الوطن

"كمشة" مستوردين يتحكمون في قوت الجزائريين والسوق الحر "يكبل" الحكومة

في ظل استمرار القطيعة بين السوق المحلية والأسواق العالمية

لالماس: تسقيف الأسعار ليس الحل.. لا بد من فرض القانون في السوق

حريز: 60 بالمائة من المواد الاستهلاكية يحتكرها نفس المستوردين

 

فضحت أزمة "الموز" التي عرفتها الأسواق الجزائرية مؤخرا، عجز الحكومة عن فرض قوانينها في السوق الجزائرية، فبغض النظر أن المادة غير أساسية والأسعار حرة، إلا أن ما يحدث مع أسعار البنان يكشف عن سيطرة للمستوردين وعجز كبير لوزارات في الحكومة عن مراقبة حركة السلع، ومحاربة الاحتكار في ظل استمرار القطيعة بين السوق المحلية والأسواق العالمية.

على الرغم من الارتفاع الفاحش في الكثير من أسعار المواد الغذائية وعدم وجود أي توازن بين الأسعار في الأسواق المحلية والأسعار في البورصة العالمية، إلا ان الحكومة تصر كل مرة أنها غير مسؤولة ولا تملك أي صلاحيات لمراقبة هذه الأسعار، سوى أسعار المنتجات المقننة، ودائما ما تتحجج وزارة التجارة بشأن عدم مسايرة أسعار المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع، للأسعار في الأسواق العالمية بعدة عوامل تتحكم في ضبط السوق الوطنية، كقانون العرض والطلب من جهة، وغياب ثقافة خفض الأسعار وجشع التجار من جهة أخرى، في وقت تعيب على مافيا المضاربة استغلال الفرصة لرفع الأسعار في فترات تكون فيها المنتجات تشهد ارتفاعا في البورصة الدولية. 

وبرأي متابعين لحركة السوق، فإن تبرير الوزارة الوصية ينطوي على بعض من المصداقية، في حالة واحدة وهي عندما يكون السوق منظما وخاليا من الاحتكار، أما الواقع فيقول غير ذلك، لأن الجميع على دراية تامة بأن هناك فئة قليلة من البارونات تسيطر على السوق، وهو ما يفضح عجز الحكومة عن مراقبة حركة السلع، ووضعها بعيدا عن التخزين غير القانوني، والتهريب عبر الحدود، وتلك من العوامل التي تؤثر على الأسعار، وهو ما يجعل تدخل الدولة ضروريا في هذه الحالة ليس لتحديد الأسعار لأنه لا يدخل ضمن صلاحياتها والسوق حر، لكن لمنع المضاربة والاحتكار باعتبارهما ممارسات ممنوعة قانونا، وهو ما يضبط الأسعار بشكل تلقائي، لأنه من غير المعقول أن تصل أسعار بض المواد إلى أكثر من 800 دج في حين أنها لا تتجاوز في البورصة العالمية الـ130 دج، كما يحدث مع أسعار الموز، وحتى أسعار البقوليات إن تحدثنا عن مواد واسعة الاستهلاك.

 

لالماس: الدولة يجب أن تتدخل لفرض القانون في السوق وليس لتسقيف الأسعار

 

وفي هذا الصدد، أكد الخبير في التجارة الخارجية، إسماعيل لالماس، في تصريح لـ "الرائد"، أمس، أن السوق الجزائرية يتحكم فيها "كمشة" من البارونات وهم من يحددون الأسعار وفق منطقهم وليس وفق عوامل سوق أو أسعار عالمية. وأرجع لالماس الاختلاف بين الأسعار في السوق العالمية والمحلية أيضا إلى القطيعة الموجودة بين السوقين.

مضيفا أنه في الجزائر تغيب الحملات التفتيشية لمقارنة الأرقام المعتمدة في الخارج مع الجزائر، مشيرا أن تحجج الحكومة بمنطق السوق الحر من أجل عدم التدخل في تحديد أو تسقيف الأسعار يحمل مصداقية، لكن لا يمكن الحديث عن مبدأ كهذا في ظل وضع السوق الوطنية التي تعيش الفوضى وتغيب عنها الرقابة وتمارس فيها كل أشكال الاحتكار والمضاربة وممارسات غير قانونية أخرى، مضيفا أن الدولة يجب أن تتدخل لفرض القانون في السوق وليس لتسقيف الأسعار.

 

حريز: 60 بالمائة من المواد الاستهلاكية يحتكرها نفس المستوردين

 

من جهته، أوضح رئيس فدرالية حماية المستهلك، زكي حريز، أن أكثر من 60 بالمائة من المواد الاستهلاكية يحتكرها نفس المستوردين والمتعاملين الاقتصاديين، وهذا ما يجعل السوق في قبضتهم ويسمح لهم بتحديد الأسعار وفق منطقهم.

وقال حريز، في تصريح لـ"الرائد"، إن الحكومة دائما ما تتنصل من مسؤولية مراقبة الأسعار بحجة السوق الحر بينما لم يسبق لسعر أي من السلع ذات الاستهلاك الواسع أن ساير وتيرة البورصات العالمية، والأخطر أنه حتى أسعار المواد الاستهلاكية المسقفة لا تسلم من ارتفاع الأسعار، ما يعني أن المشكل هو مشكل غياب رقابة وليس صلاحيات أو قوانين سوق حر، لتبقى هذه الأخيرة مجرد سماعة تعلق عليها الحكومة عجزها عن فرض القوانين في السوق، ليدفع المستهلك الثمن في الأخير.

س. زموش
 

من نفس القسم الوطن