دولي

إعادة تشكيل الحكومة.. إصرار فتحاوي على التفرد

استثناء "حماس" و"الجهاد الإسلامي" من المشاورات

تزايدت التصريحات والأخبار الصادرة من عدد من قيادات السلطة أن رئيس السلطة محمود عباس بصدد تشكيل حكومة جديدة تهدف لفض الشراكة مع حركة حماس فيما يتعلق بالحكومة مبدئيًّا، وتصر حركة فتح ممثلة برئيس السلطة على الاستمرار في نهج التفرد والهيمنة على السلطة والسيطرة على كل المؤسسات الفلسطينية.

على الرغم من أن حكومة الحمد الله تنفذ أوامر السلطة ولم تعد حكومة توافق، إلا أنها تسعى لتشكيل حكومة فتحاوية جديدة تغيّب الفصائل الفلسطينية المؤثرة، وتأتي هذه الخطوة -حسب محللين- في سياق فتح المجال لإرضاء عدد من القيادات الفتحاوية في الضفة الغربية، الذين بدؤوا بالتذمر من سياسة بعض المتنفذين في العمل الحكومي.

الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا رأى أن تشكيل الحكومة الجديدة يأتي في سياق ضغوط فتحاوية داخلية بسبب الانتقادات الكثيرة لحكومة الحمد الله، خاصة في أعقاب ما يعرف بقانون الضمان الاجتماعي وتصريحات بعض الوزراء بمن فيهم وزير الحكم المحلي حسين الأعرج، وتغيير بعض الوجوه التي تتصدر العمل الحكومي.

وأوضح القرا في تصريح له أن هذه الخطوة هي امتداد لأطروحات سابقة قبل حوالي عام عن حكومة الحمد الله ومدى القيام بدورها فيما يتعلق بالكثير من القضايا، وأشار إلى ان عباس لا يعد أن هناك أي شريك سواء كانت الفصائل أو غيرها فيما يتعلق بإعادة تشكيل الحكومة الموجودة، ويرى أنها شأن داخلي فتحاوي باعتبار أن الحكومة تمثل حركة فتح، وإن لم يعلن عن ذلك، وفق قوله.

وحول انعكاسات تشكيل حكومة جديدة على الحالة الوطنية، أشار إلى أنها تتعلق بزيادة الشرخ الداخلي الفلسطيني فيما يتعلق بالمصالحة، وبيّن أن هذا هو التغيير الثالث على الحكومة بهذه الطريقة وهذا الشكل، سواء كان بإضافة وزراء أو استبعادهم، مستدركاً أنها تبقى ضمن السياسة العامة التي يتبعها عباس بأن يبقى يتعامل بعدم وجود شركاء في الساحة الفلسطينية.

من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل: إن تشكيل عباس حكومةً جديدة في سياق واقع الانقسام القائم لا يخدم المصالحة؛ بل يعمق الشرخ القائم.

وأوضح أن أي خطوة دون توافق وطني ستعني استمرار الانقسام الفلسطيني الداخلي وتعميقه، وستجر ردود فعل لا تحمد عقباها، وحول تأثير تشكيل الحكومة الجديدة مع دعوة موسكو لـ10 فصائل فلسطينية لأراضيها، قال عوكل: "قبل أن تتحقق عملية التوافق الوطني سيكون لتشكيل هذه الحكومة آثار سلبية"، وأشار إلى أنه في حال جاءت الحكومة الجديدة بتوافق وطني أو دونه، فيجب أن تأتي برؤية جديدة وبرنامج سياسي جديد واستراتيجية جديدة، وما دون ذلك عبارة عن تغيير إداري ستكون له أبعاد سياسية سلبية في الوضع الداخلي الفلسطيني.

بدوره عدّ الكاتب والمحلل السياسي وسام أبو شمالة هذه الخطوة استكمالاً للإجراءات الأحادية التي يتخذها أبو مازن وفريقه منذ مدّة طويلة، وأوضح أبو شمالة أن هناك رغبة كبيرة داخل حركة فتح بالسيطرة الكاملة على المشهد الفلسطيني، حيث هناك خشية من المتنفذين حول عباس على الحالة الصحية المتدهورة لأبو مازن على جميع المستويات والأصعدة.

وأشار إلى أنه لم يبق من "حكومة الوفاق" سوى اسمها، ولم تبقَ حكومة وفاق، بعدما أضاف أبو مازن عدة وزراء عام 2014 دون أي توافق؛ إجراءً أحاديًّا، وفق قوله، ولفت إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياق استكمال مشهد الفصل الكامل بين الضفة الغربية وقطاع غزة، مشددًا على أن التفرد الفتحاوي ارتبط بالرجل الواحد والفريق المعدود الذين يتحكمون بالمشهد الفلسطيني.وأكد أن الحالة الوطنية الفلسطينية تتسم بالتغير المستمر، منبهاً إلى أن هذه الحالة لن تستمر طويلاً، والمشهد الوطني متغير على الدوام، ولا يمكن أن تكون هناك مقدرة لهذا الفريق بالتحكم في الحالة الفلسطينية دائمًا، حسب حديثه.

