الوطن

لهذه الأسباب تحولت الجزائر من بلد مصدر إلى مستورد للحمضيات

باتت تصل إلى الجزائريين بأسعار غير معقولة سواء في بداية موسمها أو حتى نهايته

موسوني: يجب تدخل الدولة لإنقاذ إنتاج الحمضيات في سهول متيجة

 

تعرف السوق الجزائرية، في السنوات الأخيرة، تذبذبا كبيرا في إنتاج وتسويق الحمضيات، بسبب عدة عوامل، منها طبيعية وأخرى تتعلق بشيخوخة الأشجار وزحف الإسمنت، وعوامل ترجع إلى المشاكل التي يتخبط فيها الفلاح الذي بات مضطرا لبيع منتوجه قبل أن ينضج، للتخلص من أعباء الجني والنقل، وهو ما يجعل الحمضيات تصل إلى الجزائريين بأسعار باتت غير معقولة سواء في بداية موسمها أو حتى نهايته.

ومن الملاحظ في السنوات الأخيرة تراجع زراعة الحمضيات بعد زحف الإسمنت على العديد من الأراضي المخصصة لإنتاج هذه الفاكهة.

وفي وقت يقاوم سهل المتيجة للحفاظ على سقف إنتاج مقبول، يعاني منتجو هذه الفاكهة بسكيكدة بسبب شيخوخة أشجار البرتقال ويطالبون بالدعم لإعادة أحياء إنتاج كان يصدر إلى أوروبا في سنوات ماضية. ومقابل كل هذا، أحكم الدخلاء سيطرتهم على الإنتاج وتحكموا في السوق وفق مبدأ المضاربة، ليدفع الفلاح وكذا المستهلك ثمن هذه الفوضى.

 

الفلاحون يعانون مشاكل بالجملة ونقص الدعم من الدولة

 

ويطرح العديد من فلاحي شعبة الحمضيات مشاكل بالجملة باتت تهدد الإنتاج الفلاحي ككل، ولعل أول مشكل يهدد الفلاحين هو زحف الإسمنت نحو الأراضي الفلاحية، فالعديد من المستثمرات الفلاحية تم تحويلها إلى مشاريع سكنية وحتى طرقات، وهو ما جعل الإنتاج يتضاءل كل سنة. وزيادة إلى زحف الإسمنت، يعاني الفلاحون من نقص مياه السقي، وهي عوامل جعلت إنتاج الحمضيات لا يكون وفق المستوى المطلوب، حيث يعيب الفلاحون على مصالح الري عدم تحكمها الجيد في توزيع حصص ومواقيت السقي التي تتم، حسبهم، بطريقة فوضوية لا تراعي متطلبات ومواقيت عملية السقي. كما تحدث الفلاحون عن معاناتهم في الحصول على الأسمدة بسبب نقصها الكبير، إلى جانب انتشار بعض الأمراض التي تصيب الأشجار والثمرات، حيث يحصي الفلاحون حوالي 40 مرضا يصيب الحمضيات، بالإضافة إلى انتشار ذبابة البحر الأبيض المتوسط التي تشكل ضررا كبيرا على الفاكهة. كما يطرح الفلاحون مشكل عدم استفادة أعداد كبيرة منهم من عقود الامتياز، ما يحرمهم من الحصول على التمويل من البنوك، إلى جانب منعهم من بناء سكنات في مستثمراتهم الفلاحية، وأغلبهم يقطنون في أماكن بعيدة عنها، كما يحرمون من الحصول على سكن في إطار مختلف الصيغ المعروفة بحجة أنهم يملكون أراضي، وبالمقابل يحرمون من بناء سكنات في مستثمراتهم.

 

الوسطاء هم السبب في ارتفاع أسعار الحمضيات

 

من جانب آخر، فإن انخفاض الإنتاج انعكس على الأسعار، رغم أن هذا الأخير لا يعد وحده العامل المتسبب في وصول أسعار الحمضيات في عز فصل الشتاء إلى مستويات قياسية، حيث يرجع أغلب المنتجين الذين تحدثنا إليهم غلاء أسعار الحمضيات بالأسواق المحلية بالدرجة الأولى إلى المضاربين والوسطاء في مختلف المراحل، انطلاقا من الجني، حيث بمجرد ما يصل المنتوج إلى أسواق التجزئة حتى يبلغ سعره أضعاف بيعه من قبل الفلاحين ثلاثا أو أربع مرات. ويؤكد أصحاب البساتين أن الوسطاء ساهموا بصفة كبيرة في رفع الأسعار إلى درجة الالتهاب، وبالتالي حرمان المواطن البسيط من تناول حمضيات تنتجها حقول قريبة منه، في عز فصل الشتاء موسم إنتاجها، كما أرجعوا سبب ارتفاع سعر البرتقال والحمضيات عموما إلى تراجع إنتاج هذه الشعبة خلال السنوات الأخيرة مقارنة بسنوات الثمانينات والتسعينات.

 

موسوني: يجب تدخل الدولة لإنقاذ إنتاج الحمضيات في سهول متيجة

 

من جهته، أرجع الخبير الزراعي، أكلي موسوني، أسباب تراجع إنتاج الحمضيات في الجزائر إلى زحف الإسمنت وتراجع عدد الأشجار وارتفاع تكاليف الإنتاج، بالإضافة إلى المشاكل التي يغرق فيها الفلاحون، حيث أكد موسوني أن ارتفاع تكاليف الإنتاج وتناقص عدد الأشجار المثمرة، لاسيما بمنطقتي المتيجة وبوفاريك اللتين كانتا في السابق تغطيان بوفرة احتياجات الأسواق المحلية، بالإضافة إلى الاضطرابات الجوية وما ينتج عنها من تذبذب في عملية التموين، كلها عوامل، حسبه، أدت إلى وصول أسعار البرتقال والمندرين إلى مستويات قياسية لم تبلغها من قبل، كما أثرت على النوعية والكمية على حسب تعبيره. وأضاف موسوني أن قطاع الفلاحة لاسيما زراعة الحمضيات بات مهددا بالتراجع أكثر في كمية المنتوجات، بسبب النقص الرهيب في اليد العاملة المؤهلة، حيث ذكر أن أزيد من 60 بالمائة من الفلاحين الحاليين يتجاوز سنهم الخمسين سنة، يقابله عزوف كبير من طرف فئة الشباب عن خدمة الأرض، وهو ما يتسبب في غالبية الأحيان في ارتفاع تكاليف الإنتاج، داعيا السلطات إلى ضرورة خلق استراتيجيات وآليات لتحفيز الشباب وتوجيههم للعمل في المجال الفلاحي، خاصة أن الكثير من الأراضي الفلاحية الخصبة عبر أرجاء الوطن مهملة لنفس لسبب.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن