الحدث

بوتفليقة يلغي انتخابات 18 أفريل بخلفية سياسية

جدل حول دستورية القرار وقانونيته وحديث عن نصي المادتين 107 و142

    • "لا محلَّ لعهدة خامسة، بل إنني لـم أنْوِ قط الإقدام على طلبها لحالتي الصحية وسنّي"

    • بدوي وزيرا أول ولعمامرة نائبا له وسلسلة من الإقالات مرتقبة في أعلى هرم الدولة

    • حلّ هيئة دربال، ندوة وطنية جامعة وحكومة كفاءات رهانات فترة تمديد الرابعة

 

ألغى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، الانتخابات الرئاسية التي كانت مرتقبة في الـ 18 من الشهر الداخل، وكشف عن رفضه للترشح لعهدة رئاسية جديدة في هذا الاقتراع الذي يلم يحدد تاريخ إجراءه بالمقابل فتح الباب للتوجه نحو إصلاحات سياسية سبق وأن وعد بها في حال فوزه بكرسي رئاسة الجمهورية لولاية خامسة من الآن فيما يشبه تمديد لعهدته الانتخابية الحالية التي كانت ستنتهي بمجرد صدور نتائج انتخابات أفريل الداخل لو أجريت، وسط تساؤلات حول الخلفية الدستورية التي اعتمد عليها رئيس الجمهورية في التوجه نحو هذا التمديد ومدته، وإن كانت تتقاطع مع نصي المادتين 107 و142 منه، التي تتيح له الأولى صلاحية إعلان " الحالة الاستثنائية " للبلاد في وجود خطر يهدد مؤسساتها الدستورية، غير أنها تؤكد على ضرورة استشارة الرئيس للبرلمان بغرفتيه والمجلس الدستوري والاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن ومجلس الوزراء أيضا، وتصدر منه قرارات تحافظ على استقلال الأمة والمؤسسات الدستورية للبلاد، فيما تتحدث الثانية عن صلاحيات واسعة لرئيس البلاد كأن  يشرّع بأوامر في ‬مسائل عاجلة خاصة التي تتعلق بالحالة الاستثنائية التي جاء بها نص المادة الأولى، واللافت أن إعلان الحالة الاستثنائية تخول للرئيس صلاحيات "أسطورية"، حسب المادة 142 من الدستور، التي تشير على إمكانية أن "يشرّع بأوامر في مسائل عاجلة في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو خلال العطل البرلمانية، بعد رأي مجلس الدولة"، والأمر المؤكد أن الحلول التي قدمها الرئيس جاءت تتماشى مع السياق العام الذي تعرفه البلاد وحملت طابعا سياسيا بامتياز، كما عين بوتفليقة نور الدين بدوي وزيرا أولا، ليحل محل أحمد أويحيى، وعين رمطان لعمامرة نائبا له وهما طرفان مقربان من السلطة فالأول رجل الإدارة الأول، والثاني ديبلوماسي محنك.

وجه رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة عشية أمس الاثنين، رسالة إلى الأمة أعلن فيها عن تأجيل تنظيم الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة الشهر الداخل، وعشية إعلان المجلس الدستوري لقائمة الذين كانوا سيترشحون لهذا الاستحقاق كشف عن عدم اعتزامه الترشح لعهدة رئاسية جديدة، وقال في هذا الصدد: "لا محلَّ لعهدة خامسة، بل إنني لـم أنْوِ قط الإقدام على طلبها لحالتي الصحية وسنّي"،  كما أعلن رئيس الجمهورية في هذه الرسالة عن إجراء "تعديلات جمة" على تشكيلة الحكومة وتنظيم الاستحقاق الرئاسي عقب الندوة الوطنية المستقلة تحت إشراف حصري للجنة انتخابية وطنية مستقلة، وقال رئيس الدولة في رسالته: "تمُرُّ الجزائر بمرحلة حساسة من تاريخها. ففي الثامن من شهر مارس الجاري، وفي جُمعةِ ثالثة بعد سابقتيها، شهِدت البلادُ مسيرات شعبية حاشدة. ولقد تابَعـْتُ كل ما جرى، وكما سبق لي وأن أفضيت به إليكم في الثالث من هذا الشهر، إنني أتفهمُ ما حرك تِلكَ الجُموعِ الغفيرة من المواطنين الذين اختاروا الأسلوب هذا للتعبيرِ عن رأيهم، ذلكم الأسلوب الذي لا يفوتني، مرَّة أخرى، أن أنوه بطابعه السلـمي".

واقترح عبد العزيز بوتفليقة إجراءات سريعة بثوب الاستمرارية التي كانت مطلب الموالاة منذ البداية، حيث ستضمن له هذه الإجراءات الاستمرار في الحكم إلى غاية تسليم المشعل للرئيس الجديد الذي لم يتحدد بعد موعد إجراء انتخابات تسفر عن فوزه غير أن الذهاب نحو هذه النقطة المهمة يستوجب إجراء عدّة خطوات قد تأخذ أشهرا أخرى، وارتكزت هذه الخطوات في 5 نقاط رئيسية من ضمن 7 خطوات قررها بوتفليقة بداية برفض الترشح لعهدة رئاسية أخرى ثم بتأجيل الانتخابات.

