الحدث

الجزائريون في الجمعة 24 من الحراك: نريد إصلاحات عميقة لجزائر جديدة

طالبوا برحيل بقايا رموز النظام، تسليط أقسى العقوبات على رموز الفساد وإطلاق سراح المعتقلين

    • نقاش حول عمل لجنة الحوار وعودة الجزائريين إلى منازلهم مرهون بهذا الشرط

 

واصل الجزائريون، أمس، حراكهم الشعبي الذي أدرك جمعته الـ 24 بمطالب واضحة، حيث أصر الحراكيون، أمس، على ضرورة رحيل بقايا رموز النظام وإسقاط أقسى العقوبات على رموز الفساد وأفراد العصابة التي نهبت الجزائريين، مع المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين خلال المسيرات، كما دعوا لإجراء إصلاحات عميقة من خلال الحوار كحل لأزمة قد تطول في ظل الظروف الراهنة.

 

    • الجزائريون في الجمعة 24 من الحراك: نريد إصلاحات عميقة لجزائر جديدة

 

تجددت المسيرات الشعبية المنادية بالتغيير وتكريس سيادة الشعب، للجمعة الـ 24 على التوالي، حيث احتضنت أهم شوارع الجزائر العاصمة جموع المتظاهرين الذين واصلوا احتجاجهم، مسجلين بذلك تمسكهم بضرورة رحيل كافة رموز النظام السابق قبل الشروع في الحوار، ففي ثاني يوم من شهر أوت الحالي، لم تنل الحرارة المرتفعة و معدلات الرطوبة العالية المستمرة منذ أيام من عزيمة المحتجين الذين تمركزوا في أغلبيتهم بمحيط البريد المركزي و ساحة موريس أودان و نهج عميروش، و إن كان عددهم، إجمالا، أقل من الجمعات الفارطة، حسب ما لوحظ بعين المكان.

وقد شكلت مسألة الحوار والدعوة إلى إجراء انتخابات رئاسية في أقرب الآجال، أهم المواضيع التي تضمنتها الشعارات التي رفعها هؤلاء. فمن خلال لافتات حملت "لا حوار شكلي و لا انتخابات شكلية" و "معا من أجل تغيير جذري" ... عبر المتظاهرون عن رفضهم الصريح لكل المبادرات التي تندرج في هذا الإطار، قبل الانتهاء من إحداث قطيعة فعلية مع النظام السابق، و ذهاب كافة الرموز و الوجوه المحسوبة عليه و في مقدمتها حكومة نور الدين بدوي.

كما اعتبروا الانضمام للهيئة الوطنية للحوار والوساطة  "قبولا بسياسة الأمر الواقع"، كرد على إعلان هذه الهيئة -التي يقودها الرئيس الأسبق للمجلس الشعبي الوطني كريم يونس- شروعها الفوري في مباشرة مسار الحوار وفقا لرزنامة ستكشف عنها لاحقا.

وكانت الهيئة المذكورة، قد أشارت إلى أنها ستجتمع، في إطار المهمة التي تولتها، مع فعاليات المجتمع المدني و الأحزاب السياسية والشخصيات الوطنية وشباب وناشطي الحراك من مختلف ولايات الوطن ''بغرض الاستماع إلى تصوراتهم العامة ومقترحاتهم العملية من أجل الخروج من الأزمة الحالية''.

وسيتبع ذلك، بوضع مسودة للمقترحات المقدمة لها، لتقوم بعدها بإعداد المقترحات النهائية في إطار ندوة وطنية "سيدة في اتخاذ قراراتها التي تلزم جميع السلطات العمومية".

كما كان نائب وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أحمد قايد صالح، قد ثمن، بحر الأسبوع المنصرم، الخطوات التي تم قطعها على درب الحوار الوطني، لاسيما بعد استقبال رئيس الدولة لمجموعة من الشخصيات الوطنية، التي ستتولى إدارة هذا المسعى، معربا عن أمله في أن يكلل هذا الحوار بالتوفيق والنجاح، "بعيدا عن أسلوب وضع الشروط المسبقة".     

ومثلما جرت عليه العادة خلال الجمعات الأخيرة، تميزت أجواء الحراك الشعبي برفع المتظاهرين للراية الوطنية، فيما انتشرت مجموعات من المتطوعين لمد يد العون لمن هم بحاجة إليه، خاصة في ظل الطقس الحار، ومن جهة أخرى، سجل كذلك تعزيز الإجراءات الأمنية، خاصة على مستوى الحواجز الأمنية المؤدي للعاصمة.

 

    • "الشعب يريد الاستقلال" تدوي في ساحة البريد المركزي

 

وأدرك أمس الحراك الشعبي في الجزائر، جمعته الـ 24 منذ انطلاقه في 22 فيفري الماضي للمطالبة برحيل رموز النظام السابق. وخرج آلاف المواطنين للتظاهر في مسيرات احتجاجية عبر الساحات العمومية والشوارع الرئيسية في مختلف المدن عبر الوطن، ولم تمنعهم حرارة الجو من التوافد على الأماكن المعتادة لتنظيم المظاهرات المناهضة لممارسات النظام السابق والمطالبة بالتغيير.

وبالعاصمة خرج آلاف الجزائريين للتجمع أمام ساحة البريد المركزي وهتف المتظاهرون بشعارات "الشعب يريد الاستقلال".

وانطلقت المسيرات فعليا في حدود الساعة 11 صباحا في وقت عرفت الذروة في حدود الثانية زوالا، حيث تضاعف العدد بشكل للافت للانتباه بعد الخروج من صلاة الجمعة، ما جعل ساحة البريد المركزي تتزين بعلم الشهداء، وسار المتظاهرون في مسيرات حاشدة على مستوى عدة شوارع رئيسية بقلب العاصمة، على غرار شارع عسلة حسين وزيغود يوسف، وحسيبة بن بوعلي، وفرحات بوسعد وغيرها.

 

    • إنزال أمني مكثف واستئناف عمل المترو للجمعة الثانية على التوالي

 

لوحظ، صباح أمس، الإبقاء على إجراءات الأمن الخاصة بالجمعات الماضية، تحسبا للمسيرات المرتقبة، وشوهد إنزال أمني وحواجز مؤقتة للدرك ببعض مداخل العاصمة، على غرار الدار البيضاء وشراربة، وكذا على مستوى حاجز الدرك الثابت بالطريق السريع بمنطقة الحراش، ما تسبب في اكتظاظ مروري على مستوى هذا الأخير، في حين كثفت قوات الأمن بمحيط البريد المركزي وساحة أودان من تواجدها، بالمقابل فتحت صباح أمس أبواب المترو لتمكين الجزائريين بالعاصمة من التنقل عبره للجمعة الثانية على التوالي، بعد تعليق نشاطه منذ الجمعات الأولى للمسيرات.

 

    • دعوة لتكريس سيادة الشعب وإطلاق سراح المعتقلين

 

وكانت مطالب الجزائريين في مسيرات أمس واضحة، حيث نادى المتظاهرون بضرورة رحيل كافة رموز النظام السابق، معتبرين أنه لا تراجع في هذه النقطة لأن رحيل النظام هو الذي أخرج الجزائريين من منازلهم، ولا عودة عن هذا المطلب.

من جانب آخر، رفع المتظاهرون لافتات تطالب بتسليط أقسى العقوبات على أفراد العصابة والمسؤولين السابقين المتابعين في قضايا فساد بالجملة، معتبرين أن الشعب لن يتسامح مع هؤلاء الذين كانوا سببا في الوضع الذي وصلت إليه الجزائر.

وأكد المتظاهرون مرة أخرى أن الشعب هو صاحب القرار ورددوا مطالبهم الداعية إلى رحيل الوجوه المحسوبة على النظام السابق وضرورة إرساء أسس دولة ديمقراطية تعود فيها الكلمة للشعب واتخاذ أسلوب الحوار دون إشراك الوجوه القديمة. كما رفعت الشعارات المألوفة المنادية بتكريس سيادة الشعب و"الجزائريون خاوة، خاوة"، "السيادة للشعب وحده". كما دعا المتظاهرون إلى إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، حيث حمل المشاركون في المسيرات لافتات تطالب بإطلاق سراح المجاهد لخضر بورڤعة والمعتقلين في المسيرات الأخيرة بسبب رفعهم لافتات غير الراية الوطنية.

 

نقاش حول عمل لجنة الحوار وعودة الجزائريين إلى منازلهم مرهون بهذا الشرط

 

بالمقابل، فإن تطورات الوضع في الساحة السياسية، منها عمل لجنة الوساطة والحوار إلى غاية الآن كان محل نقاش وانقسام بين الجزائريين أمس. ففي وقت رفض عدد من الجزائريين عمل هذه اللجنة من أساسه ورفعوا شعارات أكدوا من خلالها عدم ثقتهم فيما ستخرج به هذه اللجنة الخالية من أسماء ذات وزن وثقل على الساحة من نتائج، اعتبرها البعض الآخر بداية حل لأزمة قد تطول في ظل الظروف الراهنة، معتبرين أن المؤشر الوحيد الذي يمكنه المساهمة في إعادة الملايين إلى المنازل ومنه الذهاب إلى انتخابات رئاسية في أقرب وقت، هو إجراء إصلاحات عميقة من خلال تشكيل سلطة وطنية تسهر على تنظيم ومراقبة الانتخابات تتمتع بالاستقلالية التامة وتهيئة كل الأجواء للذهاب إلى الاقتراع، وهو ما يجعل الجزائريين يختارون رئيسهم بأنفسهم ليكمل رحلة الإصلاحات وبناء الجزائر الجديدة.

س. زموش

 

من نفس القسم الحدث