الوطن

قطاع الصحة يبقى في غرفة الانعاش في 2018

أمراض القرون الوسطى تعود والاطباء المقيمون يخرجون إلى الشارع

لم يختلف وضع قطاع الصحة في الجزائر في عام 2018، فقد تواصلت مشاكله من احتجاجات الاطباء المقيمين إلى عودة امراض القرون الوسطى كالبوحمران والكوليرا ولسعة العقارب، في وقت تكتفي الوصاية بالخطابات الرنانة التي يبدو أنها موجهة إلى شعب لا يسكن في الجزائر، حيث تتغنى في كل مرة بالانجازات في حين أن الجزائري البسيط صار محروما حتى من ابسط أبجديات العاج بسبب ندرة الادوية وضعف خدمات المستشفيات وافتقارها إلى أبسط وسائل التطبيب.

ولم يعرف قطاع الصحة الذي دخل منذ سنوات مرحلة الإنعاش مرحلة صعبة كتلك التي يعيشها اليوم في عهد الوزير مختار حسبلاوي الذي لم يقدم أي جديد أنما زادت في بعض الحالات تصريحاته غير المدروسة والاستفزازية من غضب المواطنين.

 

غضب الأطباء المقيمين

 

استمرت في 2018 احتجاجات الأطباء المقيمين المطالبين بتحسين ظروف تكوينهم والتي لم تتوقف إلا مع بداية فصل الصيف بعد أن اظهرت الحكومة تشبثا بمطالبها واستعملت مختلف الأساليب الردعية لوقف هذه الحركة الاحتجاجية، فقد تمسكت حكومة الوزير الأول احمد أويحيى برايها الرافض لإلغاء الخدمة المدنية وتحسين ظروف تكوين هؤلاء الطلبة الاطباء.

ولقيت احتجاجات الاطباء المقيمين صدى وطنيا ودوليا بعد منع مسيراتهم في مرات عدة من طرف قوات مكافحة الشغب وتعرض بعضهم للضرب.

ورغم مرور شهور  على وقف هذه الحركة الاحتجاجية  تبقى مرشحة للاستئناف بالنظر استمرار المشاكل ذاتها التي تعود إلى عام 2012 عندما أخمدت الحكومة المسيرة الكبيرة للاطباء بجملة من الوعود يبقى بعضها إلى اليوم لم يلق طريقه إلى التجسيد.  

وبعد أيام من وقف الإضراب في جوان الماضي، وعد وزير الصحة والسكان واصلاح المستشفيات مختار حسبلاوي أن الحكومة تعمل على دراسة مطالب  الاطباء المقيمين الذين أوقفوا الإضراب و اجروا الدورة الاستدراكية الخاصة بامتحانات نهاية التخصص.

وتتعلق مطالب الاطباء المقيمين أساسا ب"إلغاء إلزامية الخدمة المدنية و استبداله بنظام تغطية صحية اخر لصالح المريض و الرقي الاجتماعي و المهني للطبيب المختص و الحق في الاعفاء من الخدمة العسكرية والحق في تكوين نوعي و مراجعة القانون الاساسي العام للطبيب المقيم والحق في الخدمات الاجتماعية".

 

البوحمرون يعود

 

خاضت وزارة الصحة في 2018 سباقا ضد الساعة لوقف عدوى مرض البوحمرون الذي انتشر في عدة ولايات بالجزائر، فبالرغم من أن الحالات الكبرى سجلت في فصل الربيع خاصة بولايتي الوادي، إلا أن الامر استمر حتى في الأيام الماضية بولايتي الشلف والمدية، ما يعني عدم نجاعة مخطط الوقايية الذي اتخذته الوزارة بالكامل.

وفي الربيع الماضي، اعلن مدير الوقاية وترقية الصحة بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفياتي جمال فوراري تسجيل 1263 حالة إصابة بفيروس البوحمرون بولايتي الوادي و ورقلة، لكن المرض مس ايضا على سبيل ولاية الجلفة التي أحصت إلى غاية ماي الماضي 400 حالة إصابة

وحسب فورار، فإن النسبة الكبيرة من هذه الحالات سجلت على مستوى مدينة الواديي حيث توفي ثلاثة أطفال رضع وكهل يبلغ من العمر 50 سنة، فيما شهدت ولاية ورقلة وفاة شخص يبلغ من العمر 26 سنة.

