الحدث

لهذه الأسباب يصر الجزائريون على رفض تأطير حراكهم الشعبي

رغم دخوله شهره الثالث.. لا يزال عفويا ودن أي قيادة

    • سعدي: بقاء الحراك دون تأطير نقطة قوة ولكن!

 

لا يزال الجزائريون يصرون على بقاء حراكهم الشعبي عفويا ودون قيادة ولا تأطير من أي جهة كانت. فرغم دخول الحراك شهره الثالث وحديث عن ضرورة اختيار شخصيات تمثله والانتقال به نحو مرحلة ثانية، يعتقد الجزائريون أن تأطير الحراك يعني اختراقه من طرف النظام في ظل اللاثقة الموجودة بين الجزائريين ومختلف الفاعلين سياسيا، كما أن تجارب بلدان عربية عرفت حراكا مشابه لحراك الجزائر انتهت بالفشل بمجرد التوجه نحو تأطير الحراك.

 

    • التأطير... جدل بدأ منذ الجمعة الرابعة متى سينتهي؟

 

ومع دخول الحراك الشعبي أسبوعه العاشر الجمعة الماضية، لا يزال الجدل بشأن تأطير الحراك قائما بين من يرى ضرورة تمثيل الحراك من طرف نخبة معينة وبين من يعتبر أن غياب جهة تقود الحراك يشكل نقطة قوة تجعل من الصعب اختراق هذا الحراك.

ومن بين من دعا لضرورة تأطير الحراك الشعبي، الوزير السابق والدبلوماسي عبد العزيز رحابي، الذي اقترح تأطير الحراك الشعبي في شكل جمعيات وأحزاب سياسية حتى يكون تمثيلهم حقيقيا كقوة اقتراح في المرحلة القادمة، بالإضافة إلى جمعيات وأحزاب سياسية وشخصيات وطنية رأت أيضا أن المنطق يقتضي أن يكون للحراك مؤطرون يتم اختيارهم وفق معايير معينة، معتبرين أن مرحلة التحرك الشعبي غير المؤطر طالت كثيرا، خاصة أن النظام يلعب على هذا الوتر، حيث يقدم بعض التنازلات من حين لآخر، مراهنا على إرهاق الشعب. بالمقابل، هناك من الشخصيات والنشطاء السياسيين والحقوقيين من يعتبرون أن غياب نخبة تقود الحراك تشكل نقطة قوة، على خلاف ما يدعو إليه البعض، على غرار المحامي والحقوقي مقران آيت العربي والأكاديمي والسياسي فضيل بومالة اللذين اعتبرا بقاء الحراك عفويا يجعل من الصعب اختراقه عن طريق الاستقطاب لخدمة أجندات أخرى غير تلك التي خرج الجزائريون من أجلها.

 

    • 4 أسباب تجعل الجزائريين يرفضون تأطير حراكهم من أي جهة كانت

 

بالمقابل، وبالنسبة للجزائريين الذين يخرجون كل يوم جمعة في مسيرات مليونية، فإن رفض تأطير الحراك الشعبي له أسباب مقنعة، حيث يرى أغلب المواطنين عبر ما ينشر في مواقع التواصل الاجتماعي أن بقاء الحراك الشعبي دون تأطير نقطة قوة، لأن اختيار شخصيات تمثل الحراك يعني اختراقه بشكل يمنح للسلطة "فرصة لتفتيت الصفوف".

من جانب آخر، يعتقد الجزائريون أنه لا يوجد حاليا أشخاص "أهل ثقة" لقيادة الحراك الشعبي، فعدا بعض الشخصيات الوطنية التي طرحت، أمثال الرئيس السابق اليامين زروال والذي لم يتحمس لفكرة قيادة الحراك الشعبي، لا توجد شخصيات وطنية أو هيئات أو جمعيات مجتمع مدني يثق فيها الجزائريون، خاصة أن العديد من هذه الأخيرة حاولت، في الفترة الأخيرة، ركوب الموجة ومحاولة الحديث باسم الجزائريين خدمة لمصالحهم فقط، فالنجاح الذي حققه الحراك الشعبي فتح شهية البعض للسطو عليه من خلال اقتراح أسماء لتزعمه والحديث باسمه وهم ليسوا أهلا لذلك.

بالمقابل، فإن التجارب السابقة للجزائريين أنفسهم في تأطير الحركات الاحتجاجية كانت فاشلة على غرار تجارب عدد من البلدان العربية، منها مصر التي فشلت ثورتها بمجرد تمثيل حراكهم من طرف أطراف سياسية.

ومن بين الأسباب أيضا التي تجعل الجزائريين يرفضون تمثيل حراكهم، أن المطالب التي يرفعها هذا الأخير والتي تتمثل في تغيير النظام ومحاسبة الفاسدين مطالب يمكن للجزائريين أن يتوحدوا من أجلها، دون اللجوء إلى من يمثلهم، فالرسالة واضحة ومفهومة للسلطة ولا تحتاج لوسيط ينقلها. هذا ويصر الجزائريون على أن الشرعية هي للشعب وأن حراكهم سيبقى عفويا وسلميا إلى غاية تحقيق مطالبهم.

 

    • سعدي: بقاء الحراك دون تأطير نقطة قوة ولكن!

 

وعن الموضع، أكد الأستاذ في علم الاجتماع، الهادي سعدي، في تصريح لـ"الرائد"، أمس، أن استمرار الجزائريين رفض تأطير حراكهم الشعبي مبرر بأسباب منطقية، فالجزائريون باتوا لا يثقون في أي جهة قد تستغل الوضع لخدمة أجنداتها، خاصة مع موجة "النفاق" التي انطلقت بمجرد التخلي عن العهدة الخامسة.

وقال سعدي إن الجزائريين يعتبرون أن بقاء حراكهم عفويا بشكل يصعب اختراقه من النظام هي نقطة قوة، غير أنه في هذه الحالة يطرح سيناريو آخر، وهو أن أي طرف خفي عبر مواقع التواصل الاجتماعي يمكن أن يصبح مؤثرا فاعلا، وقد يكون صعبا تحديد هذا الفاعل، وهو ما قد يضر الحراك، بدليل ما شهدناه الفترة الأخيرة من محاولات لزرع الفتنة بين المؤسسة العسكرية والشعب، وكذا النزعات الجهوية.

واعتبر سعدي أن ترك الشارع للتأطير الذاتي يخرج الجهويات والإيديولوجيات والخصوصيات، غير أن سعدي راهن على وعي الجزائريين، مشيرا أنه إن استمر الحراك بهذا الوعي فإنه من الصعب التشويش عليه، خاصة أن الجزائريين عاشوا تجارب دامية خلال العشرية السوداء ومن الصعب أن يسمحوا بتكرار سيناريوهات مماثلة.

س. زموش

 

من نفس القسم الحدث