وتنطلق هذه النقاط التي ستشكل جدلا جديدا في المشهد السياسي العام للبلاد، تعديلات جمة على تشكيلة الحكومة، في أقرب الآجال، والتي قال بخصوصها: "التعديلات هذه ستكون ردًا مناسبا على الـمطالب التي جاءتني منكم وكذا برهانا على تقبلي لزوم المحاسبة والتقويم الدقيق لـممارسة الـمسؤولية على جميع الـمستويات، وفي كل القطاعات"،

ثم الندوة الوطنية الجامعة المستقلة ستكون هيئة تتمتع بكل السلطات اللازمة لتدارس وإعداد واعتماد كل أنواع الاصلاحات التي ستشكل أسيسة النظام الجديد الذي سيتمخض عنه إطلاق مسار تحويل دولتنا الوطنية، هذا الذي أعتبر أنه مهمتي الأخيرة، التي أختم بها ذلكم الـمسار الذي قطعته بعون الله تعالى ومَدَدِهِ، وبتفويض من الشعب الجزائري، ستكون هذه النّدوة عادلة من حيث تمثيلُ المجتمعِ الجزائري ومختلف ما فيه من الـمشارب والـمذاهب-يضيف الرئيس- ستتولى النّدوة هذه تنظيم أعمالها بحريّة تامة بقيادة هيئة رئيسة تعددية، على رأسـها شخصية وطنية مستقلة، تَحظى بالقبول والخبرة، على أن تحرص هذه النّدوة على الفراغ من عُهدَتها قبل نهاية عام 2019، إذ سيُعرض مشروع الدستور الذي تعدُّه النّدوة الوطنية على الاستفتاء الشعبي، والندوة الوطنية الـمُستقلة هي التي ستتولى بكل سيادة، تحديد موعد تاريخ إجراء الانتخاب الرئاسي الذي لن أترشح له بأي حال من الأحوال حسب قوله.

وحول تنظيم هذا الاستحقاق الرئاسي أكد بوتفليقة أنه سيكون عقب الندوة الوطنية الجامعة الـمستقلة، التي سيؤول لها الإشراف الحصري للجنةٍ انتخابية وطنيةٍ مستقلة، ستُحدد عهدتها وتشكيلتها وطريقة سيرها بمقتضى نصّ تشريعي خاص، سيستوحى من أنجع وأجود التجارب والـممارسات الـمعتمدة على الـمستوى الدَّوْلي.

كما سيتم تشكيل حكومة كفاءات وطنية، تتمتع بدعم مكونات النّدوة الوطنية، والحكومة هذه ستتولى الإشراف على مهام الادارة العمومية ومصالح الأمن، وتقدم العون للجنة الانتخابية الوطنية الـمستقلة، ومن جانبه، سيتولى الـمجلس الدستوري، بكل استقلالية، الاضطلاع بالمهام التي يخولها له الدستور والقانون، فيما يتعلَّق بالانتخاب الرئاسي يؤكد بوتفليقة، الذي تعهد أمام الله عزَّ وجلَّ، وأمام الشعب الجزائري، بألاّ أدّخِر أيَّ جهدٍ في سبيل تعبئة مؤسسات الدّولة وهياكلها ومختلفِ مفاصلها وكذا الجماعات الـمحليّة، من أجل الإسهام في النجاح التام لخطة العمل هذه".

 

    • بدوي وزيرا أول ولعمامرة نائبا له وسلسلة من الإقالات مرتقبة في أعلى هرم الدولة

 

هذا ووقع رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، على مرسومين رئاسيين يتضمنان سحب الأحكام المتعلقة باستدعاء الهيئة الناخبة لانتخاب رئيس الجمهورية وإحداث وظيفة نائب الوزير الأول، حسب ما أفاد به بيان لرئاسة الجمهورية، وجاء في المصدر: "أمضى فخامة عبد العزيز بوتفليقة رئيس الجمهورية هذا الإثنين 4 رجب 1440، الموافق 11 مارس 2019، مرسومين رئاسيين يتضمن  الأول سحب أحكام المرسوم الرئاسي رقم 19-08 المؤرخ في 17 جانفي 2019، الـمتضمن  استدعاء الهيئة الانتخابية لانتخاب رئيس الجمهورية والثاني يتضمن إحداث وظيفة  نائب الوزير الأول.

وعقب ذلك تم تعيين نور الدين بدوي وزيرا أول خلفا للمستقيل أحمد أويحيى وتم تعيين بموجب هذا المرسوم رمطان لعمامرة في منصب نائب للوزير الأول، كما وقع رئيس الجمهورية قرارا رئاسيا أقال من خلاله رئيس الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات عبد الوهاب دربال وكذا أعضاء هذه الهيئة، حسب ما جاء في بيان لرئاسة الجمهورية، وذلك تمهيدا لإجراء تغييرات عميقة وعد بها خلال الفترة القادمة من حكمه.

خولة بوشويشي

 

من نفس القسم الحدث