ولمواجهة هذا الخطر، تم تلقيح 43 ألف طفل تتراوح أعمارهم ما بين 6 و 14 سنة  بولاية ورقلة و 39 ألف آخرين بولاية الوادي في حملة تستمر حتى جانفي الداخل بمختلف ولايات الوطن .

ووفق فورار، فظهور هذه الحالات من الحصبة إلى "عزوف المواطنين على  تلقيح ابنائهم خلال حملات التلقيح"، مؤكدا أن تسجيل خمس حالات بمنطقة معينة يعتبر بمثابة "حالة طوارئ بالنسبة للسلطات العمومية".

وبين فورار أن الغلاف المالي الذي رصدته الدولة في إطار البرنامج المكمل للرزنامة الوطنية للقاحات الأطفال ضد الحصبة والحصبة الألمانية يمثل 6  ملايين أورو من أجل القضاء نهائيا على هذين الفيروسين.

ولم تلق حملة التلقيح التي نظمت بالتنسيق بين وزارتي التربية الوطنية والصحة  والسكان وإصلاح المستشفيات داخل المؤسسات التربوية خلال مارس 2017 واستهدف  حوالي 7 ملايين طفل تتراوح أعمارهم بين 6 و14ي تلق استجابة واسعة بسبب الضجة التي احدثت حول سلامة  اللقاحات ومنبع استيرادها، وهو ما تعتبره الوزارة كان السبب في ارتفاع حالات الاصابة بالبوحمرون في 2018.

واحتراما للبرنامج الوطني للقاحات الأطفال، اضطرت وزارة الصحة إلى تنظيم حملة  استدراك ما بين 25 ديسمبر 2017  و7 يناير 2018 بمؤسسات الصحة لكنها لم تمس إلا نسبة 45 بالمائة من الأطفال المستهدفين.

 

الكوليرا يستنفر الجزائريين

 

لم يكن البوحمرون فقط الذي جعل الجزائريين يعيشون عاما غير عادي بسبب المخاوف الصحية ، فصيف 2018 لم يمر هو الآخر بشكل طبيعي، بعد تسجيل حالات لوباء الكوليرا في ولايات البويرة واللبليدة وتيبازة والعاصمة تجاهلته الوزارة في البداية ورفضت الاعتراف بتسجيل هذا الوباء الذي أعاد الجزائريين إلى القرون الماضية.

ورغم الانتقادات التي وجهت له، إلا ان الوزير حسبلاوي رافع في جلسة امام البرلمان "تحكم القطاع في الوضع  من خلال محاصرة هذا الوباء"، مشيرا إلى تسجيل 102 حالة مؤكدة بداء الكوليرا, مع تسجيل حالتين  وفاة وذلك منذ بداية التصريح بحالات الكوليرا.  

وزعم حسبلاوي حرص مصالحه من أجل "تطويق الوباء من  خلال تسخير كل الإمكانيات في إطار الوقاية والعلاج من هذا المرض وتجنيد الأطر  الطبية".

وأرجعت الوزارة مصدر هذا الوباء الى واد في البليدة ومنبع سيدي لكبير ببلدية أحمر العين بتيبازة الذي لم يعد فتحه إلا في 11 نوفمبر الماضي بعد إنتهاء أشغال إعادة تهيئته التي انطلقت على خلفية نتائج تحاليل معهد باستور التي أثبتت عدم صلاحية مياهه للشرب إثر انتشار شهر أوت الماضي وباء الكوليرا  ببعض ولايات الوطن.

وفي 2018 استمرت ظواهر ندرة الادوية رغم خطابات الوزارة بتوفرها بكميات كافية، في حين لا يجدها المواطن في الصيدليات، كما  تواصلت طول موعيد الكشف العادية والخاصة للمصابين بامراض مزمنة، يضاف اليها نقص في الموارد البشرية من أطباء مختصين وأعوان شبه الطبي.

 

من نفس القسم الوطن