الحدث

استمرار سياسة شراء السلم الاجتماعي ليست الحلّ

اقتصاديون يطالبون الحكومة بتوضيحات حول ما جاء في مشروع قانون المالية 2020 ويؤكدون:

    • فارس مسدور: فرض الاعتماد في مجال الاستثمار كان سببا في عرقلة هذا القطاع 

    • عمر هارون: الضريبة على الثروة ..عنوان كبير بلا فائدة

    • سليمان ناصر: تصريحات الحكومة حول التمويل غير التقليدي متناقضة

  

أجمع عدد من الخبراء الاقتصاديون على أن ما حملته المسودة الأولية لمشروع قانون المالية 2020 يحمل في طياته الكثير من الضبابية خاصة ما تعلق بقرارات وإجراءات أقرتها الحكومة لصالح الجبهة الاجتماعية في محاولة جديدة منها لشراء السلم الاجتماعي الذي تبقى تراهن عليه أمام الضغوطات التي تحيط بها خاصة ما تعلق بالرفض الشعبي لها منذ بداية الحراك الشعبي في 22 فيفري الماضي، وأكد هؤلاء ممن تحدثت معهم "الرائد" حول قراءتهم الأولية لما جاء في مشروع القانون أن سياسة الحكومة ليست بجديدة على الشارع الجزائري والرأي العام وهي تمارس سياستها المعتادة بأساليب إلهائية وقرارات شعبوية قد تعيدنا للوراء رغم إيجابيات بعض القرارات التي ستنتج عن تمرير واعتماد نص المشروع، وطالب هؤلاء نواب البرلمان بغرفتيه لضرورة تصحيح الأخطاء التي وقعت فيها الحكومة بما يتماشى والتطلعات التي تحمي المواطنين من جهة واقتصاد البلاد من جهة ثانية.

 

    • مسدور: استيراد السيارات خطوة ستدمر تطور هذه الصناعة الفتية بالجزائر

 

اعتبر الخبير الاقتصادي فارس مسدور أن قرار استيراد السيارات الأقل من 3 سنوات هو إجراء خطير يهدف لتدمير صناعة السيارات وتركيبها في الجزائر، وأوضح في تصريحات صحفية أدلى بها أمس لـ"الرائد"، ضمن قراءة أولية له لما جاء به مشروع قانون المالية 2020، أن الحكومة كانت مطالبة بفتح المجال بشكل واسع أمام المستثمرين الراغبين في تطوير قطاع صناعة وتركيب السيارات في الجزائر غير أنها فاجأتنا بسن قرار يسمح باستيرادها وهو الأمر الذي سيساهم في عرقلة وتطور صناعة السيارات وتركيبها في الجزائر وهو مجال فتي والبلاد بحاجة إليه أيضا.

وثاني نقطة انتقدها المتحدث حول الإجراءات والقرارات التي سيأتي بها القانون، أوضح أن مسألة فرض الضريبة على الثروة لطالما شكلت جدلا في الجزائر حيث أنها كانت موجودة سابقا قبل أن يتم الاستغناء عنها وإلغائها لتعود من جديد وتلغى من جديد كمقترح من نواب نفس العهدة التشريعية وهو الأمر الذي سيضع النواب في حرج كبير.

وتمنى بالمقابل الخبير الاقتصادي ذاته أن تلجأ الحكومة لإقرار الديوان الوطني للزكاة والذي يعمل على مدار السنة، ويساهم هذا الإجراء في رفع الغبن على الجزائريين في حال اعتماده وسيكون وسيلة لفتح مشاريع أخرى عن طريقه.

وفي سياق متصل برؤيته الاستشرافية لما يتوجب أن يتم تبنيه في مشروع القانون المرتقب هو تبني فكرة العفو الجبائي المشروط، وهذا يخص الأشخاص الذين لم يدفعوا ضرائبهم من تسعينيات القرن الماضي وأيضا من بداية الألفية الثانية لغاية اليوم، بحيث يتم مسح الضرائب التي كانت في فترة التسعينيات والإبقاء على الضرائب التي سجلت منذ سنة 2000، على أن يدفع الشخص 50 بالمئة من الوعاء الجبائي المفروض عليه، ويتم إلغاء كل الغرامات والعقوبات والمتابعات القضائية إذا التزم الشخص ودفع ما عليه خلال سنة أو إثنين.

