الحدث

قرارات "شعبوية" غير مدروسة لتبييض صورة حكومة بدوي المرفوضة شعبيا؟!

خبراء يعتبرون أن رفع قيمة منحة التضامن المدرسي لن يحسن في القدرة الشرائية للجزائريين

    • سراي: حكومة بدوي لا تزال تفكر بمنطق شراء السلم الاجتماعي

 

تواصل حكومة تصريف الأعمال، التي يقودها نور الدين بدوي، سياسة شراء السلم الاجتماعي عبر توقيع قرارات يعتبرها الخبراء الاقتصاديون شعبوية وغير مدروسة، تأتي فقط لتهدئة الشارع دون أن يكون لها أثر كبير على الطبقات الاجتماعية، على غرار القرار الأخير الذي أمر برفع قيمة منحة التضامن المدرسي الموجهة للعائلات ذات الدخل الضعيف وعلاوة الدراسة السنوية.

استغلت الحكومة الحالية فرصة الدخول الاجتماعي لمغازلة الجزائريين، ولاسيما الفئات الفقيرة ومحدودي الدخل، عبر اتخاذ جملة من القرارات والإجراءات ذات الأبعاد الاجتماعية، تستهدف استرضاء الشارع الغاضب، حيث قررت الحكومة رفع علاوة الدراسة السنوية المقدرة بـ 400 دينار جزائري منذ 1994 عن كل طفل في الأطوار الثلاثة إلى 3 آلاف دينار جزائري، ليستفيد من هذه العلاوة نحو 9 ملايين متمدرس، حسبما أفاد به بيان توج اجتماعا للجهاز التنفيذي، كما أمر الوزير الأول برفع قيمة منحة التضامن المدرسي والموجهة للعائلات ذات الدخل الضعيف والطبقة الهشة، والتي يستفيد منها حوالي 3 ملايين تلميذ، من ثلاثة آلاف إلى خمسة آلاف دينار. وتأتي هذه القرارات ضمن سياق قرارات أخرى اتخذت منذ تشكيل حكومة بدوي، هدفها الأول هو تبييض صورة هذه الحكومة المغضوب عليها والمرفوضة شعبيا ومحاولة استرضاء الشعب وتهدئة الجبهة الاجتماعية.

 

    • هذه القرارات اتخذتها حكومة بدوي منذ تشكيلها لاسترضاء الشعب

 

ويواجه نور الدين بدوي ضغطا مستمرا من الشارع الرافض لمواصلته قيادة الجهاز التنفيذي، وهو ما جعل حكومته تطلق سلسلة قرارات وصفت بـ"الشعبوية". وبحسب مراقبين، فإن حكومة بدوي تسعى إلى كسب ود الجزائريين، بالعزف على وتر حساس في البلاد، وهو أزمة القدرة الشرائية للجزائريين عشية المناسبات الدينية والاجتماعية، عبر قرار زيادة المنحة المدرسية لصالح المعوزين وعلاوة التمدرس. وقد سبقت هذه القرارات إجراءات أخرى لم تكن مدروسة واعتمدت فيها الحكومة على نفس سياسات الحكومات السابقة في عهد النظام الفاسد.

وقد كان أول هذه القرارات قرار ضخ الإعانات المخصصة للعائلات الفقيرة في رمضان نقدا عن طريق حسابات مصرفية، بعدما كانت الإعانات تقدم على شكل مواد غذائية، وبعدها حاولت الحكومة، بعد رحيل نظام بوتفليقة وارتفاع مطالب إقالاتها، اللعب على الجزئيات الأكثر حساسية للمواطن، لتتم إعادة إطلاق الصيغة السكنية المسماة "السكن الترقوي المدعم"، استجابة لضغوط اجتماعية كبيرة في هذا الملف. ولم تتوقف إغراءات حكومة تصريف الأعمال عند هذا الحد، إذ قامت بخطوة أخرى محاولة لكسب القبول الشعبي، بإعطاء الضوء الأخضر للبنوك لمنح قروض مصغرة بدون فوائد، موجهة لشراء المواد الأولية للعائلات في الولايات الجنوبية، تصل إلى 250 ألف دينار.

وفي قطاع الصحة قررت الحكومة، بعد سلسلة فضائح هزت هذا الأخير، السماح للنساء الحوامل بالعلاج مجانا في العيادات الخاصة عبر ولايات الجنوب والهضاب العليا، وهو القرار الذي وصف من طرف المختصين في القطاع بالشعبوي وغير المدروس والذي يكرس للجهوية.

    • سراي: حكومة بدوي لا تزال تفكر بمنطق الحكومات في شراء السلم الاجتماعي في عهد بوتفليقة

وفي هذا الصدد، يرى الخبير الاقتصادي الدولي، مبارك عبد المالك سراي، أن حكومة تصريف الأعمال لا تزال تفكر بمنطق الحكومات في عهد بوتفليقة، وتواجه الأزمات بحلول غير مدروسة هدفها الوحيد هو شراء السلم الاجتماعي، مشيرا أن الأمر لا يتعلق فقط بقرار رفع منحة التمدرس للمعوزين وعلاوة التمدرس، وإنما بقرارات عديدة يعتبرها سراي ارتجالية من جهة ولا ترقي لتطلعات الجزائريين من جهة أخرى.

وأشار سراي في تصريح لـ"الرائد" أن حكومة بدوي لا تزال منقطعة عن الواقع، والدليل أن أغلب القرارات التي اتخذتها محاولة منها لإرضاء المواطن لم تكن لها أي آثار إيجابية، معطيا مثالا على ذلك بالإجراءات التي اتخذت خلال شهر رمضان الماضي، وقرار تسقيف الأسعار وتوزيع قفة رمضان على شكل أغلفة مالية، وغيرها من القرارات لم نر لها أي تأثير على أرض الواقع وعلى القدرة الشرائية للجزائريين.

وقال المتحدث إن بعض القرارات لا تلقى القبول حتى من طرف الشارع ولا ترقى إلى تطلعات المواطن، على غرار قرار القروض بدون فوائد التي أطلقت شهر ماي الماضي، والتي لا تعدو أن تكون محاولة فاشلة لشراء السلم الاجتماعي، لأنه ومع انهيار قيمة العملة الوطنية فإن قرضا مصغرا بقيمة 100 أو 250 مليون سنتيم لا يصلح لبدء مشروع ولا حتى لبناء مسكن، أما فيما يخص القرار الأخير المتعلق بزيادة منحة التمدرس وعلاوة التمدرس، فقد أشار سراي أن هذه المنحة والعلاوة هي سنوية ولن تحسن في القدرة الشرائية للجزائريين الذين يريدون حلولا دائمة لما يعانونه بسبب تدهور قيمة العملة الوطنية وغلاء الأسعار وانخفاض الأجور، معتبرا أنه بدل محاولة المضي قدما في سياسة شراء سلم اجتماعي فاشلة، على الحكومة التفكير في استراتيجيات حقيقية لتقليص الفوارق الاجتماعية والتوزيع العادل للثروة وحل الأزمات المعيشية للمواطن.

س. زموش

 

من نفس القسم الحدث