الوطن

إطلاق صفارة الإنذار من توحيد اللهجات الأمازيغية واستحداث لغة واحدة

مختصون يحذرون من الوقوع في فخ استحداث لغة لا يفهمها الكثيرون

حذر مختصون في علوم اللسانيات والترجمة من الوقوع في فخ "توحيد مختلف لهجات الأمازيغية، القبائلية، الشاوية والميزانية وغيرها، من أجل استحداث "لغة موحدة لن تفهم ولن يتكلمها أي كان، وهو يعد أحد التحديات المطروحة حاليا على الأسرة العلمية..".

و شدد هؤلاء، عشية إحياء ذكرى الربيع الأمازيغي المصادف 20 أفريل، على ضرورة القيام بعمل "ضبط" اللغة الأمازيغية الذي يسمح لها بالاندماج في مختلف مؤسسات الدولة والمجتمع، مع ضرورة كتابتها بحروفها الخاصة، مؤكدين أن دسترة اللغة الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية تضع الجزائر أمام تحد أكاديمي من أجل تجسيد هذه الصفة.

وأوضح الأستاذ في علوم اللسانيات وعلوم الترجمة ومدير المركز الوطني البيداغوجي واللساني لتعليم الأمازيغية، دوراري عبد الرزاق، أن هذا التقدم "يضعنا اليوم أمام تحديات تطرح أمام باحثين مدعوين لتحمل مسؤولياتهم كليا في القيام بعمل في إطار النظريات العلمية والمناهج النوعية لتدريسها".

وقال المتحدث أنه من الضروري القيام بعمل "ضبط" اللغة الذي يسمح لها "بالاندماج في مختلف مؤسسات الدولة والمجتمع"، مضيفا أن عمل البحث هذا "يدور بطبيعة الحال حول الأكاديمية المستقبلية للغة الأمازيغية التي سيتم تعزيزها بقانون يسمح لهذه المؤسسة بالقيام "فعلا بالبحث العلمي والعمل كمرجعية في هذا المجال".

كما أضاف قائلا "يتم بالجزائر التكلم بلغتين وطنيتين وهما "العربية باللهجة الجزائرية" والأمازيغية (بمختلف أنواعها) وأنه من غير العادي أن تتعدى الواحدة على الأخرى أو استحداث لغة مصطنعة يتم فرضها، بما أن كل منطقة من بلدنا لها تنوعها الخاص ولغتها الأم المتمسكة بها".

ولدى التطرق لمسألة الحروف التي يجب اعتمادها لكتابة اللغة الأمازيغية، أكد الباحث في المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ، ياسين سيدي صالح، أن "اللغة تكتب بحروفها الخاصة"، متسائلا عن سبب كون مسألة الكتابة لم تطرح على اللغات الأخرى المدرسة في الجزائر، حيث قال أن "تعليم الأمازيغية يجب أن يكون بالتيفيناغ كما أن الباحثين سيكونون أحرارا في استعمال الحروف التي تناسبهم (لاتينية أو عربية)".

وأشاد دوراري بأحد رواد اللغة الأمازيغية مولود معمري، مشيرا إلى أن هذا الكاتب وعالم الاجتماع قد قام بعمل "نضالي" لإبراز أن "البربرية هي الأساس الذي شيدت عليه الهوية الجزائرية"، في وقت اعتبر أن العمل الأنثروبولوجي والأدبي لمعمري "يجب الإشادة به بطريقة خاصة"، غير أن عمله اللغوي يطرح إشكالا كون هذا الأخير لم يكن عالما في اللسانيات، معترفا بأنه قام بعمل رائد يتوجب على المختصين الآخرين تحسينه.

وشكل مطلع سنوات التسعينيات من القرن الماضي بداية مسار الاعتراف الرسمي باللغة الأمازيغية كلغة وثقافة وهوية، أولا بافتتاح قسم اللغة والثقافة الأمازيغية بجامعة تيزي وزو سنة 1990 ثم ببجاية سنة 1992 اللتين كانتا تسمحان للبحث بالتطور وباقتراح أطروحات ومذكرات حول اللغة والثقافة والمجتمع، منتجين قدرا هاما من الوثائق في مجال البحث.

وخلال مرحلة الاعتراف الرسمي، ذكر دوراري بالفترة "النوعية" التي بدأت مطلع الألفية الثانية عن طريق دسترة اللغة الأمازيغية سنة 2002 لغة وطنية إلى أن أصبحت رسمية في الدستور المعدل في فيفري 2016.

وختم ذات الباحث بالقول: "كانت هاتان المرحلتان حاسمتين لأن الأمازيغية دخلت من أوسع الأبواب في الثقافة الجزائرية، كما أن الدولة قد تصالحت مع هويتها المغاربية الأمازيغية بعد ترسيم الأمازيغية وإدراج يناير عيد رأس السنة الأمازيغية في رزنامة الأعياد الوطنية مدفوعة الأجر".

سعيد. س

 

من نفس القسم الوطن