الحدث

هذا ما تغير في الجزائر من 22 فيفري إلى 22 مارس 2019

خمس جمعات جعلت الجزائريين مثالا في الوعي والسلمية

واصل الجزائريون، أمس، حراكهم السلمي، حيث لم تثنهم الرسائل التي بعثت والقرارات التي اتخذت، وبقي المطلب الأساسي هو التغيير دون مماطلة أو تسويف، غير أن السؤال الذي يطرح بشدة بعد 5 أسابيع من المسيرات والمظاهرات، هو ما الذي تغير في الجزائر والجزائريين منذ 22 فيفري حتى 22 مارس الحالي.

في خامس جمعة للمطالبة بتغيير النظام، تمسك الجزائريون بمطالبهم وسلميتهم في التظاهر، وضرب الجزائريون مثالا في الوعي والتحضر، وعبروا عن مطالبهم بطريقة أدهشت العالم. وبعيدا عن الشارع، فقد كان موضوع الساعة بالنسبة للجزائريين هو تغيير النظام، فلا موضوع آخر سوى الحراك الشعبي، شهدناه عبر منشورات وتعليقات الجزائريين عبر الفايسبوك وتويتر وإنستغرام ويوتوب، وفي المقاهي والشوارع وحتى المدارس ورياض الأطفال ووسائل النقل، وقد تفاعل الجزائريون طيلة الخمسة أسابيع الماضية مع ما حدث على الساحة السياسة أولا بأول، سواء ما تعلق بالمشاورات المتعلقة بتشكيل الحكومة أو حتى مواقف بعض الأحزاب والشخصيات السياسية، وأصبح الكل معنيا في الجزائر بالسياسة والحديث فيها.

 

    • وعي الجزائريين يتطور ويدهش العالم

 

غير أن الملاحظ في الفترة ما بين 22 فيفري و22 مارس الجاري، هو تطور وعي الجزائريين الذي ادهش العالم بسلميته، ليس فقط الوعي في التظاهر والاحتجاج، وإنما حتى الوعي بأهمية الحفاظ على سلم واستقرار البلاد، وأن الحراك الحالي جاء لبناء الجزائر وليس لهدمها، وهو ما ظهر من خلال المبادرات والحملات التي انطلقت بالموازاة مع الحراك الشعبي، منها حملات التنظيف، تهيئة الشوارع وطلائها، وكذا حملات للتشجير وحملات أخرى للتبرع بالدم ومساعدة المحتاجين، كلها جاءت دعما للحراك الشعبي، بالإضافة إلى وقوف الجزائريين بالمرصاد في وجه أي دعوات للتخريب من طرف أطراف مجهولة، حيث كان الجزائريون على مدار الخمسة أسابيع الماضية بالمرصاد لأي محاولات للتخريب أو الاستثمار في حراك سلمي وتأجيج الوضع، إلى درجة أن الجزائريين أنفسهم استغربوا من درجة الوعي وتساءلوا "هل تعرضنا كشعب للقرصنة".

 

    • سقف المطالب يرتفع

 

من جانب آخر، فإن المطالب الشعبية منذ 22 فيفري والى غاية 22 مارس الجاري تغيرت كثيرا، حيث ارتفع سقف ما يدعو له الحراك الذي انطلق في البداية للمطالبة بالعدول عن الترشح للعهدة الخامسة من طرف عبد العزيز بوتفليقة، وكانت أول وثاني وثالت جمعة تحت شعار لا للعهدة الخامسة، غير أن تحرك الرئاسة والقرارات التي تلت ذلك، منها تأجيل الانتخابات وتمديد العهدة الرابعة، رفع سقف المطالب ورفض المتظاهرون والمحتجون في رابع جمعة قرارات بوتفليقة، وجاءت المظاهرات تحت شعار لا لتمديد العهدة الرابعة وتأجيل الانتخابات، لتعرف الساحة السياسية بعدها الكثير من التغييرات والحركية، حيث التحق بالحراك العديد من شرائح المجتمع منهم عمال وعدد كبير من القطاعات، وبدأت المطالب تأخذ شكلا آخر، حيث أصبح المحتجون يطالبون بإسقاط كل الزمرة الفاسدة من الحكم تحت شعار "يتنحاو ڤاع"، حيث بات الحراك الشعبي حاليا يطالب بإسقاط كل المسؤولين الذين تسببوا في الأزمة السياسية الحالية، منهم المطبلون والذين دعموا العهدة الخامسة إلى غاية الوقت بدل الضائع.

