الحدث

سوق العقار بيئة خصبة للاستثمار المشبوه، تبييض الأموال والتهرب الضريبي

بسبب الفوضى، غياب التنظيم وتسجيل 70 بالمائة من المعاملات بطرق غير شرعية

    • عويدات: واقع القطاع بات خطيرا ويستدعي إجراءات صارمة واستعجالية

 

تحول سوق العقار في الجزائر، في السنوات الأخيرة، إلى فوضى كبيرة جعلته بيئة خصبة للاستثمار المشبوه وتبييض الأموال، حيث لجأ إليه الكثير من أصحاب "الشكارة" في الجزائر إلى الاستثمار في العقارات بعيدا عن أعين الدولة، مستغلين تداول أكثر من 70 بالمائة من هذه العقارات في السوق السوداء لتبييض أموالهم والتهرب الضريبي.

بسبب ثغرات قانونية وسيطرة السوق الموازية على التعاملات في مجال العقار، تعرف سوق هذا الأخير، منذ سنوات، متاعب كبيرة وإشكاليات لم تجد لها الدولة حلولا جذرية، ما جعل الاستثمار في سوق العقار ملجأ لأصحاب الأموال المشبوهة. ولأنه لا يوجد أي قانون يضبط امتلاك العقارات في الجزائر، فإنه تزدهر في هذا السوق عمليات تبييض الأموال والتهرّب الضريبي وعدم التصريح بالقيمة الحقيقية للمبيعات، وتزامنا مع التغيرات التي تعرفها البلاد منذ استقالة رئيس الجمهورية السابق عبد العزيز بوتفليقة فيتوقع الكثير من المتابعين للشأن الوطني أن تكشف عمليات محاربة الفساد التي تقوم بها أجهزة الدولة في الآونة الأخيرة عن واقع مزري لهذا القطاع لوحده، كما يرتقب أن يعصف برؤوس كثيرة ومتعددة.

 

    • أصحاب المال المشبوه يقتنون عقارات بضعف ثمنها لتبييض أموالهم

 

الملاحظ في السنوات الأخيرة أن الكثير من أصحاب الشكارة باتوا يلجأون إلى اقتناء شقق فاخرة وفيلات وقطع أراض ومحلات تجارية في مدن مختلفة، وأحيانا دون التفاوض على السعر كوسيلة لتبييض الأموال، ويمكن التحايل على القوانين بتسجيل الكثير منها بأسماء الزوجة والأبناء والأخوات، وهو ما بات ينعكس على السوق ككل، فتبييض الأموال عن طريق شراء العقارات أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات، حيث أصبح أصحاب الفيلات وقطع الأراضي في بعض الأحياء المستهدفة من طرف أصحاب الأموال المشبوهة، يرفعون سعر المتر المربع أحيانا إلى الضعف، خاصة أن المشتري لا يفاوض على السعر في أغلب الأوقات، وهو ما أدى إلى ركود في الأسواق قد يقود نحو انفجار فقاعة عقارية في الجزائر، لأن الأسعار الحالية قد لن تحتمل الصمود أمام الأسعار الحقيقية.

 

    • عويدات: واقع سوق العقار بات خطيرا ويستدعي إجراءات صارمة واستعجالية

 

وتشير تقديرات الفدرالية الوطنية للوكالات العقارية أن السوق الموازية تستحوذ على نحو 70 بالمائة من تجارة العقارات في الجزائر، وهو ما بات يشجع تبييض الأموال عبر الاستثمار في بيع وشراء العقار والبيع عبر القنوات غير الشرعية.

وفي هذا الصدد، أكد رئيس الفدرالية، عبد الحكيم عويدات، أمس، أن واقع سوق العقار في الجزائر بات خطيرا ويستدعي إجراءات صارمة واستعجالية حتى لا يتحول هذا السوق إلى بؤرة فساد مالي يؤثر على التعاملات الرسمية وعلى المنظومة العقارية ككل. وقال عويدات، في تصريحات لـ"الرائد"، إن استغلال بعض رجال المال الفاسد سوق العقار لتبييض الأموال والتهرب الضريبي شجعته السوق الموازية وحتى التصريح بالمبيعات العقارية بأقل من قيمتها الحقيقية، والتي باتت تمثل أكثر من 80 بالمائة من إجمالي التعاملات المسجلة في السوق، حيث اعترف عويدات بأنه حتى بعض الوكالات العقارية باتت تتورط في هكذا معاملات بإغراء من صاحب العقار وحتى المقبل على الشراء، حيث تتم هذه العملية عبر التوجه نحو الموثّق القانوني، شرط أن يتفق البائع والمشتري وصاحب الوكالة العقارية على كتابة العقود بـ 40٪ من قيمة العقار الحقيقية، وذلك لإبعاد الشبهات وخفض الرسوم الضريبية المفروضة على بيع العقار والمقدرة بـ 10" يدفعها البائع، في حين وإن تمت العملية في السوق الموازية يتفق الطرفان على قيمة العقار محل البيع، وبموجب الاتفاق يقوم البائع بنقل الملكية للمشتري كـ"هبة" أو "تسديد للدين"، وبذلك يكون المشتري قد حول مبالغ كبيرة إلى عقارات".

 

    • إفلاس 20 بالمائة من الوكالات العقارية و80 بالمائة المتبقية تواجه العجز المالي

 

وقال عويدات، في سياق متصل، إن الفوضى الشاملة التي تميّز سوق العقارات تسببت في غلق 20 بالمائة من الوكالات العقارية من أصل 3 آلاف وكالة تعمل بشكل رسمي بالبلاد حاليا، مشيرا أن 80 بالمائة من الوكالات العقارية في البلاد تواجه حالة عجز مالي قد تقودها إلى الإفلاس بسبب السوق السوداء.

مجددا مقترح الفدرالية بأن يتم فرض اللجوء إلى الوكالات العقارية للقيام بأي معاملة أو صفقة عقارية، بغرض تنظيم نشاط القطاع، وهو الحل الذي سيسمح بضمان إمكانية التتبع والتحكم في الأسعار والتصريح بالقيمة الحقيقية، ومحاربة الاستثمار في العقار لتبييض الأموال.

س. زموش

 

من نفس القسم الحدث