دولي
غزة في "بازار" الانتخابات الإسرائيلية: تصاعد الضغط والتحريض
يترافق الضغط الذي يمارسه الاحتلال على القطاع مع أزمة مالية حكومية خانقة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 30 جانفي 2019
يتزايد ضغط الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة مع تهديدات مستمرة بالتصعيد العسكري ومزيد من الحصار المطبق، في ظل أزمات معيشية تزداد قسوتها، بالتزامن مع حمى الانتخابات المبكرة في إسرائيل المقررة في إبريل/نيسان المقبل، وما يرافقها عادة من تصعيد لكسب أصوات الناخبين.
عاد الحصار على غزة إلى المربع الأول وبات أشد من ذي قبل. كما تتزايد معاناة مليوني فلسطيني، ما يضغط على الفصائل في القطاع المحاصر، خصوصاً حركة "حماس" التي تدير المشهد الحكومي والسياسي فيه. وعلى الرغم من محاولات جرّ "حماس" إلى تصعيد واسع من قبل الاحتلال إلا أنها لا ترغب في ذلك وتركز على الجبهة الداخلية ومحاولة تأمين ما يمكن أن يخفف من الأزمات الإنسانية القاسية.
وتمتلك الفصائل في غزة ورقة مسيرات العودة وكسر الحصار، وهي الورقة التي أحدثت حراكاً لافتاً في الأشهر الأخيرة، لكن التفاهمات التي نتجت من هذا الحراك يبدو وكأنها كانت مؤقتة في ظل كثير من المعطيات عن التراجع الإسرائيلي عن الاتفاقات السابقة. ولا يستبعد أن تلجأ الهيئة الناظمة لعمل مسيرات العودة، في وقت قريب، إلى تفعيل "أدوات الضغط" في الفعاليات، بما في ذلك إعادة العمل بخيار البالونات الطائرة والحارقة، وحرق الكاوتشوك، وقص السياج الحدودي.
وبعدما وضعت إسرائيل شروطاً على المنحة القطرية لموظفي حكومة غزة السابقة من المدنيين، رفضت "حماس" قبول هذا "الابتزاز"، وعلى الأثر حولت دولة قطر المنحة إلى الأمم المتحدة للقيام بمشاريع تشغيل مؤقت للغزيين، بقيمة تصل إلى 20 مليون دولار.
ويترافق الضغط الذي يمارسه الاحتلال على القطاع مع أزمة مالية حكومية خانقة، ربما تكون الأصعب منذ وصول "حماس" للحكم وسيطرتها على القطاع. وتشكو "حماس" من "تجفيف" منابع تمويلها، وضغط متزايد على المتبرعين لها.
ويحاول الإسرائيليون أيضاً فرض وقائع جديدة على الأرض، تتآكل فيها تفاهمات الهدوء على الحدود، التي أبرمها المصريون والقطريون بإسناد من الأمم المتحدة، وهو مؤشر على تعجيل المواجهة المقبلة، أو حتى التصعيد المدروس والمحدود بين الطرفين.
وتشعر حركة "حماس" ومعها الفصائل الأخرى المرتبطة في مسيرات العودة، بأنّ ما يجري حالياً هو "ابتزاز" إسرائيلي وضغط متزايد تزامن ذلك مع "شبه" انقطاع للاتصالات بين "حماس" والمخابرات المصرية، في ظل إغلاق القاهرة معبر رفح للأسبوع الثالث في وجه المغادرين من غزة.
ويعتقد الخبير في الشأن الإسرائيلي، حاتم أبو زايدة، أنّ الوضع في غزة يتجه نحو التصعيد بعد أن ضاقت السبل على الفلسطينيين وأصبح القطاع جزءاً من الدعاية الانتخابية والمزايدات بين الأحزاب الإسرائيلية، وأُدخلت المقاومة والقضية الفلسطينية في هذا الأمر.
وأشار أبو زايدة، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّه في ظل أجواء المزايدات من الممكن أن تتصاعد الأمور خصوصاً في الأسابيع المقبلة قبل الانتخابات. وأوضح أنه إذا كان هناك نوع من التصعيد على السياج الحدودي فإن المقاومة سوف ترد، ومن باب المزايدات قد يقوم جيش الاحتلال بتصعيد الموقف.
ولا يوجد أي مصلحة، ولا يرغب أي طرف في المواجهة الشاملة. فالمقاومة لاعتبارات داخلية وإقليمية لا تريد هذه المواجهة، والطرف الإسرائيلي لا يرغب في حرب شاملة قد تستمر لأسابيع، يعرف تماماً كيف تبدأ ولكنه لن يعرف كيف تتدحرج الأمور وكيف ستنتهي، وفق أبو زايدة.
وأوضح أبو زايدة أنّ الأوضاع في غزة بعد زيادة وطأة الحصار، والتلاعب الإسرائيلي بالمنحة القطرية، والضغوط التي تضاعفت، والمزايدات في الوضع الإسرائيلي قد تجلب تصعيداً، وقد يكون محدوداً، لكن لا أحد يعرف هل سيتطور أم لا.
وبالنسبة لأبو زايدة، فإنه يوجد استعجال من اليمين الإسرائيلي لما يسمى بخطة "صفقة القرن" والتي تضمن ضرب غزة وتطويع مقاومتها. وبحسب أو زايدة "فاليمين يعرف أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد لا يتم انتخابه لمرة ثانية، ويحاول ابتزاز الإدارة الأميركية الأكثر تطرفا وقرباً لإسرائيل، لانتزاع إنجازات على حساب الشعب الفلسطيني".
أما فصائل المقاومة، وفق أبو زايدة، فتحاول أن تركز على الجبهة الداخلية وعدم الدخول بمعركة مفتوحة مع الاحتلال. ولفت إلى أنه من خلال المسيرات والضغط على الاحتلال الإسرائيلي، تحاول فصائل المقاومة إبعاد شبح الحرب الواسعة لأطول فترة وإلى حين تغير الظروف الإقليمية.