دولي
تباين في غزة بشأن الحكومة الفلسطينية الجديدة
حماس تنتقد تشكيل حكومة فلسطينية دون توافق وطني
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 11 مارس 2019
• اشتية: مهمة حكومتي استعادة الوحدة والتحضير للانتخابات
• المصري: تشكيل فتح للحكومة يعني أنّ باب المصالحة أغلق حتى إشعار آخر
تباينت آراء الشارع الفلسطيني في قطاع غزة بشأن الحكومة الجديدة، التي سيرأسها عضو اللجنة المركزية لحركة فتح محمد اشتية، والذي سيخلف هو وأعضاء حكومته الجدد حكومة الوفاق الوطني السابقة برئاسة رامي الحمد الله، والمشكّلة بموجب إعلان الشاطئ المبرم بين الفصائل الفلسطينية في أبريل/ نيسان 2014، وآثار الإعلان عن هوية رئيس الوزراء الجديد حالة من الاختلاف في الشارع الغزي بين من رأى فيها أنها شُكلت بعيداً عن حالة التوافق الوطني، وبقرار منفرد، وبين مرحبٍ بها ومطالب إياها ببذل كافة الجهود من أجل التخفيف من حجم المعاناة.
في رصدٍ لآراء الغزيين أجرته "العربي الجديد"، قال المواطن الفلسطيني هاني سعد إن الحكومة الجديدة شكلت بعيداً عن التوافق الفلسطيني وبقرار منفرد من الرئيس محمود عباس، الأمر الذي سيزيد من حالة التعقيد.ويستبعد سعد أن تتمكن هذه الحكومة من إنجاز الوحدة الوطنية وتحقيق المصالحة الداخلية، خصوصاً أن غالبية الفصائل الفلسطينية رفضت خطوة تشكيلها، كونها أتت بطريقة بعيدة عن التوافق الوطني، ولا تمثل إلا فصيلاً واحداً يتمثل في حركة "فتح".أما فادي الدحدوح فرحب في حديثه لـ"العربي الجديد" بخطوة تشكيل حكومة جديدة خلفاً لحكومة الحمد الله، في الوقت الذي تمنى أن تساهم هذه الحكومة في "القيام بسلسلة من الإجراءات والقرارات تساهم في تخفيف المعاناة اليومية التي يعيشها الشارع الغزي بفعل الحصار الإسرائيلي، وتَلاحق الحروب طوال الأعوام الاثني عشر الماضية".
في غضون ذلك، اعتبر المواطن الغزي أحمد أبو عقيلان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن عملية تغيير الحكومات "لن تأتي بجديد إذا لم يرافقها عمل سياسي من الفصائل، من أجل تحقيق الوحدة الوطنية"، مستبعداً أن تنجح هذه الحكومة في هذه المهمة.وطالب المواطن الغزي الحكومة الجديدة بـ"التخفيف من المعاناة الشديدة التي يمر بها المواطنون الغزيون نتيجة للظروف المعيشية والاقتصادية والحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع للعام الثاني عشر على التوالي، وخلق برامج عمل ومحاربة الفقر".
من جهة ثانية، رأى عدد من الفصائل الفلسطينية الأخرى، كـ"الجهاد الإسلامي" والجبهتين الشعبية والديمقراطية، أن تشكيل حكومة جديدة بعيداً عن حالة التوافق الوطني "سيساهم في تعقيد المشهد السياسي ودفعه نحو المزيد من التشرذم".وتأزمت الحالة السياسية كثيراً في الأشهر القليلة الماضية بين حركتي "فتح" و"حماس"، خصوصاً بعد تفجير موكب رئيس الحكومة السابق رامي الحمد الله خلال زيارته لغزة، وما تبعه من "إجراءات عقابية" جديدة كما تصفها حركة "حماس"، كعقاب رواتب ذوي الشهداء والأسرى والجرحى المحسوبين عليها.ويخشى المواطنون في القطاع أن تكون الحكومة الجديدة مقدمة لاتخاذ مزيد من الإجراءات والقرارات التي من شأنها أن تفاقم من حدة الواقع المعيشي والإنساني المتدهور، في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي.
• مهمة صعبة تنتظر اشتية في رئاسة الحكومة الفلسطينية
وبتكليف الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" محمد اشتية، تشكيل الحكومة المقبلة، تنتهي أسابيع من الحراك الفتحاوي الداخلي لإقالة حكومة الوفاق الوطني برئاسة رامي الحمد الله، وتكليف قيادي فتحاوي لرئاسة حكومة جديدة، لتبدأ مرحلة ثانية.
ولم يكن الحراك الذي بدأ منتصف شهر يناير/ كانون الثاني الماضي، لإقالة حكومة الحمد لله وتكليف قيادي فتحاوي، هادئاً، إذ سادت الكثير من الخلافات والنقاشات الحادّة مركزية "فتح" حول اسم رئيس الحكومة المقبل، ما بين لوبي ضاغط يقوده نائب رئيس حركة "فتح" محمود العالول، وعدد من أعضاء المركزية يرون في إشتية الرجل المناسب للمهمة، وما بين تيار آخر كان يريد إعادة تكليف الحمد لله لأسباب مختلفة، منها أن الأخير لا يشكّل منافساً سياسياً في المرحلة المقبلة، واستطاع نسج علاقات جيّدة مع عدد من أعضاء مركزية "فتح"، وتحديداً قادة الأمن السابقين منهم.
