الحدث

عيسى: علينا طي صفحة الماضي دون تمزيقها

في وقت أشادت فيه باريس بمسار الجزائر نحو طريق السلم والمصالحة الوطنية

ممثل البابا: تطويب الرهبان الأول من نوعه في بلد مسلم رسالة قوية للعالم أجمع

  

أكد وزير الشؤون الدينية والأوقاف، محمد عيسى، أن إجراء عملية تطويب الرهبان والتي جرت بالجزائر لأول مرة في بلد مسلم، خطوة تندرج في إطار المصالحة الوطنية، مؤكدا بأن هذا الحدث لم يأت لإعادة فتح الجروح بل هو فرصة للنظر إلى المستقبل وطي صفحة الماضي دون تمزيقها، واعتبر أن زيارة مبعوث البابا فرونسوا، الكاردينال جيوفاني انجيلو بيتشيو عميد مجمع دعاوى القديسين، لمسجد القطب عبد الحميد بن باديس بوهران، رسالة "سلام" من أرض السلام، وبدوره اعتبر البابا فرنوسوا أن تطويب 19 رجل دين كاثوليكي، توفوا خلال العشرية السوداء، بالجزائر "دلالة قوية لأخوة الجزائر في اتجاه العالم أجمع"، بدورها أثنت باريس على مسار الجزائر نحو طريق السلم والمصالحة الوطنية ورأت أن الخطوة ستشكل فرصة لتبليغ رسالة السلام والأخوة والتسامح المستلهمة من التزام وتضحيات هؤلاء الرجال والنساء.

 جرت أمس السبت عملية تطويب الرهبان الـ 19 المتوفين بالجزائر، بعاصمة الغرب الجزائري وهران، بحضور دولي معتبر، يتقدمهم وفد البابا فرونسوا، وقد زار الوفد مسجد القطب عبد الحميد بن باديس بوهران وتابع باهتمام قراءة القرآن الكريم من قبل طلبة المدرسة القرآنية، وقدم إمام المسجد الشيخ محمد بن جابر لمبعوث البابا عرضا حول مختلف نشاطات هذا الصرح الديني الذي يعتبر قطبا للإشعاع الديني والثقافي وتحدث الكاردينال جيوفاني انجيلو بيتشيو مع العديد من الأشخاص الذين كانوا متواجدين بعين المكان، من بينهم ابنة إمام اغتيل خلال العشرية السوداء.

وعبر مبعوث البابا عن شكره للدولة الجزائرية ورئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، على التعاون في تنظيم مراسيم تطويب 19 شخصية دينية مسيحية اغتيلت خلال العشرية السوداء، وقال: "إنها لحظة قوية في تاريخ أخوتنا وصداقتنا".

 

ممثل البابا: تطويب الرهبان الأول من نوعه في بلد مسلم

 

وأثنى كاتب الدولة الفرنسي، جون باتيست لوموان، على احتضان الجزائر، عملية تطويب رهبان تيبحيرين وغيرهم من الرهبان الذين قتلوا في الجزائر خلال تسعينيات القرن الماضي، فيما عرف بالعشرية السوداء، وأوضح أن ما قامت به الجزائر يشكل رسالة سلم وأخوة وتسامح، مشيرا إلى أنه يعبر أيضا عن روح التضامن مع الرجال والنساء الذين قضوا، وهم يؤدون عملهم من أجل خدمة بلد احتضنوه واحتضنهم.

من جهته، قال الأب توماس جورجون، الذي يتخذ من العاصمة الإيطالية روما مقرا لنشاطه الديني، إن تطويب الرهبان المسيحيين الذين قضوا خلال عشرية التسعينيات بالجزائر والبالغ عددهم 19 راهبا، ومن بينهم رهبان تيبحيرين السبعة، بكنيسة سانتا كروز، بوهران، تعتبر الأولى من نوعها في بلد مسلم، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية (فرانس براس) عن البابا تيري بيكر، قوله إن هؤلاء الرهبان قضوا حياتهم بين أفراد الشعب الجزائري، وقدموا كل ما كان باستطاعتهم تقديمه، ويعمل الأب كيري راهبا بمدينة وهران منذ عام 1962، وهو من قدماء نواب المونسينيور كلافري، المغتال.