وأوضح أن الحراك الموجود في الضفة الغربية أثر بوضوح على الوضع الداخلي في الضفة، سواء كان في البعد العسكري المقاوم، أو البعد الاجتماعي المتمثل بحراك الضمان الاجتماعي.

 

    • استثناء "حماس" و"الجهاد الإسلامي" من المشاورات

 

إلى ذلك أعلنت حكومة التوافق الوطني الفلسطينية، التي يرأسها الدكتور رامي الحمد لله أنها تضع نفسها تحت تصرف الرئيس محمود عباس، فيما أكد ماجد الفتياني أمين سر المجلس الثوري لحركة "فتح"، وعضو اللجنة المشكلة للحوار مع فصائل منظمة "التحرير" والشخصيات الوطنية لتشكيل حكومة فصائلية، أن اللجنة قد باشرت عملها رسميا منذ أمس أول، وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة يوسف المحمود، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" إن "رئيس الوزراء رامي الحمد الله يضع حكومته تحت تصرف الرئيس محمود عباس". وهذا الإعلان عادة ما يأتي قبل تقديم استقالة الحكومة للإفساح في المجال لتشكيل حكومة جديدة.

ونقل المتحدث الرسمي ترحيب رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة بتوصيات اللجنة المركزية لحركة "فتح"، القاضية بتشكيل حكومة جديدة.

من جهته، أكد ماجد الفتياني عضو اللجنة المشكلة للحوار مع فصائل منظمة "التحرير" لـ"العربي الجديد"، إن "هذه حكومة فصائلية سياسية ومن حق حركة "فتح" أن تقول بأننا نريد أن نقود هذه الحكومة في هذه المرحلة، لكوننا الفصيل الأكبر في منظمة التحرير، وهذا يعود للرئيس محمود عباس الذي سيسمي رئيس الحكومة القادمة".

وحول السقف الزمني لعمل اللجنة، قال: "نعم بالتأكيد هذه المشاورات ليست مفتوحة، ومن المفروض أن تقدم اللجنة تقريرها للرئيس محمود عباس خلال أسبوع، من أجل اتخاذ الإجراءات التي يراها مناسبة لتسمية رئيس الحكومة القادم الذي سيتولى هذه المهمة، والتوافق مع فصائل منظمة التحرير على شكل هذه الحكومة".

وأكد أنه "لن تكون هناك مشاورات مع حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، لأن حركة "حماس" هي من أوصل حكومة التوافق الوطني إلى هذه النهايات، عبر تعطيل عملها ووأد جهودها لإنهاء الانقسام، ورفضت تطبيق الآليات التي تم التوافق عليها في أكتوبر 2017، التي كانت تهدف إلى تطبيق كل التفاهمات والاتفاقيات السابقة المتعلقة بإنهاء الانقسام، والوصول إلى الانتخابات".

وأوضح أن "مهمة هذه الحكومة ستكون تنفيذ برنامج منظمة التحرير الفلسطيني لحماية مشروعنا الوطني، ومعالجة الأوضاع الداخلية، والتصدي للتحديات التي تتمثل في برامج حكومة الاحتلال الصهيوني التي اعتمدتها الإدارة الأميركية لشطب المشروع الوطني الفلسطيني، وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس".

 

    • فصائل ترفض المشاركة في الحكومة

 

إلى ذلك، أعلنت ثلاثة فصائل في منظمة التحرير الفلسطينية، رفضها المشاركة في الحكومة الفلسطينية الجديدة، وقال قيس عبد الكريم، نائب الأمين العام لـ"الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين"، في حديث لـ"الأناضول"، إنّ فصيله لن يكون في أي حكومة "خارج التوافق الوطني الفلسطيني".

وكان عبد الكريم قد أوضح لـ"العربي الجديد"، "سمعنا من الإعلام أن الهدف من المشاورات هو تشكيل حكومة سياسية من فصائل منظمة التحرير، ونحن برأينا أن المسألة الأكثر إلحاحاً على جدول الأعمال هي إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني بأسرع وقت ممكن"، ورأى عبد الكريم أن "إجراء هذه الانتخابات يتطلب حواراً وطنياً تشارك فيه جميع القوى والفصائل الفلسطينية، من أجل تحديد شروط العملية الانتخابية".

بدورها رفضت "الجبهة الشعبية" على لسان القيادي عمر شحادة المشاركة في أي حكومة فلسطينية تحت مظلة أوسلو، حسب ما صرح شحادة لـ"العربي الجديد".

ويعاقب الرئيس عباس الجبهتين بقطع مخصصاتهم المالية من الصندوق القومي الفلسطيني، منذ نحو عشرة شهور لـ"الجبهة الشعبية"، وسبعة شهور لـ"الجبهة الديمقراطية"، عقاباً على مقاطعة الأولى للمجلس الوطني والثانية للمجلس المركزي، و"مواقفهم السياسية" حسب تعبير الجبهتين.

من جانبه، أكد سامر عنبتاوي القيادي في حزب "المبادرة الوطنية"، أنّ حركته لن تشارك في أي حكومة فلسطينية دون توافق وطني شامل، وقال لـ"الأناضول" إنّ "أي حكومة قبل التوافق الوطني، من شأنها تعزيز الانقسام".

من نفس القسم دولي