 

    • مواقف تتغير وأقنعة تسقط

 

وعلى الساحة السياسية، فقد تغيرت الكثير من المواقف منذ 22 فيفري الماضي حتى 22 مارس الجاري، وسقطت أقنعة العديد من المسؤولين، منها أحزاب سياسية كانت ضمن التحالف الرئاسي. ولعل أكثر ما صدم الجزائريين هو تحول موقف حزب جبهة التحرير الوطني الذي رشح عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية خامسة، وأكد أنه لا بديل عن بوتفليقة في الوقت الحالي، ليتغير موقف الحزب 180 درجة عشية خامس جمعة، ويؤكد أنه مع الحراك الشعبي. وقد سبقه إلى ذلك حزب التجمع الوطني الديمقراطي والعديد من الشخصيات السياسية التي كانت من بين المطبلين لعهدة خامسة، بينما تغيرت أيضا مواقف العديد من وسائل الإعلام التي كانت ذراع النظام، لتتحول في ظرف أسبوعيين إلى صوت للحراك الشعبي، غير أن الجزائريين لم يقنعهم تغيير هذه المواقف ولم يخدعوا هذه المرة بدعم العديد من الشخصيات، بل بالعكس فقد رفض الحراك الشعبي دعم هؤلاء تحت شعار "تتنحاو ڤاع".

 

     أحزاب تعيش التخبط واستقالات بالجملة

 

من جانب آخر، فقد عاشت العديد من الأحزاب السياسية، على رأسها أحزاب السلطة، العديد من الانشقاقات والتصحيحيات منذ 22 فيفري إلى غاية 22 مارس، حيث انشق عن حزب جبهة التحرير الوطني العديد من المناضلين الذين التحقوا بالحراك الشعبي وفضلوا الوقوف مع الشعب بدل السلطة، وهو نفس ما ينطبق على الأرندي الذي عاش منذ 22 فيفري إلى غاية 22 مارس حالة كبيرة من التخبط، إلى درجة أن مسؤولين إعلاميين في الحزب خرجوا بتصريحات مثيرة للجدل أعلنتها صراحة أن ترشيح بوتفليقة كان غلطة، وهو ما عكس مدى التباين في المواقف داخل قيادات هذه الأحزاب التي تعيش أصعب أيامها.

 

    • نفوذ يتلاشى و"ديناصورات" في فم المدفع

 

من جانب آخر، فإن الحراك الشعبي وفي جمعته الخامسة بات تهديدا حقيقيا لاستمرار نفوذ العديد من رجال المال والأعمال وحتى رؤساء نقابات الذين يوجدون حاليا في فم المدفع، خاصة مع تعالي مطالب بإزاحتهم من الواجهة، منهم رئيس الأفسيو علي حداد ورئيس المركزية النقابية سيدي السعيد.

 هذا وقد أثر الحراك على الساحة العمالية، ففي الوقت الذي كان عمال المؤسسات الوطنية يلتزمون الحياد بشأن قضايا نقابية، أخرجهم الحراك في الأسبوع الثالث إلى الشارع، حيث انخرط عمال مؤسسات عمومية كبرى في مطالب تغيير النظام، في سابقة في الحراك العمالي في الجزائر، بينما على الساحة الاقتصادية فإنه فمنذ ثالث جمعة بات الترقب سيد الموقف، وعبر العديد من الشركاء الاقتصاديين للجزائر عن قلقهم من أي تغييرات ستعرفها الساحة الاقتصادية بسبب الحراك الشعبي.

س. زموش

 

من نفس القسم الحدث