الوطن

لهذه الأسباب يبقى العمل الخيري في الجزائر حكرا على شهر واحد في السنة !!

لا يزال ينحصر في طابع تقليدي موسمي ويسير بعشوائية

عرفت وتيرة العمل الخيري منذ بداية رمضان ارتفاعا كبيرا، حيث سجلت الجمعيات الخيرية عبر مختلف الولايات حضورا بارزا عبر المبادرات التي أطلقتها، منها قفة رمضان وإفطار الصائم وكسوة العيد، مع الأيام الأخيرة من هذا الشهر الفضيل، غير أن الإشكال الحقيقي ليس في حصيلة هذه الجمعيات وتقييمها، وإنما في بقاء العمل الخيري حكرا على رمضان والمناسبات الدينية فقط، فبمجرد انقضاء الشهر الفضيل تختفي هذه الجمعيات ويفتر نشاطها الذي من الواضح أنه ينحصر في طابع تقليدي موسمي، ما يطرح التساؤل لماذا لا يكون هناك عمل خيري طول السنة.

منذ بداية رمضان عرف نشاط الجمعيات الخيرية انتعاشا كبيرا وقد تجلى ذلك في المبادرات التي أطلقت على غرار قفة رمضان التي وزعتها الجمعيات ومطاعم الرحمة، وعمليات الختان الجماعي، حيث تحدت هذه الجمعيات الخيرية ارتفاع الأسعار وتدني الدخل الفردي عند الكثير من الجزائريين، وتمكنت من إيجاد مداخيل تسير بها عملياتها التضامنية، ما يعني أن التمويل لا يصبح في منسابات كهذه إشكالية إن تمت مضاعفة التسويق للعمل الخيري، وهو ما يقودنا للإشكالية الأساسية التي يعاني منها العمل الخيري، وهي المناسباتية، حيث يظهر نشاط الجمعيات خلال المناسبات الدينية فقط أبرزها شهر رمضان، في حين تغيب هذه الأخيرة بقية السنة عن مساعدة الفئات المحتاجة والتي بدأت رقعتها تتوسع بسبب الوضع الاقتصادي وانهيار القدرة الشرائية، وتحصي الجزائر حسب أرقام غير رسمية حوالي 100 ألف جمعية، 80 بالمائة منها موزعة على نشاطات الأحياء والتطوّع والأعمال الخيرية والرياضية، وهي ميدانيا، حسب رأي المتابعين لنشاطها،تمارس نشاطات تطوّعية غير منظمة وموسمية، ولا تخضع لأهداف إستراتيجية لها أبعاد مستقبلية لتقوية أدائها، بل أهداف قريبة المدى دون أي تخطيط، وهو ما جعل العمل التطوعي والإنساني حكرا على شهر واحد في السنة وأدى لانحصاره في طابع تقليدي موسمي.

 

إلياس فيلالي: العمل الخيري لا يزال مجرد هواية بعيدا عن أي استراتيجية

 

وفي هذا الصدد، اعترف أمس رئيس جمعية "ناس الخير"، إلياس فيلالي، في تصريح لـ"الرائد"، أن العمل الخيري في الجزائر لا يزال بدائيا وموسميا ويسير بعشوائية، مشيرا إلى عدة عوامل ساهمت في ذلك منها غياب ونقص تكوين المتطوعين بشكل يجعل هذا الأخير يعمل الخير على أساس رؤية وليس هواية وبشكل متواصل وغير مناسباتي. فالتدريب، حسب فيلالي، أهم من النوايا الحسنة. 

من جانب آخر،أشار ذات المتحدث لإشكالية غياب الأطر القانونية المصاحبة للعمل الخيري، مشيرا أن هذا الأخير ليس منظما بقوانين، ما جعله يغرق في الفوضى، وهو ما انعكس على ديمومته حيث تجتهد أغلب الجمعيات الخيرية في رمضان فقط في حين تغيب بقية السنة، ليضيف أن آخر الأسباب تتعلق بالتمويل، رغم أن هذا الأخير يمكن أن يحل إن كان هناك تسويق جيد للجمعيات الخيرية، بحيث تفرض نفسها وتصبح قادرة على استقطاب التبرعات بشكل أسهل. 

واعتبر فيلالي أن الجمعيات الخيرية لا تنتظر الدعم المادي من الدولة لأنها ليست فرعا للإدارة وإنما تطمح لعدم عرقلة مساعيها والرعاية التي يمكنها تنظيم هذا المجال، بشكل يمكن الجمعيات من العمل في ظروف أحسن، مقترحا استحداث ما يعرف بـ"خاصية النفع العام" لكل جمعية تتوفر فيها شروط النشاط وتكون واضحة وشفافة،كأن تستفيد هذه الجمعيات من منشآت الدولة مجانا عند تنظيمها للملتقيات والأيام التحسيسية والتضامنية، وهو ما يمثل دعما غير مباشر. 

من جانب آخر قال فيلالي أن النظرة العامة تجاه العمل الخيري لا تزال قاصرة وتختزل هذا الأخير في المناسبات فقط، ما يصعب من عمل الجمعيات ويحد من مساعي ديمومتها، مضيفا أن الرؤية عموما نحو هذا العمل ما تزال قاصرة في الجزائر لدى الكثير من الشرائح، حيث ينظر إلى العمل الخيري على أنه مناسباتي أو عمل عاطفي، وهو ما يتناقض مع المفهوم الحقيقي للعمل الخيري التنموي.

س. زموش
 

من نفس القسم الوطن