ووفق ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية، فإن عملية التطويب تمت تحت حراسة أمنية مشددة، وقد أشرف عليها ممثل عن البابا فرانسيس بابا الفاتيكان، وهو الكاردينال أنجيلو بيتشو، الذي يعمل مسؤولا ساميا بدولة الفاتيكان.

وبخصوص الرهبان الذين سيتم تطويبهم، قال الأب ريمي بازين مسؤول الجماعة من أجل الشؤون المقدسة، من العاصمة الإيطالية روما، إنهم (يقصد الرهبان المطوبون)، قتلوا لأنهم مسيحيون، أي أنهم قتلوا بدافع الحقد، بسبب سلوكهم المستوحى من الإيمان.

 

•     فرنسا "ممتنة" للجزائر

 

هذا وأكدت وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية أن فرنسا "ممتنة" للجزائر على احتضانها مراسم تطويب الرهبان الـ 19 للكنسية الكاثوليكية بالجزائر، ضحايا الإرهاب، وصرحت الناطقة باسم وزارة أوروبا والشؤون الخارجية أنييس فون دير موهل أن "فرنسا ممتنة للجزائر على احتضانها مراسم التطويب التي ستشكل فرصة لتبليغ رسالة السلام والأخوة والتسامح المستلهمة من التزام وتضحيات هؤلاء الرجال والنساء".

في هذا الصدد، أوضحت ذات المسؤولة أن فرنسا " تشيد بالأمة الجزائرية التي سلكت طريق السلم والمصالحة الوطنية" مؤكدة أنه لهذا السبب شارك كاتب الدولة لدى وزارة الشؤون الخارجية جون-باتيست لوموين أيضا السبت بالجامع الكبير ابن باديس في الترحم على أرواح الأئمة الجزائريين الـ 114 الذين اغتالتهم الجماعات الارهابية خلال العشرية السوداء.

في حين اعتبر أفراد من عائلات الرهبان الكاثوليكي ضحايا العشرية السوداء، والعديد من رفاقهم وأصدقائهم الذين قدموا لوهران لحضور مراسيم التطويب أن هذا الحدث هو "شهادة ورسالة سلام للعالم أجمع"، "إنه حدث هام وشهادة سلام للعالم أجمع"، كما أكد لوأج برادل فيليب راهب سابق بالشلف وصديق للعديد من رجال الدين الذين تم تطويبهم، وبالنسبة له فإن "الحدث مهم لأنه يأتي في سياق المصالحة التي تم إرساؤها بالجزائر عقب الاحداث الاليمة للعشرية السوداء".

"هذا اللقاء هو رسالة قوية للسلام والتعايش للعالم أجمع ونداء للحوار والاستماع لبعضنا البعض والتعارف لنبني جميعا المستقبل بدلا من الحكم وإدانة بعضنا البعض "، كما أضاف.

ومن جهتها اعتبرت، نيكول ديولنغار، أخت أحد الآباء البيض الذي قتل في 1994 بتيزي وزو أن "الحدث تكريم حقيقي يدعم الإرادة التي يتقاسمها المسلمون والكاثوليك للعيش معا في إطار الصداقة وحب الاخر وقيم التضحية".

ومن جهته، قال الراهب يويي فياني، قريب أحد الضحايا الذين تم تطويبهم" أن هذه المراسيم الدينية هي بالنسبة للشهداء "شهادة صداقة وتضحية" مبرزا التزام وعزم هؤلاء الرهبان البقاء في الجزائر رغم الأخطار التي كانوا متعرضين لها.

ووصفت برناديت شفيلار، إحدى أقارب راهب قتل سنة 1994 بتيزي وزو هذه المراسيم بـ " الرائعة" معتبرة ان "الجزائر أرض سلام وإخاء حيث يمكن لكل الجماعات العيش معا".

 كنزة. ع
 

من نفس القسم الحدث