الحدث

الجمعة 23: هل أعطى الجزائريون فرصة لبن صالح للمضي قدما في "الحوار الشامل"؟

مسيرات أمس تميزت بتراجع المتظاهرين والتضييق الأمني الكبير

    • الحراك الشعبي يعيد بناء صفوفه وشخصيات "الحوار" الشامل محل نقاش

 

خرج الجزائريون، أمس، في جمعة جديدة للحراك الشعبي حملت الرقم 23، تميزت بالتراجع الكبير في أعداد المتظاهرين بالعاصمة وباقي الولايات، وهو ما أعطي الانطباع بأن الجزائريين قد منحوا فرصة لرئيس الدولة عبد القادر بن صالح للمضي قدما في إيجاد مخارج للأزمة الحالية عن طريق الحوار الوطني الشامل، موازاة مع الكشف عن التشكيلة التي ستقود هذا الحوار والتي تتكون من شخصيات غير محسوبة على النظام السابق. فهل ستتمكن هذه الهيئة من إيجاد الآليات التي يتفق عليها الشعب مع السلطة من أجل الخروج من الأزمة الحالية وضمان انتقال سياسي سلس؟

كلل جمعة خرج المواطنون، أمس، للتظاهر في مسيرات احتجاجية عبر الساحات العمومية والشوارع الرئيسية في مختلف المدن عبر الوطن، ولم تمنعهم حرارة الجو من التوافد على الأماكن المعتادة لتنظيم المظاهرات المناهضة لممارسات النظام السابق والمطالبة بالتغيير. وبالعاصمة حج مئات المواطنين إلى وسط الجزائر العاصمة وتجمعوا في الساحات العمومية على غرار ساحة البريد المركزي وساحة أول ماي، استعدادا لتنظيم المسيرات بشعارات وهتافات معتادة على غرار "يتنحاو ڤاع" و"إطلاق سراح المسجونين"، "السلطة للشعب" وغيرها.

 

    • تضييق أمني كبير والشرطة تفرق المتظاهرين بالبريد المركزي

 

وكما جرت العادة، فقد شدّدت مصالح الدرك الوطني إجراءاتها الأمنية على مستوى الحواجز بمداخل العاصمة، حيث عرف سد الدرك الوطني الثابت بالطريق الوطني الرابط بين الدار البيضاء وبن عكنون على مستوى الحراش اكتظاظا مروريا، وانتشر أعوان الدرك بمناطق مختلفة من الطريق السريع ونقاط أخرى، في إطار الإجراءات الأمنية المتخذة لتفتيش ومراقبة الوافدين على العاصمة.

واصطفت عشرات المركبات التابعة للأمن على امتداد الطريق من ساحة البريد المركزي إلى ساحة موريس أودان وصولا إلى شارع عبد الكريم خطابي، في إطار التعزيزات الأمنية التي تم الدفع بها نحو العاصمة.

وقد ضيقت أمس مصالح الأمن الخناق على المتظاهرين مستغلة أعدادهم المنخفضة، حيث تم في بداية المسيرات تفريق المتظاهرين في محيط ساحة البريد المركزي ليحول هؤلاء الوجهة نحو سارح محمد خميستي، حيث عانوا مرة أخرى من التضييق الأمني ليعودوا مرة أخرى إلى ساحة البريد المركزي، متحدين الانتشار الأمني الكثيف، بعدما ساروا عبر شارع ديدوش مراد.

 

    • أعداد المتظاهرين تتراجع وعناصر الأمن أكثر من المحتجين بالعاصمة

 

هذا وقد تميزت مسيرات أمس بالتراجع الكبير في أعداد المتظاهرين، فلأول مرة منذ بداية الحراك الشعبي كانت أعداد الشرطة وعناصر الأمن المنتشرة عبر نقاط التظاهر أكثر من المحتجين أنفسهم، في حين لم تشهد العديد من الولايات مسيرات من أساسه عدا بعض التجمعات والوقفات الاحتجاجية، ورفع المتظاهرون الذين شاركوا في مسيرات أمس على قلتهم شعارات تطالب بالتغيير الجذري للنظام، وضرورة التمسك بالسيادة الشعبية والعمل على ضمان الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب الواحد، كما طالبوا بالاستمرار في محاربة رؤوس الفاسد وعبروا عن أملهم في الانتقال الديمقراطي والسياسي السلس نحو جمهورية ثانية تكون فيها السلطة بيد الشعب.

 

    • الحراك الشعبي يعيد بناء صفوفه وشخصيات "الحوار" الشامل محل نقاش

 

هذا وقد فُسر تراجع أعداد المتظاهرين في مسيرات أمس بشكل كبير بأنه ربما يكون الجزائريون قد أعطوا فرصة لرئيس الدولة عبد القادر بن صالح من أجل المضي قدما في إيجاد مخارج للأزمة الحالية عن طريق الحوار، خاصة وأن مسيرات الجمعة 23 من الحراك الشعبي جاءت متزامنة مع الإعلان عن تشكيلة الحوار الوطني الشامل، حيث استقبل أمس الأول رئيس الدولة عددا من الشخصيات التي ستقود هذا الحوار، وهي جلها شخصيات غير محسوبة على النظام السابق ومعروفة بحيادها ومصداقيتها.

كما أن أغلب هذه الشخصيات كانت من داعمي الحراك الشعبي منذ بدايته. من جانب آخر فإن إعلان بن صالح عن استعداده للعمل على "دعوة العدالة إلى دراسة إمكانية إخلاء سبيل معتقلي المسيرات، والنظر في إمكانية تخفيف النظام الذي وضعته الأجهزة الأمنية لضمان حرية التنقل" كان بمثابة تحقيق لمطلب من مطالب الحراك رفعه المحتجون طيلة الأسابيع الماضية، وهو ما أكسب السلطة نقطة لصالحها، في حين اعتبر مراقبون أن الحراك الشعبي وبعد 23 جمعة متتالية يحاول إعادة رص صفوفه ودراسة الخيارات المتاحة والسيناريوهات المطروحة على الساحة قبل أن يتخذ القرار.

هذا وكانت الشخصيات التي ستقود الحوار الوطني الشامل أمس محل نقاش بين الجزائريين، حيث تداول الجزائريون السير الذاتية لهذه الشخصيات عبر الفايسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، وحاول الجزائريون رصد وحصر مواقف هذه الشخصيات منذ بداية الحراك الشعبي والبحث في تاريخ هذه الأخيرة خلال نظام بوتفليقة.

س. زموش

 

من نفس القسم الحدث