الحدث

الحراك الشعبي المتواصل يفتح نافذة أمل بغد وواقع أفضل للجزائريين

قوارب الموت تتراجع، مغتربون يعودون وطلبات فيزا تؤجل

يبدو أن الحراك الشعبي الداعي لتغيير النظام غير نظرة العديد من الجزائريين لواقعهم ومستقبلهم. فمنذ بداية المسيرات والمظاهرات في 22 فيفري الماضي، تعرف عمليات الحرڤة تراجعا كبيرا، شأنها شأن محاولات الانتحار بسبب الظروف المعيشية التي كادت تتحول إلى ظاهرة خلال السنوات الأخيرة، من جانب آخر، فقد انخفضت الاحتجاجات المتعلقة بالتنمية والسكن ومناصب الشغل التي كانت تشهدها العديد من الولايات بشكل شبه يومي، وهو ما يجعلنا نطرح التساؤل هل انتقل الجزائريون فعلا للمطالبة بالجيل الثاني من الحقوق وهل فتح الحراك الشعبي المتواصل نافذة أمل بغد وواقع أفضل للجزائريين؟

 

    • الحراڤة يجدون مكانا في الحراك الشعبي

 

منذ بداية الحراك الشعبي في 22 فيفري الماضي، تعرف عمليات الهجرة غير الشرعية تراجعا محسوسا بعد فترة شهدنا ذروتها نهاية 2018 وبداية 2019. فخلال شهر جانفي الماضي لوحده سجلت مئات المحاولات للهجرة غير الشرعية من طرف شباب يائس وعائلات بأكملها بنسائها وأطفالها وحتى شيوخها، للبحث عن واقع أفضل في الضفة الأخرى، وهو ما استنفر وقتها الجهات المختصة والحكومة التي سارعت لمحاولة تشريح الظاهرة دون إيجاد حلول جذرية. غير أنه ومنذ بداية الحراك الشعبي، فإن عمليات الحرڤة تراجعت بشكل جد محسوس. فمنذ تاريخ 22 فيفري لم تسجل سوى ثلاث محاولات للهجرة غير الشرعية حسب بيانات مصالح الأمن وحرس السواحل، وهو ما يكشف عن تراجع محير للظاهرة رغم استقرار ملحوظ للأحوال الجوية لأكثر من 5 أسابيع، في الفترة الماضية، ما يجعل التفسير الوحيد والأقرب هو الحراك الشعبي الحالي وتأثيره على رؤية ونظرة الشباب لواقعهم ومستقبلهم.

فالأسر التي كانت تسعى للحرڤة والبحث عن غد أفضل في الضفة الأخرى، وجدت مكانا لها في الحراك الشعبي الداعي للتغيير، وبات الجزائريون يبحثون عن الحلول داخليا، بل إن الحراك الشعبي المتواصل دفع بالعديد من المغتربين للعودة إلى أرض الوطن من أجل مساندة إخوانهم على تغيير النظام، في حين تشهد السفارات والقنصليات تراجعا محسوسا في طلب الفيزا هذه الأيام، وكأن الجميع اتفق على أن الجزائر تحتاج لأبنائها في الوقت الراهن.

 

    • الحراك يغير نظرة الجزائريين لواقعهم ومستقبلهم

 

من جانب آخر، لم تسجل منذ بداية الحراك الشعبي في 22 فيفري الماضي أي محاولات للانتحار بسبب الظروف الاجتماعية المزرية. فقبل بداية الحراك كنا نشهد عبر عدد من الولايات بين الحين والآخر محاولات للانتحار لعدد من الشباب الذي يعيش وضعية مزرية.

وقد سجلت العديد من الحالات التي انتحرت حرقا على طريقة ما كان يحدث في البلدان التي شهدها الربيع العربي، إلى درجة كادت تتحول فيها هذه المحاولات إلى ظاهرة، غير أنه ومنذ بداية الحراك الشعبي لم تشهد الجزائر أي محاولة للانتحار بهذه الطريقة.

فرغم أن الحراك الحالي لم يحسن الظروف المعيشية للجزائريين الذين لا يزال عدد كبير منهم يعيش أوضاعا مزرية، غير أن هذا الحراك غير النظرة إلى المستقبل وإلى واقع المرحلة المقبلة، والذي قد يكون أحسن إن واصل الحراك سلميته وحقق النتاج المرجو منه.

 

    • الجزائريون ينتقلون إلى الجيل الثاني من المطالب

 

وليس فقط محاولات الحرڤة والانتحار التي انخفضت بشكل كبير منذ بداية الحراك الشعبي، فحتى الاحتجاجات المتعلقة بالسكن ومناصب الشغل والمطالبة بالتنمية تعرف انخفاضا كبيرا، فعدا الاحتجاجات المطالبة بتغيير النظام والتي تحمل مطالب سياسية، تعرف الجبهة الاجتماعية استقرارا ملحوظا، حيث لم تسجل ولايات الوطن احتجاجات متعلقة بالسكن والتنمية عكس ما كنا نعرفه قبل 22 فيفري الماضي، تاريخ بداية الحراك، وكأن الجزائريين انتقلوا من الجيل الأول في المطالب التي كانت تتعلق بحقهم في العمل والسكن والتنمية والظروف الاجتماعية الجيدة، نحو جيل ثان من المطالب تتعلق بالحق في المشاركة السياسية والمطالبة بالديمقراطية ومحاربة الفساد.

س. زموش

 

من نفس القسم الحدث