الحدث

دعوات العصيان المدني تسقط في الماء مقابل استجابة كبيرة للإضراب العام

الجزائريون يضربون مثلا آخر في الوعي ويؤكدون أن الحراك جاء للإصلاح وليس الهدم

سقطت، الدعوات المجهولة التي روجت لعصيان مدني في الجزائر في الماء، حيث عاش الجزائريون، أمس، يوما عاديا والتحق أغلب المواطنين بمناصب عملهم وشهدت الطرقات حركية عادية كبداية كل أسبوع، بالمقابل فقد عرفت أغلب ولايات الوطن استجابة متفاوتة للإضراب العام الذي أطلقت الدعوات بشأنه طيلة الأسبوع الماضي، بالموازاة مع دعوات العصيان المدني، ففي وقت أوصد عدد من التجار محلاتهم خوفا من أي تداعيات وأغلقت بعض المؤسسات أبوابها، باشر تجار آخرون عملهم بشكل عادي وفتحوا محلاتهم طيلة اليوم تحت شعار "الشعب ليس ضد الدولة"، ما مكن الجزائريين من التزود بما يحتاجونه من منتجات استهلاكية بصفة عادية.

 

    • الجزائريون لم يلبوا دعوات العصيان المدني

 

ولم يستجب الجزائريون، أمس، لدعوات العصيان المدني التي روجت لها بعض الأطراف في الفترة الأخيرة، والتي لم تفرق أصلا بين العصيان المدني كاحتجاج يقوم على قطع الصلة بكل ما له علاقة بالدولة، وبين الإضراب العام الذي يشمل العمال والتجار والناقلين سواء في القطاع الخاص وحتى القطاع العمومي، حيث لم يتحرك الجزائريون لتلبية دعوات العصيان المدني، خاصة أن الاحتجاجات والحراك الشعبي الحالي هو ضد النظام القائم ويطالب بتغييره وليس ضد الدولة التي تبقى لكل الجزائريين، وهو ما جعل أمس يوما عاديا حيث التحق أغلب المواطنين بمناصب عملهم واستمرت أغلب المؤسسات العمومية وحتى الخاصة في العمل وتقديم خدماتها، كما عرفت المطارات والموانئ، عدا ميناء بجاية، سيرورة عمل عادية، شأنها شأن البلديات والدوائر ومصالح الولاية، وكذا جل الوزارات والهيئات العمومية التي التحق عمالها بشكل عادي وباشروا عملهم دون أي انقطاع، وعرفت أسواق الجملة عملا عاديا.

 

    • استجابة متفاوتة للإضراب في أوساط التجار

 

بالمقابل، فإن الاستجابة للإضراب العام الذي تم الترويج له في أوساط التجار على وجه الخصوص وكذا عمال القطاع الخاص وحتى العام، عرف نسب استجابة متفاوتة بين كل ولاية وأخرى، ففي الوقت الذي شهدت عدد من الولايات استجابة واسعة على غرار تيبازة وتيزي وزو وبومرداس وبجاية، عرفت ولايات أخرى نشاطا تجاريا عاديا، وبالعاصمة على سبيل المثال أقدم عدد من التجار عبر بعض البلديات على غلق محلاتهم طيلة الفترة الصباحية، على غرار بلديات الجزائر الوسطى والأبيار وبئر مراد رايس التي بقيت فيها حوالي 70 بالمائة من المحلات مغلقة، في حين عرفت بلديات أخرى نشاطا تجاريا عاديا على غرار جسر قسنطينة، زرالدة وبرج الكيفان وكذا برج البحري حيث فتحت أغلب المحلات أبوابها بشكل عادي، منها محلات بيع المواد الغذائية، محلات الكوسميتيك والمقاهي والمخابز وأسواق بيع الخضر والفواكه.

وواصل التجار تموين المواطنين بما يحتاجونه، في حين اقتصر الإضراب في بلديات أخرى على المحلات ذات النشاطات التجارية الأقل مبيعا خاصة في الفترة الحالية، على غرار بلدية الحميز التي اقتصر الإضراب فيها على محلات بيع الأجهزة الكهرومنزلية، وكذا بلدية المحمدية حيث أغلق تجار بيع مواد السيراميك محلاتهم، في حين واصل باقي التجار على غرار تجار المواد الغذائية ومحلات الفاست فود عملهم بشكل عادي.

 

    • أغلب التجار المضربين تلقوا تهديدات!

 

وحسب ما أكده التجار المضربون وحتى أولئك الذين فتحوا محلاتهم، فإن الاستجابة لهذا الإضراب من طرف البعض جاء بسبب مخاوف من أي خسائر قد تطال التجار إن لم يستجيبوا للإضراب، خاصة على مستوى العاصمة، حيث تزامن الإضراب مع احتجاجات عارمة وواسعة للأساتذة والطلبة وتلاميذ الثانويات التي جابت عدد من بلديات العاصمة، وهو ما أجبر التجار على غلق محلاتهم خوفا من أي فوضى قد تلحق بهم خسائر، وهو ما يفسر التباين في الاستجابة للإضراب بين بلديات العاصمة، حيث فتحت المحلات في البلديات التي لم تصلها مسيرات الطلبة والتلاميذ بشكل عادي.

هذا وقد عبر بعض التجار عن استغرابهم من تلبية البعض لدعوات الإضراب، معتبرين أن غلق المحلات التجارية لن يضر النظام في شيء وإنما يضر المواطن الذي لم يجد أين يتزود بالمنتجات الأساسية. 

وخير دليل على ذلك ما شهدته الأسواق من مضاربة وارتفاع في الأسعار بمجرد تداول هذه الدعوات التي جعلت الجزائريين يسارعون لتخزين المؤونة.

من جانب آخر، تحدث تجار آخرين في عدد من الولايات منها البويرة عن تلقيهم لتهديدات من طرف الشباب وبعض الأطراف بسبب فتحهم محلاتهم بشكل عادي خلال الصبيحة، وهو ما أجبرهم على الاستجابة للإضراب وغلق محلاتهم فيما بعد، وهو نفس ما أكدته الجمعية الوطنية للتجار والحرفيين على لسان رئيسها طاهر بولنوار.

 

    • يوم عادي على مستوى المؤسسات العمومية والخاصة

 

من جانب آخر، فقد شهدت المؤسسات العمومية والخاصة استجابة ضئيلة للإضراب، حيث فتحت أغلب المؤسسات أبوابها بشكل عادي، في حين اضطرت مؤسسات أخرى في عدد من الولايات التي شهدت استجابة للإضراب، على غرار ولاية تيبازة، حيث أغلقت مديرية الثقافة والوكالة الوطنية لدعم تشغيل الشباب وموبيليس والصندوق الوطني للأجراء وغير الأجراء أبوابها، في حين اقتصر إضراب المؤسسات بالعاصمة على عمال الشركة الوطنية للسيارات الصناعية بالمنطقة الصناعية بالرويبة وبعض المدارس التي شهدت هروبا جماعيا للتلاميذ من مقاعد الدراسة والتحاقهم بالمسيرات السلمية. من جانب آخر، عرف ميناء بجاية، أمس، شللا تاما بسبب تلبية العمال لدعوة الإضراب العام.

 

    • شلل في وسائل النقل والجزائريون يعانون...!

 

بالمقابل، عرفت جل وسائل النقل، أمس، شلالا تاما بسبب المسيرات التي عرفتها عدد من الولايات والتي نظمها تلاميذ الثانويات. ففي العاصمة توقفت خدمات القطار وعرفت شللا كليا خوفا من أي فوضى قد تحدث، كما توقف العمل أيضا بالنسبة للميترو والترامواي اللذين بقيا خارج الخدمة طيلة أمس، في حين غابت حافلات إيتوزا العمومية عن المحطات، ولم يتمكن الناقلون الخواص بدورهم من مباشرة عملهم بسبب الاكتظاظ الرهيب الذي شهدته الطرقات في أغلب الولايات التي سجلت بها مسيرات، وهو ما خلق معاناة كبيرة للمواطنين الذين بقوا لساعات في محطات النقل للظفر بحافلة نقل، في حين استعان آخرون بعربات التاكسي والكلونديستان للتنقل إلى مقرات عملهم صباحا والعودة إلى بيوتهم في الفترة المسائية.

من نفس القسم الحدث