الحدث

تدهور قطاع الصحة يعود إلى الواجهة وميراوي في مواجهة قنابل موقوتة

احتجاجات بالجملة في عدد من الولايات والوضع مرشح للتفاقم خلال الدخول الاجتماعي

    • بقاط: الملايير صرفت لكن سوء التسيير جعل الوضع متعفنا

 

فجّر تدني الخدمات الصحية عبر العديد من ولايات الوطن، منها ولايات داخلية وجنوبية، في الفترة الأخيرة، عشرات الاحتجاجات التي قادها السكان سخطا على واقع الصحة المريض، والذي حرم أبناء الجزائر العميقة من الحق في العلاج بسبب سوء التسيير رغم الملايير التي صرفت على هذا القطاع على مدار السنوات الأخيرة، حيث لا يزال ملف قطاع الصحة بمثابة القنبلة الموقوتة التي تهدد الجبهة الاجتماعية بالانفجار، خاصة في ظل الوضع المتأزم أصلا بسبب ضبابية المشهد على الساحة الوطنية.

وعلى مدار الأسابيع الماضية، نظم مئات السكان عبر عدد من الولايات، منها المسيلة، الجلفة، الوادي وولايات أخرى، مسيرات ووقفات احتجاجية للمطالبة بتحسين واقع قطاع الصحة، كان آخرها احتجاجات أمس الأول التي نظمها سكان ولاية الجلفة، الذين خرجوا للمطالبة ببعث مشروع مركز مكافحة مرض السرطان، وقبلها سكان المسيلة الذين خرجوا بدورهم في مسيرات نهاية الأسبوع احتجاجا على تردي الخدمات الصحية، وتجاهل السلطات الوصية لمطالبهم المرفوعة باستمرار فيما يخص تحسين هذا القطاع الحساس.

وتعكس هذه الاحتجاجات الواقع المعاش لدى هؤلاء السكان بعيدا عن أرقام المسؤولين التي تصلهم إلى مكاتبهم المكيفة، كما تشير أن الوضع قد يتفاقم في الفترة المقبلة خاصة أن قطاع الصحة يعد من أكثر القطاعات حساسية للمواطن، وهو ما يستدعي تداركا سريعا من طرف الحكومة التي ستجد نفسها في موقف صعب أمام استمرار هذا النوع من الاحتجاجات.

 

    • قسم الولادة النقطة السوداء في قطاع الصحة بالجزائر ومحرك الاحتجاجات

 

ومن أكثر الأقسام التي تمثل نقطة سوداء عبر أغلب المستشفيات بمعظم ولايات الوطن، أقسام التوليد والأمومة، حيث حملت أغلب الاحتجاجات التي اندلعت هذه الصائفة بسبب تدني الخدمات الصحية مطلب تحسين وتطوير أقسام الولادة.

وتشير أرقام وإحصائية لوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات إلى وفاة 57 امرأة في الجزائر لكل 100 ألف ولادة، وتحتل ولاية المسيلة الصدارة بأكثر من 47 وفاة في إطار نفس معدل حالات الولادة. وتؤكد هذه الأرقام حجم العجز والضعف اللذين تعاني منهما مستشفياتنا خاصة ما تعلق بمصالح الولادة، وهو الواقع الذي عادة ما يخلف حوادث مؤلمة على غرار ما حدث في ولاية المسيلة منذ حوالي ثلاثة أسابيع، حيث لقيت امرأتان في أقل من 24 ساعة حتفهما عند وضع حملهما، إحداهما بمستشفى "زهراوي"، والأخرى في مستشفى "سليمان عميرات".

لتتحرك بعدها مصالح الوزير محمد ميراوي، وتقرر تغطيتها لتكاليف علاج النساء الحوامل بالعيادات الخاصة في ولايات الهضاب والجنوب، وهو ما أصبح ساري المفعول بموجب اتفاقية وقعت مع وزارة العمل.

كما أعلنت الوزارة في ذات السياق عن فتح تحقيق حول ظاهرة ارتفاع عدد العمليات القيصرية بالعيادات الخاصة، مع ضرورة تقييم وتقويم المخطط الوطني الخاص بالتكفل بالمرأة الحامل الذي شرع في تجسيده منذ السنة المنصرمة والرامي إلى مرافقة المرأة منذ بداية تشخيص الحمل إلى غاية فترة ما بعد وضع الحمل.

 

    • أطباء ومرضى ضحايا نقص الإمكانيات في الولايات الداخلية والجنوبية

 

من جانب آخر، فإن واقع الاستعجالات الطبية في أغلب المستشفيات لا يختلف كثيرا حيث لا تزال هذه الأخيرة تعاني وضعا كارثيا خاصة في فترة الصيف والعطل، حيث يتسبب الضغط الكبير على هذه المصالح في فوضى حقيقية ويشتكي المرضى عادة من التسيب والإهمال ومن نقص الأطباء المختصين، ومعاناتهم في هذه المصالح خاصة إذا قصدوها ليلا، وهو ما جعل مصالح الاستعجالات تتحول لحلبات صراع.

فحتى الأطباء باتوا يعانون من اعتداءات ومضايقات بالجملة لأسباب لا يتحملون مسؤوليتها، وهو ما جعل كلا الطرفين الطبيب والمريض يعانون بسبب ظروف العمل في هذه المصالح وتردي خدمات الصحة ونقص الوسائل والإمكانيات، خاصة في الولايات الداخلية والجنوبية.

 

    • بقاط: الملايير صرفت لكن سوء التسيير جعل الوضع متعفنا

 

وفي هذا الصدد، أكد أمس رئيس عمادة الأطباء الجزائريين، بركاني بقاط، أن الاحتجاجات التي اندلعت بسبب تردي واقع الخدمات الصحية في العديد من الولايات مرشحة للارتفاع أكثر خلال الأسابيع المقبلة موازاة مع الدخول الاجتماعي، مشيرا أن سوء التسيير يبقى المشكل الأكبر الذي يعاني منه قطاع الصحة في بلادنا.

وقال بقاط أن تولي شؤون الإدارة في المجال الصحي أصبح صعبا للغاية ولا بد، حسبه، من تكوين جدي في هذا الإطار واختيار صائب للأشخاص الذين يسيرون القطاع، مشيرا أن الإرادة السياسية متوفرة لإصلاح القطاع الصحي وتطوير العلاج في الجزائر، لكن ينقص التنظيم وتفعيل المخططات.

من جانب آخر، قال بقاط أن احتجاجات السكان تبقى مشروعة، فالعديد من المستشفيات ما زالت تعرف أوضاعا كارثية فيما يتعلق بالنظافة، سوء المعاملة، قلة الأدوية وكذا الطاقم الطبي المتخصص، ناهيك عن الأخطاء الطبية المرتكبة والتي تقضي على مستقبل الآلاف من المرضى.

س. زموش

من نفس القسم الحدث