الوطن

تجار يعتبرون "دفع الضرائب" زكاة على أموالهم

"أصحاب الشكارة" يتحايلون لعدم إخراج زكاة أموالهم

عية: لا حيلة مع الله ونية التهرب من الزكاة هو بمثابة الامتناع عنها

تعوّد أغلب الجزائريين على إخراج زكاة أموالهم بمناسبة يوم عاشوراء، رغم أن التوقيت غير مرتبط بحدث معين أو بمناسبة بعينها، فمتى بلغ المال النصاب ودار عليه الحول وجب إخراج الزكاة منه. ورغم أن هذه الفريضة الدينية زيادة على كونها الركن الثالث من أركان الإسلام، فإنها تعد من بين سبل التطور والتنمية الاقتصادية في أي مجتمع، غير أن هناك العديد من أصحاب الشكارة في الجزائر باتوا يتهربون من دفع هذه الزكاة بشتى الوسائل. فالبعض يسارعون قبل يوم عاشوراء لتحويل جزء من أموالهم لزوجاتهم وأبنائهم وآخرون يتحججون بالتقشف ويعتبرون الضرائب التي تفرض عليهم هي الزكاة على تجارتهم وأموالهم.

 

ومع اقتراب يوم عاشوراء، أعلنت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف، أمس الأول، أن نصاب زكاة النقود وعروض التجارة لعام 1440 هجرية قدر بخمسمائة واثنين وخمسين ألفا وخمسمائة دينار جزائري. وأوضحت الوزارة، في بيان لها، أن إخراج الزكاة واجب على كل مال بلغ هذا النصاب ودار عليه الحول بمقدر 2.5 بالمائة، أي ربع العشر، سواء أكان من النقود أو من العروض التجارية والسلع التي تقوم بسعرها في السوق يوم زكاتها.

وذكر المصدر أنه إحياء لسنة الرسول في جمع الزكاة وتوزيعها بصفة منظمة، فإن الوزارة وضعت بين أيدي المزكين صندوق الزكاة برقم حساب بريدي وطني وبحسابات بريدية ولائية، داعية المواطنين لوضع زكاتهم في حساباتها البريدية.

 

يحولون أموالهم لزوجاتهم وأبنائهم تهربا من دفع الزكاة

 

ورغم أجن الزكاة تعد الركن الثالث من أركان الإسلام، إلا أن العديد من أصحاب الشكارة ورجال الأعمال وكذا التجار باتوا يتهربون من دفع هذه الفريضة، حيث كشفت مصادر من عدد من البنوك لـ"الرائد"، أمس، أن البنوك شهدت الفترة الأخيرة حركية غير عادية من طرف رجال الأعمال وأصحاب الشكارة الذين قاموا بتحويل ما يقارب نصف أرصدتهم من الأموال لصالح زوجاتهم أو أبنائهم.

وحسب ما أكدته ذات المصادر، فإن حركية تحويل الأموال في البنوك من أرصدة بعض رجال الأعمال الجزائريين وأصحاب العقارات والممتلكات المعروضة للبيع هي حقيقة، حيث وصل الأمر ببعض رجال الأعمال لإيداع أموالهم في أرصدة أصدقائهم كسلف مقابل وصل مكتوب عند الموثق.

فحسب بعض الموثقين أيضا، فإن تسجيلات الاعترافات بالدين تكثر في فترة الـ 3 أشهر التي تسبق موعد زكاة عاشوراء بين تجار وأغنياء، لدرجة أن بعضهم يجدون أنفسهم في أروقة المحاكم بسبب أطماع الطرف الآخر المستفيد من المبلغ، وذلك بالتحايل على ورقة الاعتراف بالدين.

