الوطن

الجزائريون يتقاضون "منحا" وليس "أجورا"؟!

تصريحات ولد قدور بخصوص زيادة رواتب عمال سوناطراك تعيد مطلب رفع الأجور إلى الواجهة

يعيد استمرار تهاوي القدرة الشرائية مقابل غلاء الأسعار كل مرة مطلب زيادة الأجور إلى الواجهة، باعتباره الحل الوحيد لحماية القدرة الشرائية للمواطنين، بما أن الحكومة ترفض التدخل لضبط الأسعار، فأغلب الجزائريين باتوا مقارنة بما تعرفه الأسعار من لهيب يتقاضون مجرد "منح" لا تكفي حتى سد احتياجات أسبوع واحد فقط.

 

"تصريحات" تعيد مطلب زيادة الأجور إلى الواجهة؟

 

أعاد تصريح الرئيس المدير العام لسوناطراك، عبد المؤمن ولد قدور، بشأن أجور شركة سوناطراك الجدل حول مطلب زيادة الأجور الذي رفعته النقابات منذ أكثر من 3 سنوات، حيث تحدث ولد قدور، أمس الأول، أن عمال سوناطراك يتقاضون أجورا هزيلة هي الأضعف وتأتي في المرتبة الأخيرة عالميا، ضمن جميع مؤسسات النفط الوطنية (العمومية)، مشيرا إلى أن أولوية الشركة عام 2019 هي إعادة النظر في أجور عمال وموظفي سوناطراك الذين يتقاضون أعلى الأجور في الجزائر وليس عالميا، وهو ما أسقطه البعض على قطاعات أخرى كقطاع البلديات الذي يتقاضى عماله أجورا لا تزيد عن 12 ألف دينار جزائري، وقطاعات أخرى طالبت أكثر من مرة بزيادة الأجور بشكل يتماشى والمعطيات الموجودة في الأسواق من غلاء ومضاربة وزيادة في أسعار فواتير الكهرباء والماء والبنزين طيلة الثلاث سنوات الأخيرة، وقد أثارت هذه التصريحات، أمس، موجة من الجدل في الأوساط العمالية خاصة بالنسبة لقطاعات أجورها إن قارناها بأجور عمال سوناطراك فإنها لا تعدو أن تكون مجرد منح. ورغم هذا فإن مسؤولي هذه القطاعات لم يتحدثوا عن أي زيادة في الأجور تكون في 2019 أو حتى 2020، وهو ما استفز العمال والمنظمات النقابية.

 

أعلى الأجور في الجزائر يتقاضاها عمال سوناطراك

 

وبالنظر للأرقام والإحصائيات، فإن أجور الشركات البترولية في الجزائر تعد الأعلى على الإطلاق، فمتوسط الأجر الصافي الشهري في الصناعات الاستخراجية بداية بإنتاج واستخراج المحروقات ثم المناجم، يوجد في معدل ما بين 59700 و 102000 دينار، أي 1.5 إلى 2.6 مرة الأجر الصافي الإجمالي، حيث يشغل القطاع حاملو شهادات أكثر، فضلا عن التسهيلات التي تحظى بها القطاعات في مجال الأجور بفعل نظام أجر خاص، بينما تنخفض الأجور في بعض القطاعات على غرار قطاع البلديات عن الحد الأدنى المضمون، حيث لا يزال هناك عمال أسلاك مشتركة يتقاضون 15 ألف دينار، وهو ما دفع بالعديد من النقابات للمطالبة بزيادة الأجور دون أن تستجيب الحكومة.

 

رزيق: على الحكومة التفكير جديا في مطلب رفع الأجور

 

وفي هذا الصدد، أكد الخبير الاقتصادي، كمال رزيق،  أمس، أن سياسة الأجور في الجزائر غير متوازنة كما أنها تمثل 18 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي فقط، ما يفسر القدرة الشرائية الهشة التي يعاني منها العمال في مختلف القطاعات، وهو ما يفسر الاحتجاجات الدورية لهؤلاء العمال من أجل الزيادة في الأجور.

وأضاف رزيق أن هذه الأرقام لا تعكس المعطيات الحقيقية المعمول بها دوليا، حيث أن الفرد يتقاضى راتبا في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يقدر بـ 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وأكثر من 35 في المائة في المغرب وتونس، فيما تنفق الجزائر أقل من 10 في المائة من ميزانية الدولة على الصحة، مقابل 13 في الأردن وتونس وأكثر من 17 في إيران وكوبا، وهي تخصص أقل من 0.01 دولار للفرد في البحوث الطبية مقابل 0.19 دولار في تونس، و0.31 دولار في المغرب و3.72 دولار في الأردن. مشيرا أنه رغم الوضعية الاقتصادية الصعبة إلا أن مطلب رفع الأجور يعتبر مطلبا ضروريا في الوقت الراهن، على الحكومة التفكير فيه خاصة بالنسبة للفئات الهشة وعمال الأسلاك المشتركة والعمال الذين ما زالوا يتقاضون أجورا لا تزيد عن 18 ألف دينار.

 

هذه هي الأجور العادلة بنظر الجزائريين

 

وفي دراسة سبق ونشرتها جمعيات حماية المستهلك، فإن الجزائري وبفعل الضغوط المادية التي يعشها من ارتفاع أسعار وزيادة في الفواتير، من المفروض أن يتقاضى أجرا لا يقل عن 8 ملايين سنتيم، في حين أكدت دراسات أخرى أن 22 بالمائة من الجزائريين يعتقدون أن الدخل الشهري الأدنى الذي يرونه مناسبا لضمان عيشة كريمة في حدودها الإنسانية الدنيا، لعائلة تتكون من أربعة أفراد وهما الزوجان وطفلان، لا يجب أن يقل شهريا عن 60 ألف دج، بالنظر للظروف الراهنة ومنها التضخم وفوضى الأسعار وفشل الحكومة في ضبط أسواق السلع والخدمات، وارتباط الاقتصاد الوطني بالأسواق الخارجية وانخفاض مستوى المعيشة، إلى جانب ارتباطات الفرد الجزائري بالمناسبات الدينية والدخول الاجتماعي، حيث يتطلب الأمر رواتب مضاعفة من أجل تسديد المستحقات المالية. ويكشف من جهة أخرى، الواقع المعاش من طرف الجزائري أن رواتب أغلب الموظفين البالغ عددهم أزيد من مليون و400 ألف موظف، أن نسبة كبيرة منهم يستكملون بقية الشهر "بالكريدي"، كما تكشف أيضا الكثير من الدراسات الأخرى على غرار دراسات قامت بها نقابات عمالية، أن جزءا كبيرا من رواتب موظفي الوظيف العمومي يسدد لشراء الضروريات القصوى على غرار توفير الخبز والحليب والخضر، فيما أن الكماليات لا يستطيع أغلبية الجزائريين الحصول عليها، إلا إذا انخفضت أسعارها.

 

من نفس القسم الوطن