب آخر، فقد تحولت حادثة حريق مستشفى الأمومة بالوادي إلى قضية رأي عام، في غضون ساعات، بسبب حجم الكارثة وهول الخسائر البشرية، حيث انفجرت أمس مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات، وتداول آلاف الجزائريين صور الحريق والخسائر التي خلفها، كما تم تداول صور عائلات الضحايا وقصص بعض الحالات المحزنة. وأجمعت أغلب تعليقات الجزائريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي على أن ما حدث يجب أن لا يمر بإقالة مدير المستشفى ومدير الصحة فحسب، وإنما يجب تطهير قطاع الصحة بالوادي وبولايات الجنوب وأغلب ولايات الوطن من المتسببين في الإهمال. كما برزت دعوات أيضا لإقالة وزير الصحة باعتباره هو الآخر مسؤول مباشر عما يحدث في قطاعه.

س. زموش

 

من نفس القسم الحدث