الوطن

الحرفيون ينقرضون في الجزائر؟!

منتجاتهم تعاني الكساد ومشاكل في التسويق والمنافسة غير الشرعية

أعباء ضريبة، ندرة مواد أولية ومنافسة غير شرعية أهم مشاكل الحرفيين

حرفيون يطالبون بحماية منتوجهم وليس بالمعارض والصالونات

 

تكاد العديد من المهن والحرف في الجزائر تنقرض بسبب العديد من العوامل، منها التطور التكنولوجي وكذا الاستيراد وغياب الدعم ومشاكل تتعلق بالتسويق، ما جعل الحرفيين عند الحكومة مجرد عارضين تتم الاستعانة بهم فقط عند المناسبات الثقافية وحتى السياحية، بينما يبقى هؤلاء يعانون التهميش والأعباء الضريبية وندرة المواد الأولية ومنافسة المواد المستوردة المغشوشة وغيرها من المشاكل.

بات من الواضح انقراض العديد من المهن التقليدية والحرف التي كانت تمثل دخلا معتبرا لأصحابها وكذا للاقتصاد الوطني، ففي سنوات مضت كانت المنتجات التقليدية وما تجود به أيدي الحرفيين تصدر إلى الخارج بالعملة الصعبة، لكن اليوم باتت هذه المنتجات تعاني الكساد وتعرض فقط في الصالونات والمعارض التي تصرف عليها الملايير، في حين لا يصرف فلس واحد لدعم هؤلاء الحرفيين بشكل جاد وحقيقي على أرض الواقع.

 

حرفيون يطالبون بحماية منتوجهم وليس بالمعارض والصالونات

 

ولعل ما هو موجود في الأسواق يعد خير دليل على ما وصلت إليه الحرفة في الجزائر، فحتى صناعة الفخار التي يعد حرفة 100 بالمائة جزائرية قضى عليها الاستيراد، فبات ما يجلب من الصين وتركيا وتونس من منتجات فخارية وأوان يسوق أكثر مما يصنعه ما تبقى من حرفيي هذه المنتجات، وهو ما ينطبق أيضا على الحلي التقليدي.

هذا الأخير الذي ترك مكانته للحلي الصيني المغشوش والذي يحتوي على مواد مسرطنة ويتشكل من 90 بالمائة من الرصاص الذي يتسبب في أمراض خطيرة للإنسان. لكن، رغم ذلك فإن هذه المواد المستوردة باتت هي التي تسوق على حساب المنتوج المحلي، رغم أن هذا الأخير معروف بجودته وإتقان صنعه، وهو ما يمثل تهميشا للمنتوج المحلي.

وفي السياق ذاته، يعد المشكل الأساسي الذي يواجه الحرفيين الجزائريين عمومًا هو غياب التسويق وفشل الاستراتيجية التي تعتمدها الحكومة، وعلى رأسها وزارة السياحة والصناعات التقليدية الجزائرية، في دعم الحرفيين. 

فالوزارة تكتفي بتنظيم معارض بتكاليف باهظة، لا يبيع فيها الحرفي شيئا، لأنها ببساطة توفر أيضا منتجات أجنبية بأسعار منخفضة. 

وبسبب الإشكالات في مجال التسويق والمواد الأولية، أصبح العمل في قطاع الصناعات التقليدية حكرا على النساء تقريبا لقدرتهن على التسويق المنزلي، بينما يتوجه الرجال إلى الحرف المرتبطة بمجال الخدمات والبناء. 

ورغم كل محاولات إحياء الحرف التقليدية، يتوجه الجزائري خاصة إلى اقتناء المنتجات الأجنبية المستوردة، خاصة الصينية التي اجتاحت السوق الجزائرية، دون مراعاة لمخاطرها الصحية، ويهمل بذلك المنتوجات المحلية.

 

أعباء ضريبة، ندرة مواد أولية ومنافسة غير شرعية أهم مشاكل الحرفيين

 

من جانب آخر، يعاني الحرفيون جملة من المشاكل التي أعاقت بقاءهم، على رأسها الأعباء الضريبية التي لم يرافقها تحصيل مادي يسمح لهم بمواجهة غلاء المعيشة. ويشتكي معظم حرفيي الصناعات التقليدية من عدم وجود مراكز أو دار للصناعات التقليدية، يمكنهم من خلالها تصريف منتجاتهم أو حتى عرضها بالنسبة للجمهور الذي يود اقتناء بعض الحاجيات التقليدية، والتي تتميز بالجودة والإتقان، ويضطر الكثير من هؤلاء الحرفيين إلى الاستعانة ببعض المحلات المختلفة لعرض منتجاتهم لديها أو تتبع الأسواق لبيعها بغرض تحصيل مقابل أتعابهم، مع ما يكلفهم ذلك من تكاليف إضافية نظرا لغياب أي فضاء مختص لعرض هذه الصناعات التقليدية والحرفية.

ويبقى عزاء الحرفيين هو تتبع المعارض الوطنية والمحلية لعرض منتجاتهم والحصول على طلبات للشراء، إلا أن هذه غير كافية كونها ليست بشكل دائم بل موسمية ومرتبطة ببعض المناسبات لا غير، وهو ما يؤدي بالكثير منهم إلى البحث عن وسائل أخرى بطرقهم الخاصة. وفضلا على مشاكل التسويق، يعاني الكثير منهم مشكل جلب المواد الأساسية وكذلك غلائها، الأمر الذي يؤثر على التكلفة الإجمالية لمنتوجهم الذي يتطلب دقة ومهارة عاليتين بخلاف الموجود بالسوق حاليا، وهو في أغلبه مصنع ولا تتوفر فيه الجودة والنوعية المطلوبة، وهو ما أثر بشكل سلبي على الصناعات التقليدية المحلية التي صارت تلقى منافسة غير شريفة من قبل المنتجات الأجنبية، في غياب أي حماية للمنتوج التقليدي الوطني، نظرا لتوجه الكثير من المواطنين إلى اقتناء مواد تقليدية أجنبية نظرا لبساطتها وسعرها المتدني، دون النظر إلى نوعيتها وجودتها التي لا تقارن مع المنتوج المحلي.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن