الوطن
"أزمة" أرقام تعيشها الحكومة ؟!
في ظل غياب منظومة إحصائية متكاملة يمكن الاعتماد عليها واتخاذها كمرجع
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 09 سبتمبر 2018
• سراي: 80 بالمائة من الأرقام التي تقدمها مختلف الهيئات مغلوطة
يُصدم الجزائريون في كل مرة من الأرقام والإحصائيات التي تصدر على لسان بعض الوزراء في الحكومة، وتكون في كثير من الأحيان متناقضة تماما من هيئة إلى أخرى، خاصة تلك المتعلقة بالوضع الاقتصادي أو حتى بالوضع الاجتماعي، وتلك التي تكون مناسبتية تتعلق بأزمات اقتصادية واجتماعية، وتثير هذه التناقضات الكثير من التساؤلات عن الجهة المسؤولة عن تقديم أرقام للجزائريين، في ظل غياب منظومة إحصائية متكاملة يمكن الاعتماد عليها واتخاذها كمرجع.
وقد لا تقتصر هذه التناقضات على وزارة بعينها، بل تتعداها حتى إلى مؤشرات صحة الجزائريين، ومؤشرات عن الوضع الاقتصادي والاجتماعي وكذا مؤشرات عن التضخم والبطالة، حيث دائما ما يقع المسؤولون في تناقضات تثير الكثير من التساؤلات عن الجهة التي تضع هذه الأرقام، والتي إن لم تكن خاطئة فهي بعيدة عن الحقيقة، كما أنها قد تطعن في مصداقية الهيئات القائمة على الإحصاء.
• سراي: 80 بالمائة من الأرقام التي تقدمها مختلف الهيئات مغلوطة
وفي هذا السياق، يرى الخبير الاقتصادي، عبد المالك سراي، أنه على المستوى الاقتصادي فإن التناقض في الأرقام والإحصاء قد كبّد الجزائر خسائر بالملايير، في ظل غياب هيئة مكلفة بالتخطيط أو الاستشراف، معتبرا 80 بالمائة من هذه الأرقام غير جادة ولا تتطابق مع المقاييس الوطنية والدولية.
وقال سراي، في تصريح لـ "الرائد"، إن التناقض وغياب التنسيق بين الوزارات بات ظاهرة متفاقمة، خصوصا بين وزارت الصناعة، التجارة والفلاحة، التي يظهر من خلال الأرقام المقدمة أنها وزارات تعمل من دون تنسيق، رغم ارتباطها جميعا بالإنتاج والاستهلاك، ليتعدى الأمر حتى إلى وزارات أخرى كوزارة الصحة التي دائما ما تكون أرقامها بعيدة كل البعد عن الواقع الصحي للجزائريين.
وطالب عبد المالك سراي بضرورة الرجوع إلى وزارة التخطيط والاستشراف، بالنظر إلى أن نسبة النمو والإمكانات المالية تختلف من جماعة محلية إلى أخرى والتعامل معها يكون بدقة. وبخصوص عمل الديوان الوطني للإحصاء، أضاف محدثنا أنه لا يجب إنكار المجهودات المبذولة، لكن بعض الأرقام غير صحيحة ومشكوك فيها، بالنظر إلى أن هذه الهيئة غير مستقلة وتمارس عملها تحت الضغوطات لتحسين الرؤية لبعض القطاعات.
وأشار إلى أن إحصائيات الديوان كثيرا ما تصدم بالأرقام التي يقدمها المركز الوطني للإعلام الآلي والإحصائيات التابع للجمارك الذي يكشف عن حقائق وأخطاء تضمنتها تقارير ديوان الإحصاء، معتبرا أن تعدد الهيئات المكلفة بتقنية الإحصاء في الجزائر يجعل الديوان الوطني للإحصاء لا يتحمل المسؤولية الكاملة في الأرقام المغلوطة والمتضاربة في الاقتصاد، مضيفا أن هذه الأرقام هي أرقام عامة تعتمد والديوان الوطني ليس الهيئة الوحيدة المسؤولة عن تضارب الأرقام في الاقتصاد الوطني، طالما هناك العديد من الهيئات الإحصائية في الجزائر.
وطالب سراي بضرورة تصويب البطاقة الإحصائية الوطنية للجزائر باتخاذ عدد من الإجراءات التنظيمية والحزم القانونية الرامية إلى سن خارطة طريق وطنية مهنية وموحدة في مجال الإحصاء، وضبط الأرقام والمؤشرات الخاصة بمختلف القطاعات الوزارية والمؤسساتية، مشيرا أنه على المسؤولين في الوقت الحالي التفكير في رزنامة واسعة من العمليات الإحصائية عبر الوطن بغرض الخروج من دائرة التصريحات العشوائية وغير الدقيقة، الصادرة من حين إلى آخر من طرف بعض الهيئات، خاصة مع نية الحكومة مراجعة الدعم، ما يتطلب العديد من الأرقام الإحصائية الدقيقة.