ورغم أنّ اشتية، وهو من مواليد عام 1958، لا ينحدر من عائلة كبيرة، وليس محسوباً على محافظة ثقيلة سياسياً واقتصادياً، مثل بعض أعضاء اللجنة المركزية لحركة "فتح"، لكنّ وجوده التنظيمي راسخ في الحركة، وكان الأوفر حظاً بتكليفه تشكيل حكومة فلسطينية، نظراً لما يتمتّع به من كفاءة على الصعيد السياسي والاقتصادي والدولي، حسب ما ترى قيادات فتحاوية.
• اشتية: مهمة حكومتي استعادة الوحدة والتحضير للانتخابات
ويشغل اشتية حالياً منصب رئيس "المجلس الاقتصادي الفلسطيني للتنمية والإعمار" (بكدار)، وكان شغل منصب وزير الأشغال العامة والإسكان. انتخب عضواً للجنة المركزية لحركة "فتح" عامي 2009 و2016.ولعل أهم ما يشغله اشتية حالياً هو منصب المفوض المالي لحركة "فتح"، وذلك منذ المؤتمر السادس للحركة عام 2009. أي إنه لا يتم صرف أي مبلغ مالي في إطار الحركة من انتخابات أو مصاريف أقاليم وغيره، إلا بموافقته.
• حماس تنتقد تشكيل حكومة فلسطينية دون توافق وطني
ويعتبر اشتية أول مسؤول فلسطيني وعضواً في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية يقدّم استقالته، إذ شارك في مفاوضات التسعة شهور التي كانت برعاية وزير الخارجية الأميركي الأسبق جون كيري، وكانت بدأت عام 2013، لكنها سرعان ما انهارت في ربيع 2014، بعد تراجع حكومة الاحتلال الإسرائيلي عن إطلاق سراح الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين المعتقلين قبل اتفاق أوسلو، رغم أن الاتفاق غير المكتوب كان بضمانات ورعاية كيري.
ويقدر المحلّلون والمراقبون أنّ مهمة اشتية ستكون شائكة وبالغة الصعوبة، خصوصاً أنه تم تكليفه في ظلّ أزمة اقتصادية ومالية تعصف بالسلطة الفلسطينية، التي قررت عدم تسلّم جميع أموال عائدات الضرائب التي تجمعها حكومة الاحتلال بموجب اتفاق "باريس الاقتصادي"، بعد قيام الأخيرة بقرصنة ملايين الدولارات بذريعة أنها تذهب مخصصات لأسر الشهداء والأسرى والجرحى. وهو الأمر الذي وضع السلطة الفلسطينية في مأزق مالي انعكس بالتأخّر نحو أسبوعين في صرف رواتب شهر فبراير/ شباط الماضي، فضلاً عن صرف 50 في المائة من رواتب الموظفين الحكوميين، واتخاذ تدابير مالية تقشفية.
وإلى جانب الأزمة المالية والاقتصادية التي لا يبدو أنّ هناك حلاً قريباً لها، يواجه اشتية ملفات سياسية خارجية وداخلية، وأبرزها ملف المصالحة.
• المصري: تشكيل فتح للحكومة يعني أنّ باب المصالحة أغلق حتى إشعار آخر
وفي هذا السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "تشكيل فتح للحكومة يعني أنّ باب المصالحة أغلق حتى إشعار آخر". وأضاف: "حالياً هناك أعباء ضخمة على حركة فتح، على المستويات كلها؛ سياسية واقتصادية ومالية، فضلاً عن أزمة الصراع المحتدمة مع الولايات المتحدة الأميركية، والمعرّضة للتفاقم أكثر، في حال عرضت الإدارة الأميركية ما تسمى صفقة القرن، وهذا عبء كبير ستتحمله فتح لوحدها تقريباً في ظلّ مقاطعة عدد من فصائل منظمة التحرير للحكومة المقبلة". أما الأمر الآخر بحسب المصري، فهو أنّ "المجتمع الدولي لا يفضل حكومة فصائلية، وإنما حكومة مستقلين".
ولعل أبرز الأزمات التي تنتظر حكومة اشتية، كما يرى المصري، تتمثّل "بأنّ هذه الحكومة ستؤجّج معركة خلافة محمود عباس، وتجعل رئيس الحكومة الفتحاوي يؤدي دوراً في هذه المعركة المقبلة"، قائلاً: "أهمية هذه الحكومة إذا استمرت لوقت طويل، هي في أنها ستؤدي دوراً في الخلافة، وهذا سيذكّي التنافس داخل فتح والسلطة، ولا سيما أنّ هذه الحكومة ستتحوّل إلى مركز ثقل، وهذا ما يعطي أهمية لها في هذا الوقت".