الوطن

جزائريون يزوّرون في الوثائق بحثا عن مناصب العمل والفيزا

في زمن شحت مسابقات التوظيف وتحولت الهجرة إلى فرصة ذهبية للشباب

 تحول الحصول على وظيفة في زمن شحت مسابقات التوظيف أو الحصول على فيزا شنغن، باتت الهجرة تمثل فرصة ذهبية للعديد من الشباب وغاية وهدفا يبرران أي وسيلة يمكن الاعتماد عليها حتى ولو كانت هذه الوسيلة هي التزوير، فالعديد من الشباب أصبحوا يعتمدون على تزوير شهادات مدرسية ووثائق إدارية وشهادات جامعات أجنبية وكشوف نقاط، فقط من أجل الحصول على وظيفة مناسبة أو الظفر بالفيزا، وهو ما جعل نشاط التزوير يتنامى ويصبح خيارا لشباب لا يملكون أي دوافع إجرامية.

 ورغم العقوبات المسلطة على جنحة التزوير، إلا أن الأشخاص الذين ينشطون في هذا المجال يجدون سلاسة في تسويق خدماتهم والوصول إلى زبائنهم، بالرغم من أن أغلب تعاملاتهم تتم بطريقة سرية، إلا أن خدماتهم معروفة والوثائق التي يقومون بتزويرها تعدت حدود الوطن إلى ما وراء البحار، لأن الوثائق لم تعد تقتصر على الشهادات التي تستخدم في الإجراءات الإدارية داخل حدود الوطن، بل أضحت جزءا من ملفات الهجرة بداية بالفيزا المزورة مرورا بالكشوف التي تحوي نقاطا مضخمة وصولا إلى الشهادات الوهمية التي لا أساس لها من الوجود، بحيث يعتمد عليها الشباب في إثراء ملف الهجرة وضمان مناصب عمل أو دراسة بمؤسسات بدول أجنبية.

 

تزوير شهادات مدرسية وجامعية للظفر بمناصب عمل

 

وبسب الوضع الحالي الذي يعرفه سوق الشغل وشح مسابقات التوظيف في العديد من القطاعات، سواء العمومية أو الخاصة، بالإضافة إلى اشتراط شهادات عليا من أجل وظائف كانت في وقت ماض لا تتطلب مؤهلات دراسية كبيرة، بات العديد من الشباب يلجأون إلى تزوير شهادات مدرسية وجامعية وإيداعها على مستوى المؤسسات للظفر بمناصب عمل، حيث دائما ما تكشف التحقيقات التي يتم فتحها من قبل مصالح الموارد البشرية في العديد من المؤسسات وجود موظفين غير مؤهلين زوروا في الشهادات، وتعج المحاكم بالعديد من القضايا من هذا النوع، حيث عادة ما تحيل الشركات ملفات موظفيها المزورين في الشهادات على العدالة، وخلال جلسات المحاكمة يعترف معظم المتهمين بما اقترفوه، مبررين فعلتهم بحاجتهم الماسة إلى العمل.

 

ميسورو الحال يزورون شهادات جامعات أجنبية بحثا عن المناصب العليا

 

لكن الأخطر ما يقوم به بعض أبناء العائلات الميسورة الذين يعودون من الخارج بعد مدة دراسة في الخارج دون تمكنهم من الحصول على الشهادات نظرا لصعوبة مزاولة الدراسة بها، حيث تكشف قضايا التزوير بالمحاكم قيام هؤلاء بتزوير شهادات من جامعات أجنبية مقابل مبالغ تتراوح بين 15 و20 مليون سنتيم تحدد حسب المستوى الجامعي المرغوب الحصول عليه في الشهادة، إضافة إلى اسم الجامعة، لأنه وبمنطق مافيا التزوير فإن اسم الجامعة يلعب دورا كبيرا لأنه يحدد قيمة الشهادة في حد ذاتها، نظرا لأن بعض الجامعات عالمية وذات مستويات علمية عالية، ويمكن لهذه الشهادات المزورة أن تمنح صاحبها فرصة الالتحاق بمناصب عمل في مستويات عالية، إضافة إلى الترقيات التي يمكنه الحصول عليها من خلالها.

 

ملفات الفيزا أكثر الوثائق عرضة للتزوير

 

من جانب آخر، تخصصت بعض العصابات في تزوير وثائق الفيزا تحديدا، حيث استغلت هذه العصابات طموح العديد من الشباب في الهجرة إلى الدول الأوروبية من أجل الاستثمار في عمليات تزوير باتت تطال وثائق إدارية تقدم ضمن ملف الفيزا وشهادات عمل، وحتي كشوف الرصيد بالعملة الصعبة على مستوى البنوك الذي تشترطه مختلف السفارات في ملف الفيزا. ودائما ما تتقدم السفارات الأوروبية بالجزائر بشكاوي ضد أصحاب ملفات فيزا بعد تحقيقات يتضح من خلالها أن عددا من الوثائق المرفوقة بالملف مزورة. وأكثر ما يتم تزويره بملفات الفيزا هو كشوف الرصيد بالعملة الصعبة.

 

جواني: القانون لا يحكم بنية المزور والعقوبة واضحة

 

وفي السياق، أكد المحامي بالمجلس، نور الدين جواني، أمس، أن المحاكم تعالج يوميا قضايا التزوير واستعمال المزور لأشخاص يبحثون عن مناصب عمل أو تأشيرات سفر، مشيرا أنه وبغض النظر عن الدافع في التزوير أو الحاجة للعمل أو السفر، كما يتحجج به بعض الشباب الذين يتم القبص عليهم بتهمة التزوير، فإن القانون يعاقب على هذه الجريمة بعقوبات متفاوتة حسب طبيعة الوثائق ومزورها. وحسب ما أفادنا به المحامي، فإن مرتكب هذه الجريمة تصل عقوبته إلى 3 سنوات حبسا نافذا، وهذا وفقا لما تنص عليه المادة 222 من قانون العقوبات التي جاء فيها أن "كل من قلد أو زور أو زيف رخصا أو شهادات أو كتابات أو بطاقات أو نشرات أو إيصالات أو جوازات سفر أو أوامر خدمة أو وثائق سفر أو تصاريح مرور أو غيرها من الوثائق التي تصدرها الإدارات العمومية بغرض إثبات حق أو شخصية أو صفة أو منح يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وبغرامة من 1500 إلى 15.000 دينار".

س. زموش

 

من نفس القسم الوطن