الوطن

90 بالمائة من تربصات الأساتذة والباحثين عبارة عن رحلات سياحية فقط

تقرير يدعو إلى فصل البحث العلمي نهائيا عن المسار المهني والترقوي للأستاذ

دعا المجلس الوطني لأساتذة التعليم العالي "الكناس"، الجهات العليا إلى تقسيم وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى وزارتين، وزارة للتعليم العالي، ووزارة للبحث العلمي، من أجل فصل البحث العلمي نهائيا عن المسار المهني والترقوي للأستاذ الجامعي، خاصة أن البحث العلمي في الجزائر يشهد ضعفا كبيرا، ولن يتطور ما دامت الوصاية تربطه بملف ترقية مهنية.

وبناء على مقترح كتابي للكانس، "فانه يتعين تخصيص ميزانية خاصة فقط بالبحث العلمي، وتشجيع الأساتذة الذين يريدون التفرغ للبحث العلمي، بإعفائهم من الأعباء البيداغوجية وتفرغهم فقط للبحث العلمي، وبالتالي من أراد التفرغ للجانب البيداغوجي ينتسب لوزارة التعليم العالي، ويتفرغ الأستاذ المؤطر لتعليم الطلبة، وتكون ترقيته في الرتبة بحسب إنتاجه البيداغوجي من تدريس ومطبوعات وإشراف...الخ، ومن أراد التفرغ للجانب العلمي البحثي، ينتسب لمراكز ومخابر البحث العلمي، التي تسحب من وزارة التعليم العالي وتلحق بوزارة البحث العلمي، ويتفرغ الأستاذ الباحث للبحث العلمي والإنتاج العلمي، وتكون ترقيته في الرتبة بحسب إنتاجه العلمي من مقالات ومؤلفات وابتكارات....الخ.

وأوضح في هذا الشأن ممثل "الكناس" عبد الحفيظ ميلاط، "أن ما تعرفه الجامعة الجزائرية هو ظلم كبير لفئة كبيرة، حيث تعطي كل جهدها للجانب البيداغوجي وتهمل الجانب البحثي، ولأن الترقية تقوم بالدرجة الأولى على الإنتاج العلمي فإنها تظل في رتبتها من دون ترقية، في المقابل، توجد فئة ثانية تتفرغ للجانب العلمي على حساب الجانب البيداغوجي الذي تهمله، وتكون في سباق مع الزمن للترقية في الرتب العلمية.

وأكد على أهمية فصل العمل البيداغوجي عن العمل البحثي العلمي للأستاذ الجامعي، مستفهما: "هل يوجد بحث علمي حقيقي منشئ للثروة القومية في الجزائر؟ أم نحن أمام أوراق بحثية غرضها الأوحد خدمة المسار المهني للأستاذ الجامعي؟ أليس من الظلم حصر البحث العلمي في كرنفالات نسميها ملتقيات علمية، الغرض الوحيد والأول والأخير منها الحصول على شهادات مشاركة، لنضعها في الأخير في ملف ترقية مهنية؟.

وتساءل أيضا: "أليس من الظلم حصر البحث العلمي في مقالات ننشرها في مجلات نسميها علمية ومحكمة، والغرض الوحيد منها هو نفس الغرض أعلاه؟"، مضيفا: "هل سمعنا يوما عن مقترحات ملتقى علمي أو مقالات منشورة في مجلات جزائرية، أسهمت ولو بشيء قليل في تطوير البحث العلمي وتطوير النسيج الاقتصادي أو الصناعي في الجزائر؟!

وقال صاحب التقرير "أنه على الجميع الاعتراف بأن 90٪ مما يعرف بتربصات التكوين في الخارج التي تستنزف مبالغ كبيرة من العملة الصعبة، هي في الحقيقة عبارة عن رحلات سياحية لمعظم الأساتذة والباحثين، وهي الرحلات التي لم تستثن حتى الموظفين الذين لا علاقة لهم بالبحث العلمي، قائلا: "يجب أن نعترف، فنحن جميعا نشارك في استنزاف الثروة عوض خلقها".

وأوضح: "أن فصل البحث العلمي عن العمل البيداغوجي لا يعني فصل الأستاذ الجامعي الذي اختار المسار البيداغوجي عن مساره العلمي، بل سيكون هذا المسار ملزما له، لكنه سيمارسه لغرض البحث العلمي في ذاته، وليس بغرض الترقية في الرتبة".

وأشار أن بعض الأساتذة أصبحوا في صراع غير علمي مع البحث العلمي، حيث الكثير يسارع الوقت والزمن للنشر في المجلات والمشاركة في الملتقيات بغرض واحد هو الترقية المهنية، ويبقى البحث العلمي هو آخر شيء يفكر فيه معظم الأساتذة، وهذا ما حول الملتقيات العلمية إلى كرنفالات لتوزيع شهادات المشاركة، وحول المجلات العلمية إلى تجمعات عائلية بعيدة كل البعد عن حقيقة البحث والنشر العلمي.

وحسب ذات المتحدث: "إن آينشتاين عندما نشر مقالاته العلمية التي غيرت مسار الكون، لم يكن أستاذا جامعيا بل كان مجرد موظف في مصلحة البريد، ولذا فإنه يجب إبعاد البحث العلمي عن بيروقراطية الترقية المهنية".

سعيد. ح

 

من نفس القسم الوطن