الوطن

أحياء بالعاصمة تتحول إلى ثكنات عسكرية؟!

السكان قاموا بتسييجها وبناء أسوار حولها ووضع بوابات في المداخل

مبالغ تصل 200 مليون سنتيم لتسييج الأحياء وتحويلها إلى إقامات

 

باتت العديد من الأحياء السكنية بالعاصمة أشبه بثكنات عسكرية، حيث يمنع دخولها أو الاقتراب منها، بعدما قام السكان بتسييجها وبناء أسوار وبوابات على مداخلها ومخارجها، مدعمين هذه المداخل والمخارج بمراكز حراسة، في موضة بدأت تنتشر بين المجمعات السكنية حتى بالأحياء الشعبية.

 

أحياء تمنع دخول الغرباء وتحت حراسة أعوان أمن وكاميرات مراقبة 24 ساعة

 

وحسب ما كشفته عدد من المصادر من بلديات العاصمة، فإن هذه الأخيرة تتلقى بشكل دوري طلبات لتسييج وبناء أسوار حول محيط عدد من الأحياء والمجمعات السكنية بالعاصمة، فالسكان باتوا يفضلون الانعزال عن باقي الأحياء بحثا عن الخصوصية والأمن.

ففي بلدية جسر قسنطينة على سبيل المثال تحولت العديد من المجمعات السكنية إلى ما هو أشبه بثكنات عسكرية، يمنع دخولها من الغرباء، حيث يتم تسييج محيط هذه التجمعات وبناء أسوار ووضع بوابات في مداخل ومخارج هذه المجمعات السكنية، بشكل يحولها إلى إقامة يدخل ويخرج منها سوى أبناء الحي، بل هناك من الأحياء من زودت مداخلها ومخارجها ببوابات حراسة وعينت أعوان أمن يتم دفع رواتبهم من اشتراكات سكان الحي، وبأحياء أخرى زودت المداخل والمخارج بنظام مراقبة بالكاميرا يتم تسييره من طرف مسؤول الحي، تجنبا لأي حوادث سرقة أو مضايقات من طرف الغرباء.

 

مبالغ تصل 200 مليون سنتيم لتسييج الأحياء وتحويلها إلى إقامات

 

ويعد البحث عن الأمن من بين أكثر الأسباب التي جعلت ظاهرة تسييج وغلق مداخل ومخارج الأحياء تنتشر في السنوات الأخيرة. فالعديد من الأحياء بالعاصمة تحولت إلى وكر للمنحرفين، والغريب أن هؤلاء المنحرفين يكونون في غالب الأحيان من خارج تلك الأحياء، وهو ما يمثل تهديدا حقيقيا للسكان.

وحسب مسؤول في إحدى جمعيات الأحياء ببلدية القبة، فإن العديد من الأحياء كانت تشهد شجارات وصراعات واعتداءات بالأسلحة البيضاء من طرف منحرفين ومدمني مخدرات، ما جعل الحل الأمثل هو تسييج عدد من الأحياء بالاتفاق مع كافة السكان، حيث يتم تخصيص ميزانية معتبرة يقدمها كل الجيران، تتراوح ما بين 50 إلى 100 مليون سنتيم، ويمكن أن يصل المبلغ حتى 200 مليون سنتيم حسب مساحة كل تجمع سكني، لتسييج أجزاء من الحي وبناء أسوار على أطراف المداخل والمخارج، وتدعيمها ببوابات.

وحسب ما أشار إليه ذات المصدر، فإن العديد من الأحياء عادت لها السكينة حيث لا يدخل ويخرج منها سوى أبناء الحي، ويتم غلق البوابات خلال ساعات الليل وإعادة فتحها صباحا، لقطع الطريق أمام الدخلاء والتحكم في وضعية الحي من ناحية الأمن والنظافة وحتى علاقة الأطفال ببعضهم البعض وبالآخرين.

 

فوارق في الأسعار بين السكنات في تجمعات مفتوحة وبين الإقامات

 

من جانب آخر، وخلال اتصالنا برئيس نقابة الوكالة العقارية، عبد الكريم عويدات، اتضح لنا أن تسييج المجمعات السكنية وعزلها لا يحقق ميزة الأمن والأمان للسكان فحسب، فحتى من الناحية المادية له تأثير كبير، حيث كشف عويدات أن أسعار الشقق والسكنات التي تكون داخل إقامات مغلقة ترتفع بحوالي 500 مليون سنتيم عن السكنات التي توجد في تجمعات مفتوحة غير مغلقة، مضيفا أن العديد من زبائن الوكالات العقارية باتوا يتجنبون نمط السكن الشعبي القديم وأصبحوا يبحثون عن شراء وكراء السكنات الموجودة داخل الإقامات.

وقال عويدات أن أسعار هذه السكنات التي تكون داخل إقامات مغلقة في بلديات كجسر قسنطينة والقبة مثلا تتراوح بين مليار و500 مليون سنتيم، وتصل حتى مليارين و200 مليون سنتيم، في حين تتراوح أسعار الشقق في مجمعات سكنية مفتوحة وغير مسيجة ما بين مليار و200 مليون سنتيم إلى مليار و400 مليون سنتيم، وهو فرق شاسع بين السعرين، مشيرا أن بعض السكان باتوا يبحثون عن تسييج وغلق مجمعاتهم السكنية فقط من أجل أن ترتفع قيمة سكناتهم من الناحية المادية، فما يخسرونه اليوم يعوضون ضعف أضعافه في حال رغبوا في بيع أو تبديل سكناتهم.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن