الحدث

بين الشرعية الشعبية والشرعية الدستورية ... الجزائر إلى أين؟!

الحراك الشعبي يتجه إلى مفترق طرق خطير

رفض الجزائريون كما كان متوقعا تنصيب عبد القادر بن صالح رئيسا للدولة، واعتبروا ذلك التفافا على المطالب الشعبية، حيث يحضر الملايين يوم غد للخروج في جمعة ثامنة من أجل المطالبة برحيل بن صالح، وهو ما يضع الجزائر في مفترق طرق خطير، باعتبار أن هذا المطلب لا يمكن التكفل به وفق ما ينص عليه الدستور، ما يطرح إشكالية الأولوية في التطبيق بين الشرعية الشعبية والشرعية الدستورية، ليبقى التساؤل الأهم الجزائر إلى أين؟

في الوقت الذي تصر بعض الأطراف على ضرورة تطبيق الدستور والالتزام به، يرفض الجزائريون نصف الحلول، ويرون أن استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة لم تكن كافية لتحقيق ما يصبو إليه الحراك الشعبي. 

فبمجرد انتهاء عهدة بوتفليقة وتقديم هذا الأخير لاستقالته وترسيمها أمس أول بعد تعيين بن صالح في منصب رئيس الدولة، ظهرت مطالب جديدة حملها الجزائريون خلال الجمعة السابعة، من أبرزها إسقاط الباءات الثلاثة وكنس كل بقايا النظام ورموز الفساد، داعين لتطبيق المادتين 7 و8 من الدستور اللتين تنصان على أن الشعب هو مصدر كل سلطة، وأن السلطة التأسيسية ملك للشعب يمارسها بواسطة المؤسسات الدستورية التي يختارها، غير أن المطالب المرفوعة لا تجد مواد في الدستور يمكن الاستناد إليها لتطبيقها، وهو ما جعل الوضع يصل إلى منعرج خطير ومفترق طرق بعد تنصيب بن صالح رئيسا للدولة وإصرار الجزائريين على رفض الرجل، وهو ما يطرح إشكالية خطيرة تتعلق بالأولوية في التطبيق بين الشرعية الشعبية والشرعية الدستورية. 

وبالعودة إلى مطالب الحراك الشعبي التي ارتفع سقفها بمجرد إعلان بوتفليقة لاستقالته والتوجه نحو تفعيل المادة 102 من الدستور، فقد رفض الجزائريون في الجمعة السابعة تسيير بن صالح للمرحلة الانتقالية. 

وبعد تنصيب هذا الأخير أمس الأول رئيسا للدولة وفرضه كأمر واقع، بدأت الاحتجاجات والمسيرات، منها مسيرات الطلبة أمس الأول ومسيرات مواطنين بالعاصمة وعدد من الولايات أمس للمطالبة برحيل بن صالح، مع تعبئة لجمعة ثامنة سيخرج خلالها الجزائريين لقول لا لتسيير بن صالح للمرحلة الانتقالية. غير أن المطلب لا يتطابق مع ما هو محدد في الدستور، وبذلك يقف الدستور ويحول دون الاستجابة لمطالب الحراك. من جانب آخر، فإن رحيل حكومة بدوي يعد من المطالب الأساسية أيضا، فهذه الحكومة التي وصفت بأنها ولدت ميتة لاقت رفضا شعبيا كبيرا، غير أن المطلب بعد تنصيب بن صالح رئيسا للدولة وبالعودة لما ينص عليه الدستور فإنه لا وجود لأي آليات من أجل تطبيقه.

أما بالنسبة لمطالب إقالة رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز فإن تحقيق ذلك لا يجد له أساسا دستوريا، كون المادة 183 فقرة 04 تعطي الصلاحية لرئيس الجمهورية في تعيين رئيس المجلس الدستوري لمدة ثماني سنوات، ولكنها لا تبين الجهة التي يخول لها إنهاء مهامه، ويتعذر القيام بذلك في ضوء شغور منصب رئيس الجمهورية المستقيل يوم 02 أفريل 2019. 

هذا وقد ردد الجزائريون خلال الجمعة السابعة شعارات تدعو لرحيل أحزاب الموالاة، خاصة أحزاب التحالف الرئاسي، وحل البرلمان والمجالس البلدية المنتخبة، وهي المطالب التي لا يمكن التكفل بها لأن الحق في ممارسة العمل السياسي مكفول لكل المواطنين على حد سواء، وحل الأحزاب لا يمكن أن يقع إلا في الحالات التي ينص عليها قانون الأحزاب السياسية في الجزائر، في حين بين الدستور الحالات التي يجوز فيها حل البرلمان، لكن بالمقابل فإن الدستور ينص ايضا أن الشعب مصدر كل سلطة بل إنه مصدر السلطة التأسيسية في حد ذاتها، وهو ما يجعل الجزائر تتجه إلى المجهول. فما بين الاحتكام إلى الشرعية الشعبية أو الالتزام بالشرعية الدستورية يبقى أهم سؤال يطرح في المرحلة الحالية هو إلى أين تتجه الجزائر؟؟.

س. زموش

 

من نفس القسم الحدث