الحدث

الجزائريون يردون على مشاورات بن صالح ويرفضون إطالة عمر الأزمة

في مسيرات الجمعة التاسعة نددوا باستمرار محاولات الالتفاف على الإرادة الشعبية

خرج الجزائريون، أمس، في مسيرات الجمعة التاسعة مثلت ردا واضحا على النظام الذي تجاهل مطالب الجمعة الثامنة ومضى في محاولة الالتفاف على الإرادة الشعبية، بالاستمرار في مخططات الإصلاحات والمشاورات السياسية، تحضيرا لانتخابات هيئتها الناخبة توجد في الشارع، وقد كانت مسيرات ومظاهرات أمس بمثابة استفتاء على المشاورات التي أطلقها بن صالح، والتي اعتبرت استفزازا كبيرا للجزائريين الذين يصرون على رحيل الباءات الثلاثة، بينما تصر السلطة على إطالة عمر الأزمة بمحاولة فرض انتخابات ستكون دون ناخبين، ليبقى التساؤل المطروح من المستفيد من ذلك؟

حملت المسيرات السلمية يوم أمس وعبر مختلف ولايات الوطن أين خرج الجزائريين بالملايين بصوت واحد فيما يشبه استفتاء على خيارات السلطة في الوقت الراهن أبرزها تنظيم استحقاق انتخابي في 4 جويلية القادم وتعيين رئيس للمجلس الدستوري من طراف النظام السابق وكذا استمرار الحكومة الحالية المرفوضة شعبيا وحزبيا إضافة إلى استمرار بن صالح في منصبه كرئيس للدولة رغم النداءات والحراك الشعبي الرافض له، فيما اتفق المشاركون في الوقفات الشعبية هذه على تأييد مطلق للجيش ولأجندة قيادة الأركان ورسائل الرجل الأول فيها، حيث وجه هؤلاء من خلال لافتات وشعارات غصت بها شوارع المكن الكبرى للوطن برسائل أكدوا فيها رفضهم للحلول المطروحة في الوقت الراهن، وإيمانهم بأن الحل ضمن أجندتهم، وفيما يخص مشاورات بن صالح التي ستنطلق هذا الاثنين أجمع الجزائريون على ضرورة تكثيف الحراك في الشارع الاثنين القادم على أن يكون في الجزائر العاصمة غير بعيد عن مقر رئاسة الجمهورية التي ستحتضن مشاورات رئيس الدولة مع بعض من أسموهم بـ"الخونة".

 

    • الحراك يصر على رحيل الباءات ويرفض محاولات إطالة عمر الأزمة

 

بالعاصمة توافد، أمس، مئات الآلاف من المتظاهرين، رجالا ونساء وحتى أطفالا، للمشاركة في الجمعة التاسعة، جمعة جاءت في ظل تطورات ومتغيرات لم تحل الأزمة بقدر ما كانت إطالة في عمرها. فاستقالة الطيب بلعيز من على رأس المجلس الدستوري لم تكن ضمن السيناريو الذي اعتقده الكثير من المتابعين، كما أن طريقة تعيين القاضي السابق كمال فنّيش في المنصب، بصفته عضوا منتخبا عن مجلس الدولة، في الهيئة الدستورية وسرعة استخلافه لم ترض الجزائريين الذين يرون في فنيش استبدالا لحرف بآخر، باعتبار الرجل أيضا من رموز النظام وتم تعيينه من طرف هذا الأخير.

من جانب آخر، فإن المشاورات التي بدأها بن صالح مع الأحزاب السياسية تحضيرا للانتخابات مثلت استفزازا حقيقيا للجزائريين. فبن صالح المصر على تجاهل المطالب والرفض الشعبي له يواصل العمل ضمن أجندته المرفوضة هي الأخرى شعبيا وحتى من طرف الأحزاب، وهو ما جعل المسيرات والمظاهرات، أمس، تصر على مطلب رحيل رئيس الدولة بمعية بدوي وبوشارب وعلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية المقبلة. فأي مخرج ستلجأ إليه السلطة في ظل إصرار الجزائريين على رفض تسيير الباءات الثلاثة ورفض إجراء انتخابات رئاسية بآليات النظام القديم؟ ولماذا لم يتم إلى غاية الآن اتخاذ إجراءات لتلبية الإرادة الشعبية؟ ومن المستفيد من إطالة عمر الأزمة الحالية؟ هي كلها أسئلة طرحها المتظاهرون أمس في مسيراتهم الشعبية.

 

    • هذه هي المطالب والشعارات التي رفعها المتظاهرون في تاسع جمعة

 

ورفع الجزائريون، أمس، في مسيراتهم ومظاهراتهم العديد من الشعارات المطالبة بتحرير الجزائر من قبضة "العصابة" وبقايا النظام الفاسد، كما أصر المتظاهرون على مطلب رحيل بن صالح وبدوي وبوشارب. ومن بين أكثر الشعارات التي رفعها المتظاهرون، "الشعب فاق"، "البلاد بعتوها رغم ثرائكم وسنشتريها رغم فقرنا"، في رسالة قوية لقيت ردود فعل واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي. كما رفع بعض المتظاهرين شعارات "لا لمشاورات بن صالح" و"لا لتغيير الباء بفاء" و"الهيئة الناخبة في الشارع صناديقكم ستبقى فارغة".

من جانب آخر، عرفت المسيرات حضورا قويا للمجاهدين وشهداء الثورة، حيث علقت بأغلب شرفات شوارع العاصمة صور للعربي بن مهيدي والسي الحواس وغيرهما من شهداء الوطن، حيث لم ينس الجزائريون تضحيات الرجال، مؤكدين أنهم لن يتركوا الجزائر التي ضحى من أجلها مليون ونصف مليون شهيد رهينة في يد العصابة. هذا وقد رفع المتظاهرون شعارات تندد بأي محاولات للتدخل في الشأن الجزائري، خاصة من الطرف الفرنسي، منها شعارات تؤكد "سبب عذابنا شياتين فرنسا في بلادنا". واستذكر البعض في شعاراته تصريحات بن صالح الذي أكد خلالها أن بوتفليقة في صحة جيدة.

 

    • النساء والأطفال حاضرون رغم محاولات تشويه الحراك وتخويف المتظاهرين

 

في المقابل، ميز مسيرات أمس استمرار مشاركة النساء والأطفال والعائلات بأكملها في المظاهرات، حيث فشلت محاولات إفساد الحراك الشعبي الأسبوع الماضي من طرف بعض "البلطجية" الذين دخلوا في اشتباكات مع عناصر للأمن، في تخويف الجزائريين ومنعهم من الخروج إلى الشارع بالتخويف والقوة، واستطاع الحراك مواصلة تعبئة الجماهير الكبيرة من مختلف فئات المجتمع الجزائري، في حين عرفت مسيرات أمس وككل جمعة سلمية كبيرة قابلها تعامل أمني حذر من طرف مصالح الأمن والشرطة، والتي لم تسجل وجودها في عدد من الأحياء التي شهدت الأسبوع الماضي أعمال شغب، على غرار مدخل نهج محمد الخامس، في حين أقدمت قوات الأمن على غلق النفق الجامعي، لأول مرة منذ بداية المظاهرات الشعبية ضد النظام، وذلك منع حدوث أي انزلاقات كما حدث الجمعة الماضية عندما قامت قوات الأمن بمطاردة المتظاهرين داخل النفق، ما نجم عنه حالات اختناق بالجملة وإغماءات وسط المتظاهرين.

 

    • "ماشي عنصرية خاوة خاوة " للرد على أبواق الفتنة والعنصرية

 

من جانب آخر، حرص المتظاهرون أمس على الرد على كل أبواق العنصرية التي تعالت الفترة الماضية تجاه المشاركين في المسيرات والمظاهرات، حيث ردد الجزائريون أمس في البريد المركزي شعارات "ماشي عنصرية خاوة خاوة".

ورفض الجزائريون أي محاولات لإحداث الفرقة بين أبناء الشعب الواحد عندما بدأت بعض الأطراف تتحدث عن تصنيف للشخصيات حسب صفات جهوية وحديث البعض أيضا عن رايات ترفع غير العلم الوطني في ساحة البريد المركزي، وهو ما أثار سخط الجزائريين ليقطعوا أمس فتيل الفتنة التي حاول البعض إشعالها ويؤكدوا خلال المسيرات أن الجزائريين شعب واحد ووطن واحد ولا مكان لأي جهوية أو عنصرية بينهم.

س. زموش

 

من نفس القسم الحدث