الفريق أول شنقريحة يعبر عن ارتياحه لمستوى التعاون العسكري "الجزائري – الإيطالي"
- نشر في 02 أكتوبر 2024
تفاقمت منذ بداية رمضان ظاهرة التسول بالأطفال الرضع وعمالة الأطفال، حيث أخذت الظاهرتان أبعادا خطيرة وتحولتا إلى جريمة إنسانية مسكوت عنها من السلطات، في ظل بقاء التعليمات التي سبق وأعطتها وزارة التضامن الوطني والأسرة بتوقيف مستغلي الأطفال في التسول وتجريدهم من أبنائهم وتحويلهم للمراكز الاجتماعية، حماية لهؤلاء الأطفال، حبرا على ورق.
• أمهات دون ضمير وعصابات تستغل أطفالا رضعا بحثا عن الربح السريع
ويعد التسول باستغلال الأطفال القصر فعلا مجرما قانونا بموجب قانون العقوبات المعدل، إلا أن هذا القانون غير مطبق على أرض الواقع، حيث أخذت ظاهرة التسول باستغلال الأطفال منذ بداية رمضان أبعادا خطيرة بالتزامن مع بدء ارتفاع درجات الحرارة، حيث يتعرض هؤلاء الأطفال لأبشع أنواع الاستغلال من طرف أوليائهم منعدمي الضمير، أو حتى من طرف شبكات للتسول تقوم بكراء هؤلاء الأطفال الرضع لاستغلالهم قصد استعطاف الناس وتحقيق الربح المادي على حساب معاناة هذه الفئة.
وخلال جولة استطلاعية قادتنا لعدد من البلديات والمواقع المعروفة بانتشار المتسولين، منها مداخل المساجد المنتشرة بالعاصمة وعلى أبواب الأسواق وعند الإشارات الضوئية في عدد من الطرقات، وقفنا على جريمة إنسانية مسكوت عنها حيث ينتشر بهذه المواقع عشرات النساء يحملن في أيديهم أطفالا رضعا لا تتجاوز أعمارهم السنة، تحت أشعة شمس حارقة ودرجات حرارة مرتفعة وظروف خطيرة.
والأخطر أن هناك متسولات بتن يتخذن من الطرقات السريعة مكانا لطلب الصدقة، حيث تستغل هذه النسوة أوقات الذروة والاكتظاظ للوقوف على حواف الطرقات السريعة، حاملات أطفالا رضعا للتوسل، وهو أمر في غاية الخطورة. لكن الغريب أن كل هذا يحدث أمام أعين أجهزة الأمن دون أن تحرك هذه الأخيرة ساكنا لحماية هؤلاء المغلوب على أمرهم.
• وزارة التضامن تتفرج وتعليمات دون تنفيذ ومخططات "حبر على ورق"
وبالنظر للواقع الذي تعرفه ظاهرة التسول باستغلال الأطفال، يتضح أن التعليمات التي سبق وأعطتها وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، غنية الدالية، بشأن حماية الأطفال من ظاهرة التسول ومعاقبة الأولياء الذين يستغلون أبناءهم للتسول، بتجريدهم من هؤلاء الأبناء وتحويلهم للمراكز الاجتماعية للطفولة المسعفة، بقيت مجرد حبر على ورق شأنها شأن المخططات التي أطلقت على مدار السنوات الماضية والتي تتعلق بمحاربة التسول بالأطفال ومشاريع المخططات الوطنية واتفاقيات التعاون القطاعية لمحاربة التسول بالأطفال، وضمان حماية هذه الشريحة من المجتمع، هي مجرد شعارات لا تطبق على أرض الواقع، فالقوانين موجودة ورادعة لكنها تبقى دون أي فع قانون العقوبات في الباب المتعلق بالتسول وتحديدا بالأطفال، والذي تم إعادة النظر فيه، شددت في قضية العقوبة لكن لم يعط آليات لتطبيق هذه العقوبة، بدليل قلة القضايا المرفوعة فيما تعلق بجرائم التسول واستغلال الأطفال في المحاكم، ليبقى السؤال المطروح ما الفائدة من تشديد العقوبة إن لم يكن هناك تطبيق أصلا؟
• عمالة الأطفال تنتعش وبراءة في رحلة البحث عن "الخبزة"!
بالمقابل، فإن ظاهرة عمالة الأطفال لا تقل خطورة عن استغلال الأطفال في التسول، حيث تفاقمت الظاهرة بدورها مع بداية رمضان، وتعرف الأسواق والشوارع والطرقات استغلالا واضحا للأطفال في العديد من النشطات، منها "بيع الخضر والفواكه" و"الحلويات التقليدية" وكذا بيع "المطلوع" في الطرقات السريعة، ولم تنفع القوانين الردعية ولا حملات التحسيس في ردع هذه المظاهر، بل الأخطر هو تجاهل الحكومة للظاهرة من أساسه.
فوزارة العمل على سبيل المثال تؤكد أن ظاهرة عمالة الأطفال شبه منعدمة بالجزائر، وهو ما يخالف الواقع تماما، ومن ناحية قانونية فإن ظاهرة عمالة الأطفال تدخل في شق استغلال الأطفال، وهي جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات الجزائري، لكن لم تشهد المحاكم تسجيل ولا قضية في هذا الإطار وهو ما يعني أن النصوص القانونية موجودة، لكن التطبيق هو الغائب، خاصة في ظل غياب هيئة مكلفة ومختصة في مراقبة سير حياة القصر، التي من شأنها أن توفر آليات قانونية وموضوعية وتقنية لحماية الطفولة منتهكة الحق.
س. زموش