الحدث

التزامات غير مسبوقة من بوتفليقة للجزائريين

أمام استمرار الحراك وعدم وجود مؤشرات عن توقفه

أمام وجود نداءات متتالية للعصيان المدني وإضرابات وطنية شاملة كرد فعل على استمرار رفض السلطة التعامل مع مطالب الشعب في عدول الرئيس بوتفليقة عن الترشح لعهدة انتخابية جديدة، جاءت رسالة التعهد من بوتفليقة للجزائريين التزم فيها بإجراء انتخابات رئاسية مسبقة دون تحديد موعد إجراء ذلك، حيث ربطها بما ستسفر عنه ندوة الحوار الوطني، وفيما يشبه عربون العهدة الخامسة التي يطمح إليها رغم الحراك الشعبي الرافض لترشحه وعد الجزائريين بتحقيق 6 التزامات خلال الأشهر القليلة القادمة، أبرزها تغيير النظام، اجراء انتخابات مسبقة، تعديل الدستور، عقد ندوة وطنية، رفض الترشح للانتخابات المسبقة، توزيع عادل للثروة، مراجعة قانون الانتخابات، مع التركيز على إنشاء آلية مستقلة تتولى دون سواها تنظيم الانتخابات.

تعهد عبد العزيز بوتفليقة للجزائريين عبر رسالة لمدير حملته الانتخابية عبد الغني زعلان الذي ناب عنه أمس في إيداع ملف ترشحه للاقتراع المرتقب في أفريل الداخل، بإجراء انتخابات رئاسية مسبقة بعد ندوة الحوار الوطني، دون الترشح فيها، وتضمنت الرسالة أول رد من بوتفليقة على الحراك الشعبي الرافض لترشحه للعهدة الخامسة، حيث وقال: إنني لمصمم، بحول الله تعالى، إن حباني الشعب الجزائري بثقته فيَ مجددا، على الاضطلاع بالمسؤولية التاريخية بأن ألبي مطلبه الأساسي، أي تغيير النظام"، وتعهد الرئيس في رسالته بالقيام بـ 6 التزامات مباشرة بعد فوزه بكرسي الرئاسة من جديد، تتعلق بإجراء ندوة وطنية شاملة جامعة ومستقلة لمناقشة وإعداد واعتماد إصلاحات سياسية ومؤسساتية واقتصادية واجتماعية من شأنها إرساء أسيسة النظام الجديد الإصلاحيّ للدّولة الوطنية الجزائرية، المنسجم كل الانسجام مع تطلعات شعبنا، مباشرة بعد الرئاسيات المرتقبة الشهر الداخل، تليها انتخابات رئاسية مسبقة طبقا لأجندة التي تعتمدها الندوة الوطنية، وتعهد في هذا الخصوص بعدم الترشح لهذا الموعد ما من شأن هذه الانتخابات أن تضمن استخلافه في ظروف هادئة وفي جو من الحرية والشفافية، على أن تحدد الندوة الوطنية هذه تاريخ الانتخابات الرئاسية المسبقة.

وركز في وعوده الستة على مسألة تعديل جديد لوثيقة البلاد الأولى والتي عرفت تغييرات عديدة في فترة حكمه حيث قال في هذا الخصوص بأن إعداد دستور جديد هذه المرة سيكون بتزكية من الشعب الجزائري وعن طريق استفتاء شعبي يكرس من خلاله هؤلاء ميلاد "جمهورية جديدة" ونظام جزائري جديد حسب تعبيره.

وضمن نفس الوعود التزم بوضع سياسات عمومية عاجلة كفيلة بإعادة التوزيع العادل للثروات الوطنية، وبالقضاء على كافة أوجه التهميش والاقصاء الاجتماعيين، ومنها ظاهرة الحرقة، بالإضافة إلى تعبئة وطنية فعلية ضد جميع أشكال الرشوة والفساد، وكذا اتخاذ إجراءات فورية وفعالة ليصبح كل فرد من شبابنا فاعلا أساسيا ومستفيدا ذا أولوية في الحياة العامة، على جميع المستويات، وفي كل فضاءات لتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وأخيرا مراجعة قانون الانتخابات، مع التركيز على إنشاء آلية مستقلة تتولى دون سواها تنظيم الانتخابات، هي نفس المطالب التي تطالب بها قوى المعارضة منذ فترة وافردت جلسات حوار ونقاش عديد حولها دون تحقيق نتائج على أرض الواقع لا من طرفها ولا من طرف النظام القائم.

ولم ينسى رئيس الدولة في رسالته تسليط الضوء على الحراك الذي عرفه الشارع الجزائري حول مسألة ترشحه لانتخابات جديدة والتي قوبلت بالرفض من قبل العديد منهم، وقال مخاطبا هؤلاء: "أوّد بادئ ذي بدء أن أحيي التحضر الذي طبع المسيرات الشعبية الأخيرة، كما لا يفوتني التنويه بالتعامل المهني المثالي والراقي الذي تحلت به مختلف أسلاك الأمن، وأنوه بموقف مواطنينا الذين فضّلوا التعبير عن رأيهم يوم الاقتراع عن طريق الصندوق، ولا يفوتني بهذه المناسبة أن أحيّي أيضا الجيش الوطني الشعبي على التعبئة في شتى الظروف للاضطلاع بمهامه الدستورية".

وأضاف: " وأؤكد لكم أنني كلّي آذان صاغية لكل الآراء الذي ينضح بها مجتمعنا، وأعاهدكم ها هنا أنني لن أترك أي قوة سياسية، كانت أم اقتصادية، لكي تحيد بمصير وثروات البلاد عن مسارها لصالح فئة معينة أو مجموعات خفية"، مشيرا إلى: " لقد نمت إلى مسامعي، وكلي اهتمام، آهات المتظاهرين، ولا سيما تلك النابعة عن آلاف الشباب الذين خاطبوني في شأن مصير وطننا، غالبيتهم في عمر تطبعه الأنفة والسخاء اللذان دفعاني وأنا في عمرهم إلى الالتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني المجيد، أولئك شباب عبّروا عن قلقهم المشروع والمفهوم تجاه الريبة والشكوك التي حرّكتهم".

وتابع: " وإنه لمن واجبي، بل وإنّها لنيتي، طمأنه قلوب ونفسيات أبناء بلدي، وإنني إذا أفعل ذلك اليوم، أفعله كمجاهد مخلص لأرواح شهدائنا الأبرار وللعهد الذي قطعناه أنا وكل رفقائي الأخيار في الملحمة التحريرية، والذين لا يزالون اليوم على قيد الحياة، بل وأقوم به أيضا كرئيس للجمهورية يقدس الإرادة الشعبية التي قلّدتني مسؤولية القاضي الأول بالبلاد، بل وأيضا، وعن قناعة، بصفتي كمرشّح للانتخابات الرئاسية المقبلة".

في هذا السياق، أعرب رئيس الدولة عن تصميمه، في حال جدد فيه الشعب الجزائري الثقة مجددا، "على الاضطلاع بالمسؤولية التاريخية بأن ألبي مطلبه الأساسي، أي تغيير النظام".

خولة بوشويشي

 

من نفس القسم الحدث