 

    • عمر هارون: الضريبة على الثروة ..عنوان كبير بلا فائدة

 

أما الباحث في المجال الاقتصادي عمر هارون فرأى أن حكومة تصريف الأعمال تحاول من خلال البنود والمقترحات التي جاءت في المشروع التمهيدي لقانون المالية 2020 أن تشتري السلم الاجتماعي وهي سياسة معروفة وليست وليدة اليوم، غير أن ضغط الشارع وضع الحكومة في حرج كبير ودفعها إلى مسايرة الأحداث عبر اللجوء لقرارات شعوبية، وأخرى بلا فائدة وأخرى خطيرة.

وحول هذه الجوانب قال المتحدث أن مقترح إعادة فرض الضريبة على الثروة، هو عنوان كبير وبراق يهدف إلى جذب الانتباه لكنه كقرار لن يعود بأي فائدة على الخزينة، بسبب تواجد أغلب وأبرز أثرياء الجزائر في السجون بسبب تورطهم في قضايا فساد، مضيفا إلى أنه لا توجد آلية واضحة لإحصاء الاثرياء بالبلاد، وعليه الفوائد ستكون جد قليلة من هذا المشروع مقارنة بما كان متوقعا من طرف الحكومة، وذكر بالمناسبة محاولات سابقة لإحصاء هؤلاء دون أي جدوى.

وفي سياق آخر اعتبر عمر هارون أن خطوة إلغاء قاعدة الاستثمار 49/51 جاءت متأخرة كثيرا، رغم العديد من النداءات التي قدمناها سابقا لضرورة التخلي عن الخطوة لصالح قطاعات محددة، بالمقابل انتقد المتحدث فكرة عدم الإفصاح عن القطاعات المعنية بالإجراء ضمن مشروع قانون المالية للسنة القادمة.

وفيما يخص فكرة استيراد السيارات الأقل من 3 سنوات فأشار إلى الفجوة التي يعاني منها سوق السيارات حاليا، لأن تركيب السيارات شبه متوقف بسبب إجراء التسقيف الذي اعتمدته الحكومة العام الفارط والذي يقضي بأن يكون الحد الأقصى لاستيراد قطع السيارات في حدود 2 مليار دولار، غير أن هذه القيمة تم استنزافها، مما أدى لتوقف التركيب وما خلفه القرار في السوق الوطنية وعلى المستثمرين وحتى العاملين في القطاع.

 

    • سليمان ناصر: تصريحات الحكومة حول التمويل غير التقليدي متناقضة

 

في حين تساءل الخبير الاقتصادي سليمان ناصر حول الطريقة التي ستنتهجها الحكومة أجل تغطية العجز المالي الذي تعاني منه الخزينة، وأوضح في قراءته لما جاء في مسودة القانون أنه يتخوف من اللجوء مرة جديدة للتمويل الغير تقليدي لتغطية هذا العجز وهو الأمر الذي رخصت له الحكومة سابقا ولا يزال القرار ساري المفعول، ولأجل ذلك دعا المتحدث نواب الغرفتين البرلمانيتين لأجل العمل على تجميد القرار الخاص بهذا الإجراء لتجنيب الحكومة العودة للعمل به مستقبلا.

وبخصوص بعض المقترحات التي جاءت في مسودة المشروع التمهيدي لقانون المالية، قال الدكتور سليمان ناصر أن قرار إلغاء القاعدة 49/51 كانت من بين العوائق التي تعرقل قطاع الاستثمار بالجزائر، ويعتقد أن إلغاءها سيعود بنتائج إيجابية على الاقتصاد الوطني خاصة وأن بلادنا بحاجة إلى المستثمرين الأجانب في الوقت الراهن.

سفيان غزال

 

من نفس القسم الحدث