 

تجار يعتبرون "دفع الضرائب" زكاة على أموالهم

 

من جانب آخر، يعتمد عدد من التجار ورجال الأعمال على الضرائب المفروضة عليهم كحجة لعدم دفع زكاة أموالهم، فالعديد من التجار الذين لا يملكون ثقافة ووعيا دينيا بالقدر الكافي جعلوا من مسألة الضرائب والديون حجة للتهرب من دفع الزكاة، رغم أنهم بعد دفع هذه الديون والضرائب يبقى لديهم مبلغ النصاب الذي دار عليه الحول، غير أن هؤلاء الجهلة من رجال المال أقنعوا أنفسهم بأن "الضرائب" المفروضة عليهم من طرف الدولة هي في حد ذاتها زكاة من أموالهم، ولهذا فإن بعضهم يقومون بتسديد الديون التي عليهم مع اقتراب موعد الزكاة.

 

وآخرون يزكون لصالح عائلاتهم بسبب عدم ثقتهم في صناديق الزكاة

 

من جانب آخر، ورغم أن وزارة الشؤون الدينية وبمساعدة من الأئمة دائما ما تدعو الأغنياء ورجال المال إلى إيداع زكاتهم على مستوى صناديق الزكاة، إلا أن هؤلاء ما زالوا لا يثقون في هذه الصناديق، فأغلب من يزكون على أموالهم يقومون بذلك لصالح فقراء يعرفونهم أو حتى لصالح بناء مساجد أو مشاريع خيرية أخرى، وهناك فئة من التجار وأصحاب الشكارة من يزكون على أقاربهم، في حين أن البعض من أصحاب المشاريع يزكون لصالح عمالهم.

وسبب عدم الثقة في صناديق الزكاة راجع، حسب بعض المراقبين، لعدم معرفة وجهة هذه الأموال خاصة في ظل حديث بعض الأطراف أن أموال الزكاة توجه لتمويل مشاريع اقتصادية واستثمارية بينما من المفروض أن هذه الأموال تعد وقفا ومن المفروض أن توجه لمساعدة الفقراء والمحتاجين، سواء عن طريق المساعدات المباشرة أو عن طريق المشاريع الوقفية.

 

عية: لا حيلة مع الله ونية التهرب من الزكاة هو بمثابة الامتناع عنها

 

وعن الموضوع، أكد إمام المسجد الكبير على عية، في تصريح لـ"الرائد"، أمس، أن أغنياء الجزائر لا يهتمون بالزكاة كركن من أركان الإسلام وكثير منهم لا يعرف القيمة الحقيقية لأمواله، ولا القدر الذي ينبغي عليه إخراجه كزكاة لها، مؤكدا أن أغنياء الجزائر يخرجون فتات أموالهم لا زكاتها، ذلك أنه مع اقتراب عاشوراء يتصدق بعضهم بقدر من المال على بعض الفقراء ويعتقد أنه أخرج الزكاة. 

وقال عية أنه لا يجوز للأغنياء التحجج بالضرائب للتهرب من دفع الزكاة التي تعتبر نصا قرآنيا ليس قابلا للتأويل، فرضه الله على الأغنياء ليعود على المحرومين والفقراء لقوله تعالى "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها"، محذرا في السياق ذاته الذين يقومون بتحويل أموالهم قبل موعد دفع الزكاة لصالح زوجاتهم أو أبنائهم بالقول أنه "لا حيلة مع الله سبحانه لأن مثل هؤلاء الذين يتهربون من الزكاة معتقدين أن تحويل أرصدتهم وملكيتها إلى الغير يجعل الزكاة غير مرتبطة بالمال مخطئون، لأنه نية التهرب من الزكاة هو بمثابة الامتناع عنها وعقابها عند الله"، ليضيف أن الزكاة فرض من الله ومن امتنع عن أدائها إثم عليه ودين، ولن ينجو من امتنع عن دفعها من العقاب إلا برحمة الله، باعتبارها الركن الثالث بعد الشهادة والصلاة، ومن فرّط فيها لن تنفعه لا صلاته ولا صيامه.

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن