الحدث

الاحتجاج عبر غلق المقار الحكومية ظاهرة غير صحية تؤسس للفوضى وقانون الغاب

مختصون يعتبرون الحراك الشعبي بريئا من هذه المظاهر السلبية التي باتت تعطل سير المرفق العام

    • سعدي: الظاهرة من مفرزات الضغط الذي عاشه الجزائريون في عهد النظام الفاسد

 

تكررت الاحتجاجات عبر العديد من ولايات الوطن، في الأسابيع الأخيرة، واتخذت معظمها طرقا جديدة بات يلجأ إليها الجزائريون للتعبير عن سخطهم عن الأوضاع ومطالبة المسؤولين بالتغيير.

ومن هذه الطرق، غلق مداخل الإدارات والمؤسسات العمومية ومصالح البلديات بالجدران الإسمنتية، وهو ما بات رائجا في ظاهرة غير صحية وسلوك قد يؤدي إلى الفوضى ويعطل سير المرفق العام وقضاء حاجيات المواطنين.

ولا تزال التنمية موضوع احتجاج أغلب المواطنين عبر الوطن، حيث ارتفعت وتيرة الاحتجاج عشية الدخول المدرسي في العديد من الولايات، مع توقعات بتعقد الوضع أكثر بعد الدخول الاجتماعي.

وكانت قضايا السكن وتدهور القطاع الصحي والربط بشبكة الغاز وتوفير المياه الشروب، والبطالة، أو تهيئة المدن والصرف الصحي، من بين المطالب الرئيسية للمحتجين. لكن الملاحظ في كل هذه الاحتجاجات هو الطريقة التي بات يعبر بها الجزائريون عن مطالبهم. فبعد أن كانت الاعتصامات وحرق العجلات المطاطية وقطع الطرقات في البلديات الأسلوب الأبرز في الاحتجاجات الاجتماعية في الجزائر، انتقل الجزائريون إلى طريقة احتجاج جديدة، وهي بناء جدران إسمنتية في مداخل المقار الحكومية، وحتى المؤسسات العمومية، وهو ما تكرر كثيرا منذ بداية الحراك الشعبي، إلى درجة أن الأمر تحول إلى ظاهرة وسمة للاحتجاجات السكانية عبر أغلب ولايات الوطن.

ورغم أن مطالب المحتجين عادة ما تكون مشروعة، إلا أن طريقة الاحتجاج، بحسب الخبراء، هي التي تشكل بنظرهم ظاهرة غير صحية وسلوكا قد يؤدي إلى الفوضى، مؤكدين أن هذه الأساليب في الاحتجاج تشوه الحراك الشعبي السلمي الذي بدأه الجزائريون في 22 فيفري، وتعطل من مصالح المواطنين وتسبب خسائر كبيرة للخزينة العمومية والاقتصاد الوطني، بينما من الناحية الدينية والشرعية فإن تعطيل مصالح المواطنين تحت أي ظرف من الظروف يعد مفسدة وغير جائز.

 

    • سعدي: الظاهرة من مفرزات الضغط الذي عاشه الجزائريون في عهد النظام الفاسد

 

وفي تفسيره للظاهرة، أكد المختص في علم الاجتماع والأستاذ بجامعة الجزائر، الهادي سعدي، أمس، أن ظاهرة غلق المقار الحكومية بالإسمنت المسلح كطريقة جديدة للاحتجاج في الجزائر هي من مفرزات الضغط الذي عاشه الجزائريون طيلة العشرية الماضية تحت حكم نظام فاسد، مضيفا أن الحراك الشعبي حرر الجزائريين وجعلهم يبحثون عن حركات احتجاجية لافتة، تصنع الجدل لتوصل صوت المحتجين، غير أن الطريقة التي لجأ إليها أغلب المواطنين، يضيف سعدي، هي خاطئة.

فظاهرة غلق المقار الحكومة بالإسمنت المسلح أو حتى منع المسؤولين من أداء مهامهم كما حدث مؤخرا في أحد المستشفيات، هو أمر غير صحي ولا يمكن اعتباره من مفرزات الحراك الشعبي الذي أعطى مثالا في السلمية، مضيفا أن مثل هذا السلوك يمكن أن يؤدي إلى الفوضى ويعطل سير المرفق العام ويؤخر قضاء حاجيات المواطنين بشكل يؤدي إلى نتائج عكسية، بالإضافة إلى أن الصورة في حد ذاتها التي يعطيها المواطن سواء للمسؤول أو الرأي العام هي صورة سلبية تكرس لقانون الغاب وللفساد، أكثر مما تعمل على تقويم المجتمع وانتزاع المكاسب الاجتماعية والمطالب.

 

    • رزيق: الاحتجاجات والإضرابات في مجملها تتسبب في خسائر للاقتصاد الوطني بالملايير

 

من جهته، اعتبر الخبير الاقتصادي، كمال رزيق، أن الظاهرة خطيرة وتتسبب في خسائر بالجملة للخزينة العمومية وللاقتصاد الوطني وحتى للمواطنين. وقال رزيق، في تصريح لـ"الرائد"، إن الاحتجاجات والإضرابات في مجملها تتسبب في خسائر سنوية للاقتصاد الوطني بملايير الدولارات، فما بالك إذا تعلق الأمر بتعطيل كلي لبعض المصالح، منها المصالح البلدية ومؤسسات وطنية خدماتية كسيال وسونلغاز.

وأضاف رزيق أن المطالب التي تطرح في الاحتجاجات مشروعة والتنمية في العديد من ولايات الوطن متأخرة، لكن بعض وسائل الاحتجاج ستزيد من الوضع سوءا، فحتى بالنسبة للمواطن فإن بعض الاحتجاجات باتت تسبب له خسائر كبيرة، معطيا مثالا على ذلك بتكرار الاحتجاج عبر قطع الطرقات وما يسببه من ازدحام مروري وتعطل لمصالح المواطنين.

س. زموش

من نفس القسم الحدث